عن فداء
عن فداء
2024/09/25
أسماء رمضان مصطفى | مُعلّمة لُغة إنجليزيّة- فلسطين

تتأنّق فداء، الطفلة الجميلة في مخيّمنا، كثيرًا قبيل موعد انعقاد جلستنا التعليميّة، حيث تحضر مع خالتها التي تُوصلها إليّ تمام الخامسة مساءً كلّ يوم. تفوح من فداء رائحة العطر الأنيق كما هي، بينما تُخبئ يدها اليسرى المبتورة بسبب إصابتها في قصف عنيف، زلزل محيط نزوحها ذات ليلة.

تقول فداء: "استيقظت بعد القصف ولم أجد يدي، بحثتُ عنها في كلّ مكان ولم أجدها حتّى الآن. يبدو أنّها دُفنت مع أشلاء الشهداء في مقبرة ما". تكمل حديثها بحسرة، قائلةً إنّها تشتاق لوالدتها المصابة إثر القصف ذاته، في تلك الليلة السوداء.

بعد شهور طويلة من الانتظار، كنّا جميعًا في استقبال والدة فداء العائدة من المشفى. شاهدتها تحتضن أمّها بحرارة، وكانت تنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر. كانت في قمة السعادة والفرح. "لم تكن أمي تعرف أنّ يدي مبتورة"، تقول فداء.

لكنّ الفرح تحول بغتةً إلى حزن عميق هزّ كياني وأوجعني قهرًا، "أمّي لم تعد تراني، فقدت بصرها بالكامل"، تقول فداء، بينما تنهمر دموعها.