يتّفق معظمنا أنّ الجيل الجديد من الطلّاب يصعب تحفيزه للتعلّم وكسب المعرفة بالطرق التقليديّة التي اعتدنا عليها في السابق، فإن لم يكن لدى الطالب الدافع الكافي، سواء كان دافعًا داخليًّا أو خارجيًّا، للدراسة والفضول المعرفيّ، فلن يتحقّق التعلّم الذي ينشده المعلّمون وأولياء الأمور والنظام التعليميّ ككلّ.
يمكن للمدرِّس أن يلعب دورًا محوريًّا في تشجيع وتحميس طلّابه مع صعوبة المهمة، فواقع الحال يقول أنّ كلّ متعلّم يحتاج منّا إبداع طريقة خاصّة به لخلق نوع من الدافعيّة للتعلّم لديه، فأكثر المعلّمين خبرة يجتازون أوقاتًا عصيبة في رحلة بحثهم عن الفصل الدراسيّ المتحمّس والمتشوّق إلى العلم.
المعلّم الناجح هو من يحاول تطوير نفسه والارتقاء بمستوى فصله، ولذلك سيحتاج بعضًا من الأفكار في تحفيز الطلّاب واستدراجهم لحبّ العلم والتعلّم، وهُنا سأذكر بعضًا منها:
التعرّف على الطلّاب
وليس المقصود هُنا معرفة اسم كلّ طالب، بل التعرّف على هواياته وإنجازاته وما يحبّ وما يكره، فذلك يمنحه ثقة عالية في نفسه، ويؤثّر إيجابًا على سلوكيّاته داخل الفصل، بالتالي عمليّة تعلّمه.
هُنا من الممكن تحفيز الطلبة والتعرّف عليهم في آنٍ من خلال استخدام ملامح المتعلّم كوسيلة لترسيم قيم معيّنة خلال الحصص، على سبيل المثال، أنتَ تتساءل لكونك فضوليّ، وتشاركيّ لكونك شاركت معلومات مُختلفة مع الزّملاء، ومتواصل وناقل للمعرفة... وهكذا. ويمكن البناء على هذا الأمر عن طريق إنشاء جائزة أسبوعيّة بعنوان "ملمح المتعلّم"، ومن ثمّ مراقبة نشاط الطالب وتفاعله في كلّ حصّة، وتحفيزه على اكتساب نقاط تخوّله للحصول على شهادة "ملمح المتعلّم"، وتحميل صورته مع شهادة الجائزة على منصّة المدرسة، كنوعٍ من توثيق عمليّة التعزيز.
منح الطالب إحساسًا بالمسؤوليّة
دع المتعلّمين يسيطرون على طريقة تعلّمهم، واترك لهم حرّيّة اختيار المهام والواجبات التي يريدونها. لا ننسى، أيضًا، أنّ الفصل مجتمع مصغّر، لذا، فإنّ من الجيّد أن يشعر الطالب بأهمّيّته داخل الفصل، فتزيّين القسم والاعتناء بالنباتات كلّها أمور تُشعره بالمسؤوليّة.
تحديد الأهداف
من الضروريّ تحديد الأهداف من المهام المنوطة بكلّ طالب بوضوح، فهو يحتاج إلى معرفة ما يُتوقّع منه حتى يبقى متحمّسًا لإكمال المهمّة على أحسن وجه. حاول، إذًا، جرد لائحة بأهداف قصيرة وطويلة المدى.
خلق جوّ من المنافسة الشريفة
المنافسة داخل الفصل الدراسيّ يمكن أن تكون شيئًا إيجابيًّا إذا ما تمّ توظيفها بشكلٍ تربويّ يخدم الأهداف المتّفق عليها مسبقًا. في بعض الحالات، يُمكن تحفيز الطلاب على بذل جهد أكبر، والتفوّق عن طريق تطبيقات تعليميّة، مثلًا، أو ألعاب جماعيّة.
يمكننا القيام بتكليف الأطفال بمهام تتناسب مع فئتهم العمريّة، وأيضًا مع فروقاتهم الفرديّة، بهدف تحفيزهم وتشجيعهم وتعزيز الثقة بأنفسهم. إنّ فكرة تكليف الطفل بمهمّة هي إنجاز بالنسبة له، وتشعره بالمسؤوليّة، مع دعمه ومتابعته.
تغيير فضاء التعلّم
لا يمكنك كمعلّم الجلوس وراء مكتبك وانتظار نتيجة مبهرة داخل الفصل، الطلاب بحاجة للتجديد المستمرّ، يمكنك القيام برحلات ميدانيّة، أو عرض أفلام وثائقيّة، أو فقط القيام ببحث جماعيّ في مكتبة المدرسة، كلّ ذلك كفيل بتحفيز المتعلّم، وخلق جوّ من المرح والمتعة المفيدة.
الحوار والنقاش
يمكن استغلال بعض الحصص الدراسيّة لمناقشة بعض مكامن الخلل والضعف، التي قد تخلق نوعًا من الإحباط لدى المتعلّمين، فالوقوف عندها، والبحث عن سبل تجاوزها، كفيل بإعطاء الجميع إحساسًا بالأمل وإمكانيّة النجاح.
خلق بيئة تعلّم آمنة
يحتاج الطلاب إلى التعلّم بأمان، فالخوف من الإخفاق وعواقب الرسوب، قد يؤدي إلى تعثّرات لا تحمد عقباها على المدى البعيد. يستحسن، إذًا، تشجيع الطلّاب والإيمان بقدراتهم على تجاوز الصعوبات، وإعادة المحاولة عند "الفشل" مع دعمهم نفسيًّا واجتماعيًّا.
استخدام التكنولوجيا
تكلّمنا مرارًا عن أهمّيّة دمج التكنولوجيا في التعليم، وتأثيراته الإيجابيّة إذا ما تمّ استخدام هذا الدمج ضمن إطار ومنهجيّة منظّمة، ليس بالضرورة أن يستغني المعلّم عن الورقة والقلم، لكن أن يحاول الاستفادة، كلما سنحت الفرصة، مما توفّره التكنولوجيا في هذا المجال.
إنّ هذه الأفكار وتداولها داخل الفصل المدرسيّ يوثّر إيجابيًّا على الطلبة، ويخلق روح العمل والمثابرة بينهم، كما يوثّر على المعلّمين إيجابيًّا كذلك، ويضفي روح التجديد دائمًا.