قيادة المدرسة في حالات الطوارئ
قيادة المدرسة في حالات الطوارئ
2024/05/26
جميلة حسن الغول | اختصاصيّة اجتماعيّة ومشرفة ميدانيّة- فلسطين

الأوقات الصعبة لن تخلق قادة، بل تُظهرُ لك أيّ نوع من القادة أنت بالفعل.

 

القيادة المدرسيّة في حالات الطوارئ هي القوّة الدافعة إلى بقاء التعليم واستمراره، لأنّها تؤثّر في سلوكيّات الطلبة، وتسهم في زيادة الاتّجاهات الإيجابيّة للطلبة والمعلّمين للمدرسة. وتساعد أيضًا في بناء بيئة مدرسيّة إيجابيّة تعزّز الثقة بين أفراد المنظومة التعليميّة، بما في ذلك الآباء والأمّهات، من خلال توفير التوجيه والإلهام والتحفيز اللازم للصمود والاستمرار، وتحقيق رؤية المدرسة ورسالتها. وعُرّفت القيادة في كثير من الأدبيّات التربويّة على أنّها فنّ أو عمليّة التأثير في الأشخاص؛ لأداء المهامّ الموكلة إليهم عن طيب خاطر وبفاعليّة وكفاءة. وتعتمد على التواصل الفعّال والمفتوح، والتوجيه المناسب، والاستماع إلى المشاعر والمخاوف، وتقديم الدعم اللازم والإرشادات السليمة، وتوفير بيئة داعمة، وحماية الصحّة النفسيّة والعاطفيّة للجميع، فيشعر كلّ من له علاقة بالمدرسة، من معلّمين وأولياء أمور وطلبة وإداريّين، أنّهم جزء منها، ويبذلون قصارى جهدهم للعمل بمرونة من أجل حماية الآخرين والصمود.

وتعرِّف الدراسات "حالات الطوارئ" التي تؤثّر في التعليم بأنّها: جميع الحالات التي تدمّر فيها، في غضون فترة قصيرة من الزمن، ظروف الحياة المعتادة، ومرافق الرعاية، والمرافق التعليميّة للأطفال. وبالتالي، تعطيل إعمال الحقّ في التعليم، أو تحرمهم منه، أو تعيق التقدّم فيه، أو تؤخّره، سواء كان ذلك من صنع الإنسان أو الكوارث الطبيعيّة. وقد يكون سبب هذه الحالات عدّة أمور أخرى.

 

ما دور مدير المدرسة في حالات الطوارئ؟

تواجه المدارس في حالات الطوارئ تحدّيات نفسيّة واجتماعيّة، تؤثّر سلبًا في الأفراد داخل المدرسة. وفي وضع غير مستقرّ، أو مضطرب ومتوتّر، يكون دور مدير المدرسة في غاية الأهمّيّة، فلا تمكن رؤية المدرسة من دون إدارة قادرة على اتّخاذ قرارات عاجلة وهامّة تحمي الآخرين. وعلى هذه القرارات أن تكون مدروسة وعلميّة وعمليّة وموضوعيّة، بهدف توفير مكان آمن للأطفال، ومنحهم صوتًا للتعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم، مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح الطلبة والمعلّمين، وتعزيز فرص التعلّم للطلبة ودعمهم، كي يحافظوا على روتينهم اليوميّ، ويتعلّموا ويلعبوا في أمان. كلّ ذلك مع تذكير الطاقم التعليميّ والعاملين بإنجازاتهم، وتشجيعهم على وضع أهداف قصيرة المدى قابلة للتحقيق.

ومن أهمّ التحدّيات التي تواجهها المدرسة ضمان استمراريّة التعليم في ظلّ الأوقات الصعبة، وتوفير مناخ آمن للطلبة وللعاملين. كما يتطلّب الأمر أيضًا عمليّة تفكير خلّاقة، وابتكار استراتيجيّات جديدة للتعلّم عن بُعد، بما يتلاءم ووضع الطلبة، وتقديم دعم لهم وللمعلّمين خلال هذه الفترة.

يحتاجُ ذلك إلى فكر سريع ونيّر وقياديّ يساعد في تقليل المخاطر، ويخفّف من حدّة الخوف والقلق والهلع الذي يحدث أثناء حالات الطوارئ. ولذلك، هناك حاجة كبيرة إلى أن يكون لدى الإدارة المدرسيّة فريق عمل، يمتلك مهارة التعاون، والعمل ضمن فريق، ويمتلك الصبر والجلد. وبذلك، ستكون المدرسة قادرة على تقديم استجابة سريعة وفعّالة لحالات الطوارئ غير المتوقّعة. ولتجاوز هذه التحدّيات، يحتاج المدراء إلى الابتكار، والتعاون مع عدّة أطراف في المجتمع التعليميّ، بما في ذلك الطلبة والمعلّمون وأولياء الأمور. والسؤال هُنا ليس: هل سأواجه حالات الطوارئ؟ ولكن: كيف يمكنني إدارة الحالة بشكل أفضل؟ ويكون الجواب من خلال خلق بيئة، يتمكّن فيها المعلّمون والطلبة من تخطّي الحالة بأمان وثقة، فالقائد الحكيم سوف يكرّس نفسه لتعلّم كيفيّة القيام بذلك. وتتطلّب حالات الطوارئ من المدير مهامّ أكثر من الأوقات العاديّة بطبيعة الحال، ومنها:

1. أن يمتلك المدير مهارات توجيهيّة واضحة، وقدرة على تحليل المخاطر وتقييمها. كما يجب أن تكون لديه القدرة على مواجهة المشاكل بحزم، واتّخاذ القرارات الصعبة والحاسمة. ويجب أن يكون المدير ملمًّا بالإجراءات الصحّيّة، والاحتياطات اللازمة للحفاظ على صحّة الجميع وسلامتهم. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على المدير زيادة الاتّصال والتواصل مع المعلّمين والطلبة وأولياء الأمور، لتقديم الدعم والتوجيه.

2. أثناء الحالة، يتطلّب إشراك فريق الأزمات إلى جانب المعلّمين والطلبة لتوضيح الموقف، واطلاعهم على خطّة العمل المعتمدة خلال حالات الطوارئ.

3. التعاون مع الفريق، وتفويض الأنشطة والمسؤوليّات إلى من يثق بقدراتهم، كلٌّ حسب موقعه.

4. يجب أن يكون القائد موجودًا، ويظهر التعاطف تجاه الفريق والطلبة.

5. يكون القائد مستعدًّا للتواصل الجيّد، وتقديم معلومات صادقة وصحيحة.

 

ختامًا، يجب أن يتمتّع قائد المدرسة بحسّ الابتكار، ما سيمكّنه من البحث عن حلول جديدة للتقليل من التأثيرات السلبيّة التي تنتج عن الحالة الطارئة، والتي تتطلّب تعاملًا سلسًا وفعّالًا مع كافّة الجهات المعنيّة لطمأنة الطلبة والمعلّمين، وخصوصًا من سيتعرّض منهم إلى نوبات هلع وتوتّر.