تؤدّي الدافعيّة الدور الأهمّ في مثابرة الإنسان على إنجاز عمل ما، وربّما كانت المثابرة من أفضل المقاييس المستخدمة في تقدير مستوى الدافعيّة عند الإنسان. وللدافعيّة بهذا المعنى أربع وظائف رئيسة، وهي استثارة السلوك، وترسيم مستويات الطموح، والتوجيه نحو المعلومات المهمّة التي وجب الاهتمام بها ومعالجتها، والمثابرة على الأداء الجيّد. ومن الملاحظ أنّ المتعلّمين المدفوعين إلى التعلّم هم أكثر المتعلّمين تحصيلًا، وأفضلهم أداءً.
ولتحريك الكوامن الداخليّة لدى المتعلِّم وتحفيزه، على المعلّم أن يحترم المميِّزات الجسميَّة، والنفسيَّة، والفكريَّة، والمعرفيَّة للمتعلِّمين في كلّ مرحلة معيَّنة، ومراعاة التدرُّج، بشكل يُتيح للمتعلِّم الاستعمال الأمثل لإمكاناته الجسميّة والذهنيّة. وبرمجة الأنشطة الفصليَّة والمندمجة في الأوقات الملائمة من الناحيتين، البيداغوجيّة والعمَليَّة، والتي يكون فيها المتعلِّم مهيَّئًا لبذل المجهود الذي يقتضيه إنجازُها.
تتمحور إثارة دافعيّة المتعلّم حول أربع نقاط أساسيّة، تتمثل في إثارة اهتمام المتعلّمين بالمعلومات التي ستعرض، وحصر انتباهم فيها، والمحافظة على بقاء هذا الانتباه، بالإضافة إلى مشاركة المتعلّمين، واندماجهم في الأنشطة. ولتحقيق ذلك يمكن اتّباع عدد من الإجراءات الآتية:
- جعل المتعلّم يشعر بقدرته على التعلّم، من خلال الرسائل التي ينقلها المعلّم إليه، معربًا له عن ثقته بقدراته ورغبته في التعلّم.
- ربط المحتوى التعليميّ بحاجات المتعلّمين، في الوقت الراهن والمستقبل.
- إعلام المتعلّمين بالخطوات الواجب اتّباعها عند أداء المهمّة، والوقت المخصّص لإتمامها.
- تنويع الطرائق والأنشطة التعليميّة، مع مراعاة تحقيق الأهداف التعلّميّة المتوخّاة، والفروق الفرديّة بين المتعلّمين، والاعتماد على التفاعل بين المتعلّم والمعلّم، وبين المتعلّمين أنفسهم، كالمناقشة والعصف الذهنيّ، وحلّ المشكلات، ولعب الأدوار وغيرها.
- تنويع الوسائل الحسّيّة للإدراك، وذلك لإغناء تعلّم المتعلّمين، ولمراعاة الأنماط المختلفة، كالسمعيّة والبصريّة وغيرها.
- مراعاة المعلّم لاحتياجات المتعلّمين العقليّة والاجتماعيّة والنفسيّة، كالتحصيل والانتماء والمساعدة والاستقلاليّة.
- مساعدة المتعلّم على فهم مبدأ المسؤوليّة الفرديّة.
- اعتماد الحوار التربويّ مع المتعلّم لمساعدته على فهم ما يحفّزه وما لا يحفّزه.
- تشجيع المتعلّمين على توظيف أخطائهم، وذلك من خلال تحليلها، وتحديد مواطن الضعف، ومن ثمّ العمل على معالجتها.
- اعتماد التغذية الراجعة الإيجابيّة، وذلك من خلال النظر إلى الأداء غير الملائم على أنه مشكلة قابلة للحلّ، وليس غاية للنقد.
- تنمية قدرة التحكّم الذاتيّ لدى المتعلّم، واستخدام الإدارة الذهنيّة التي تعمل على تنشيط المراقبة الذاتيّة لديه لبلوغ النجاح.
وما إلى ذلك من وسائل زيادة الدافعيّة، على أن تكون في بداية الدرس وخلاله، وكل ذلك يؤدّي إلى الاستعداد والتركيز، والاهتمام بموضوع مجال الدراسة، ويكون المتعلّم حينها أكثر قابليّة للمشاركة في الموقف، وأكثر حيويّة ونشاطًا، ويكون بذلك المعلّم قد هيّأ المتعلّمين للتعلّم، وجعلهم أكثر استعدادًا له. ولعلّ اتّخاذ المعلّم لهذه المبادرات التعليميّة يعدّ أمرًا ضروريًّا، لجذب انتباه المتعلّمين إلى الدرس الذي سيقدّمه، ولتحويل فكرهم إلى موضوع الدرس الجديد.
في المحصّلة، تسعى الدافعيّة إلى تواصل اندماج المتعلّمين في التعلّيم، وهي تحدّد الاتّجاه والفعاليّة لتعلّمهم، فالدافعيّة هي طاقة تحرّك المتعلّم، والمرشدة إلى تحقيق هدفه، لإشباع حاجته.