تحضير الطفل الأكبر للمولود الجديد
تحضير الطفل الأكبر للمولود الجديد

الترحيب بمولود جديد وقت يبعث على الفرح في قلوب أفراد العائلة، لكن لو تأمّلت جيّدًا، ستلاحظ ابتسامة متوجّسة، يطغى عليها القلق والتوتّر من وصول الضيف الجديد، ترتسم على وجه الطفل الأكبر. وصول شقيق أصغر قد يعني غالبًا أنّ طفلك الأوّل سيضطرّ إلى التكيّف مع مشاركة اهتمام الوالدَين، والمساحة، والعاطفة. ومع أنّ هذا التغيير يمكن أن يكون ممتعًا، إلّا أّنه قد يكون مربكًا، أو حتّى مرهقًا لطفلك الأكبر، إذا لم يتمّ التعامل معه بعناية.  

يعدّ إعداد طفلك لشقيق جديد، أحد أهمّ الخطوات في تعزيز علاقة الأخوّة الإيجابيّة، وضمان بيئة منزليّة متناغمة. في هذا المقال، سنستكشف استراتيجيّات لمساعدة طفلك على التكيّف مع وجود طفل جديد في العائلة، وأبرز التحدّيات الشائعة التي قد يواجهها.

 

لماذا إعداد طفلك للمولود الجديد أمر مهمّ 

الصورة التي يكوّنها طفلك الأكبر عن وصول شقيق جديد، يمكن أن يكون لها تأثير طويل الأمد في علاقته بالطفل وشعوره تجاهه. تشير دراسة نشرت في مجلّة علم النفس العائليّ (2014)، إلى أنّ كيفيّة تعامل الوالدَين في تقديم شقيق جديد للطفل الأكبر، تؤثّر بشكل كبير في سلوك الأطفال، وتكيّفهم العاطفيّ مع التغيير الجديد. وأشارت الدراسة إلى أنّه عندما يشعر الأطفال الأكبر سنًّا بالاندماج في العمليّة، ويتلقّون الدعم المستمرّ، فإنّهم يكونون أكثر قدرة على تطوير رابطة محبّة مع شقيقهم الجديد، وإظهار مشاكل سلوكيّة أقلّ. 

ومع ذلك، إن لم تقم بتحضير طفلك بالطريقة المناسبة، فقد يشعر بالإهمال أو الغيرة، وهي مشاعر يمكن أن تتجلّى في نوبات الغضب، أو التعلّق الزائد بالوالدَين، أو أحدهما، أو السلوكيّات الرجعيّة، مثل التبوّل اللاإراديّ أو مصّ الإبهام. لذلك، فإنّ اتّخاذ خطوات استباقيّة لإشراك طفلك، وجعله يشعر بالأمان، يمكن أن يقلّل من هذه التحدّيات، ويساعد في خلق علاقة إيجابيّة بين الأشقّاء. 

 

طرق تحضير الطفل الأكبر للمولود الجديد 

ابدأ في التحضير مبكّرًا 

يُعدّ إشراك طفلك الأكبر سنًّا في العمليّة في أقرب وقت ممكن، من أفضل الطرق لمساعدته في التكيّف. 

قم بإخباره عن أخيه/ أخته بأسلوب يتناسب مع عمره؛ فإذا كان طفلك في عمر من 1 إلى 3 سنوات، يمكنك أن تجعل الشرح بسيطًا وقريبًا من قلبه. مثل أن تقول: "ينمو الطفل في بطن أمك، وقريبًا سيكون لديك أخت أو أخ صغير للّعب معه!".  

أمّا الأطفال في سنّ ما قبل المدرسة (من 3 إلى 5 سنوات)، فقد يكون لديهم المزيد من الأسئلة حول الطفل، مثل أين سينام، أو كيف سيلعب. استخدم الكتب أو مقاطع الفيديو المناسبة لأعمارهم، لمساعدتهم في فهم معنى وجود شقيق. وبالنسبة إلى الأطفال الأكبر سنًّا (من 6 سنوات فما فوق)، فيمكنهم استيعاب المفاهيم المباشرة والصريحة، وقد يعبّرون حتّى عن مخاوفهم، مثل كيف سيؤثّر وجود الطفل في روتينهم اليوميّ أو اهتمامك بهم. لذلك من المهمّ أن تكون منفتحًا للإجابة عن أسئلتهم بصدق. 

ساعد طفلك في فهم كيف ستكون الحياة مع الطفل الجديد. اشرح له أنّ الأطفال يبكون وينامون كثيرًا، ويحتاجون إلى الكثير من الرعاية. أخبره أنّه على الرغم من أنّ الطفل قد لا يكون قادرًا على اللعب على الفور، إلّا أنّه سيكبر، وسيصبح أقرب إليه، وسيستمتع بقضاء الوقت معه. 

 

أشرك طفلك في عمليّة التحضير 

يساعد إشراك طفلك في الاستعدادات للطفل الجديد في شعوره أنّه جزء مهمّ من هذا التغيير. 

  • - دعه يساعد في اختيار الأغراض الجديدة للطفل: اصطحب طفلك للتسوّق، ودعه يختار لعبة صغيرة أو ملابس لشقيقه الجديد. هذا سيجعله يشعر بالاندماج، ويعطيه شيئًا يتطلّع إلى حصوله. 
  • - أخبره عن دوره: أكّد على أنّه سيكون أخًا أو أختًا أكبر، وامنحه شعورًا بالمسؤوليّة. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "ستكون مساعدًا رائعًا لنا في العناية به، وسيحبّ الطفل وجودك حوله". 
  • - جهّزا مساحة الطفل معًا: أشرك طفلك الأكبر في تجهيز غرفة الأطفال، أو تنظيم أغراض الطفل الجديد. على سبيل المثال، اطلب منه المساعدة في وضع ملابس الطفل في الأدراج، أو اختيار مكان وضع الألعاب. 

 

تحدّث معه عن مشاعره 

من الطبيعيّ أن يشعر طفلك بمزيج من المشاعر حول وصول شقيقه. فقد يشعر بالحماس في لحظة، والقلق أو الغيرة في لحظة أخرى. 

  • - أكّد له صحّة مشاعره: أعلم طفلك أنّه من الطبيعيّ أن يشعر ببعض الانزعاج بشأن التغييرات القادمة. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: "من الطبيعيّ أن تشعر بالقلق قليلًا بشأن مشاركة الأمّ والأب مع طفل جديد. لكنّ هذا لن يغيّر مقدار حبّنا لك". سيشعره هذا بأنّ هناك من يستمع إليه ويطمئنه. 
  • - تحدّث معه عن الغيرة: الغيرة هي الشعور الشائع بين الأطفال الأكبر سنًّا عند وصول طفل جديد. لذلك يجب أن تطمئن طفلك الأكبر سنًّا أنّ حبّك له لم يتغيّر، وأوضح له أنّ قلبك ينمو ليحبّ كلا الطفلين بشكلٍ متساوٍ. كما ننصحك بتوضيح أنّ الاهتمام بالطفل الجديد قد يكون أكثر بعض الشيء، لكنّ هذا فقط لأنّه طفل صغير، ويحتاج إلى رعاية مكثّفة، وهذا لا يعني أنّك لم تعُد تهتمّ به، وأنّه هو أيضًا جزء من هذه العمليّة.  

 

حافظ على الروتين والاهتمام الخاصّ 

تتمثّل إحدى أكثر الطرق فعّاليّة لتسهيل تأقلم طفلك الأكبر سنًّا، في الحفاظ على أكبر قدر ممكن من التناسق في روتينه اليوميّ. فالتغييرات الكبيرة، مثل ظهور شقيق جديد، يمكن أن تكون أقلّ إرهاقًا، عندما تظلّ أجزاء أخرى من حياته على ما كانت عليه، مثل روتينه الخاص. 

  • - التزم بالروتين: حافظ على ثبات وقت نومه ووجباته وأنشطته، حتّى بعد ولادة الطفل. 
  • - حدّد وقتًا خاصًّا معه: خصّص وقتًا لقضائه حصريًّا مع طفلك الأكبر سنًّا، حتّى لو كان ١٥ دقيقة فقط في اليوم، سواء لقراءة كتاب معًا، أو لعب لعبته المفضّلة، فإنّ هذا الوقت يساعد في تعزيز علاقتك به. 

 

الاستعداد للإقامة في المستشفى 

إذا كانت الأمّ ستذهب إلى المستشفى لتوليد الطفل، فعلى الوالدَين اتّخاذ الترتيبات اللازمة لتقليل اضطرابات الطفل الأكبر. 

  • - وضّح ما سيحدث: أخبر طفلك بمن سيعتني به أثناء وجود أمّه في المستشفى، وطمئنه بأنّها ستعود قريبًا. 
  • - خطّط لاستقبال خاصّ: عندما يلتقي طفلك الأكبر بالطفل الجديد لأوّل مرّة، اجعل الظروف مناسبة لتكون هذه التجربة إيجابيّة. فيمكن أن يكون التفكير في تقديم هديّة صغيرة من الطفل الجديد إلى طفلك الأكبر بادرة لطيفة. 

 

تعزيز علاقة إيجابيّة بين الإخوة 

بعد ولادة الطفل، شجّع الأنشطة التي من شأنها أن تكوّن رابطة لطيفة بين أطفالك. 

  • - امدح مساعدة الطفل الأكبر: اعترف بمساهمات طفلك الأكبر، مثل إحضار الحفّاضات، أو الغناء للطفل، أو مساعدتك في تغيير ملابسه. يمكن أن يعزّز هذا التأكيد على أهمّيّة مساعدته، وثقته بنفسه، كما أنّه يقوّي رابطته بالطفل. 
  • - شجّع التفاعل مع الطفل الجديد: اسمح لطفلك الأكبر بحمل الطفل، أو لمسه، أو التحدّث إليه، تحت إشراف أحد البالغين. سيساعد هذا التفاعل في بناء رابطة عاطفيّة جميلة بين هذَين الطفلَين الصغيرَين. 
  • - تجنّب المقارنات: احرص على عدم مقارنة أطفالك ببعضهم البعض، لأنّ هذا يمكن أن يولّد المنافسة والتوتّر بين الطفلَين. بدلًا من ذلك، احتفل معهما بصفاتهما وأفعالهما الجيّدة والفريدة. 

 

*** 

لا شعور يضاهي جمال استقبال مولود جديد، فهو حدث مهمّ ليس فقط للوالدَين، بل للأخ الأكبر أيضًا. وعلى الرغم من أنّ هذا التغيير قد يكون مصدر قلق للطفل الأكبر سنًّا، إلّا أنّ اتّباع الأساليب الصحيحة، وإشراكه في التحضير لاستقبال أخيه أو أخته الجديدة، يساعد الوالدَين في الحفاظ على مشاعر إيجابيّة وحماس للمرحلة المقبلة. تذكّر دائمًا أنّ مشاعر الحبّ والقبول لدى طفلك الأكبر تجاه المولود الجديد، تبدأ غالبًا من شعوره بالشمول والتقدير خلال هذا الفصل الجديد والمثير في رحلة عائلتك.

 

المراجع

https://arabicpost.net/%D9%85%D9%86%D9%88%D8%B9%D8%A7%D8%AA/2021/12/02/%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF/ 

https://childmind.org/article/preparing-child-new-sibling/ 

https://www.peacefulparenthappykids.com/read/prepare-your-child-for-new-baby 

https://baby.webteb.com/articles/%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%84-%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%88%D9%85-%D9%85%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AF-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF_18992