يعدّ موضوع الانضباط المدرسيّ من الموضوعات التربويّة التي كان لها دور مهمّ في إدارة سلوك الطلّاب، وخلق بيئة مدرسيّة منضبطة، والتشجيع على توفير جوّ تعليميّ إيجابيّ يُشعِر الطلّاب بالأمان داخل المدرسة، ويدفعهم إلى تحقيق النجاح والتفوّق الدراسيّ، وتكوين علاقات اجتماعيّة في ما بينهم. كما يُعدّ الانضباط الوقائيّ أحد استراتيجيّات الانضباط المدرسيّ، وهو أسلوب استباقيّ لإدارة سلوك الطلّاب في المدرسة، ويهدف إلى منع المشكلات السلوكيّة قبل حدوثها، بدلًا من مجرّد الردّ على سوء سلوكهم. ولكن عند تطبيق الانضباط المدرسيّ، غالبًا ما يواجه مدير المدرسة العديد من المشكلات المهمّة التي تمكن معالجتها باستخدام استراتيجيّة الانضباط الوقائيّ:
المشكلة الأولى: كثرة المشكلات التأديبيّة
قد يعاني مدير المدرسة كثرة المشكلات التأديبيّة، ما يخلق بيئة مدرسيّة مزعجة. وتؤكِّد استراتيجيّة الانضباط الوقائيّ على التدابير الاستباقيّة لمنع حدوث سوء السلوك، واتّباع الحلول الآتية:
1. يعقد المدير اجتماعات وحوارات مفتوحة مع الموظّفين والمعلّمين وأولياء الأمور، لوضع صورة كاملة عن التوقّعات الواضحة لسلوكيّات الطلّاب داخل المدرسة.
2. بناءً على الخطوة الأولى، يضع المدير مدوّنة سلوك شاملة تحدّد السلوك المقبول، والعواقب المترتّبة على الانتهاكات الناجمة عن تصرّفات الطلّاب.
3. تبحث الهيئة الإداريّة المعاونة للمدير عن توفير سبل جديدة لتعزيز السلوكيّات الإيجابيّة، بالمكافآت والتقدير والحوافز المادّيّة والمعنويّة.
4. يتعاون أطراف العمليّة التعليميّة على وضع نظام متدرِّج لدعم الطلّاب المعرَّضين لخطر سوء السلوك.
5. يعقد المدير اجتماعات دوريّة مع المعلّمين لتقديم صور مقترَحة لنماذج سلوكيّة إيجابيّة، وتقديم تعليمات للسلوك المطلوب اتّباعه.
6. يتّبع مسؤولي الأنشطة الطلابيّة في المدرسة أساليب جديدة لتنمية مهارات التعاطف، وحلّ النزاعات، والتعلّم الاجتماعيّ والعاطفيّ، لتعزيز مناخ مدرسيّ إيجابيّ، وتطبيق مجموعة من الأنشطة التعليميّة والاجتماعيّة للطلّاب.
المشكلة الثانية: عدم الاتّساق في ممارسات الانضباط
عدم الاتّساق في إجراءات الانضباط التأديبيّة يؤدّي إلى الارتباك وظلم بعض الطلاب، وقد تعمل استراتيجيّة الانضباط الوقائيّ على تعزيز الممارسات التأديبيّة المتّسقة والمنصفة. ونعرض الحلول كما يلي:
1. توفير مجموعة من المختصّين في وضع خطّة انضباط شاملة تحدِّد بوضوح الخطوات والإجراءات الواجب اتّباعها عند التعامل مع الحوادث التأديبيّة.
2. تدريب الجهات المعنيّة جميعَ الموظّفين على خطّة الانضباط المتّبعة في العمل، والالتزام بإرشاداتها، من خلال مراكز التدريب للتطوير المهنيّ المستمرّ للموظّفين، لتقديم برامج تشمل استراتيجيّات الانضباط الفعّالة، وحلّ النزاعات، والممارسات التصالحيّة؛ ممّا يسهم في تزويد جميع الموظّفين بالمهارات، والمعرفة اللازمة للتعامل مع المواقف التأديبيّة باستمرار.
4. الاعتماد على لجنة مختصّة لفحص سياسات الانضباط فحصًا دوريًّا، لمواجهة التحدّيات الناشئة، والمواءمة مع اتّباع أفضل الممارسات.
5. يُشرِك المدير المعلّمين والطلّاب وأولياء الأمور في مراحل تنفيذ الانضباط، لتعزيز الشفافية، وجمع وجهات نظر متنوّعة.
المشكلة الثالثة: النهج التفاعليّ تجاه الحوادث التأديبيّة
قد يستجيب مدير المدرسة للحوادث التأديبيّة، بدلًا من منعها منعًا استباقيًّا. لذا، ركّزت استراتيجيّة الانضباط الوقائيّ على التدابير الاستباقيّة لتقليل المشكلات التأديبيّة. وتعتمد على الحلول الآتية:
1. تشكيل لجنة مقترحة تحت رئاسة المدير تتكوّن من وكلاء المدرسة، والخبراء التعليميّين، والمشرفين التربويّين، لوضع خطّة شاملة لإدارة السلوك. وتتضمّن نهجًا منظّمًا يعتمد على عِدّة استراتيجيّات وقائيّة، مثل التعزيز الإيجابيّ، وبرامج ضبط السلوك وتعديله، والدعم الفرديّ للطلّاب.
2. يتوجّب على المعلّمين فهم احتياجات الطلّاب الخاصّة، والمحفّزات المحملة لسوء السلوك، بتقييم أداء الطلّاب وسلوكيّاتهم.
3. ينشئ المدير مناخًا مدرسيًّا إيجابيًّا وشاملًا، بالتعاون مع أطراف العملية التعليميّة، وأولياء الأمور من خلال تعزيز الشعور بالانتماء، والاحترام، والمسؤوليّة المشتركة بين الطلاب، والموظّفين، وتشجيع مشاركة الطلّاب في عمليّات صنع القرار، وإتاحة الفرص للقيادة الطلابيّة، وسماع آرائهم.
المشكلة الرابعة: قلّة التواصل، ومشاركة الوالدين
في بعض الأحيان، قد تعوق مشاركة الوالدين، وتواصلهم المحدود مع المدرسة في تفعيل دور ممارسات الانضباط الفعّالة. لذا، تؤكِّد استراتيجيّة الانضباط الوقائيّ على أهمّيّة تعاون مدير المدرسة مع أولياء الأمور، لمعالجة قضايا أبنائهم السلوكيّة، ويمكن اتّباع الحلول الآتية:
1. عقد اجتماعات دوريّة بين مسؤولي الدعم الفنّيّ في المدرسة والمعلّمين، لتوفير خطوط اتّصال مفتوحة ومنتظَّمة مع أولياء الأمور حول ما يتعلّق بالحوادث السلوكيّة للطلّاب، مثل النشرات الإخباريّة، ومؤتمرات الآباء والمعلّمين، والمنصّات الرقميّة، لإبقاء أولياء الأمور على اطّلاع مستمرّ.
2. تشجيع المعلّمين الوالدين على المشاركة في الأنشطة المدرسيّة واللجان وورش العمل التي تركِّز على استراتيجيّات الانضباط، ودعم السلوك الإيجابيّ.
3. عقد عِدّة دورات نفسيّة، وورش عمل اجتماعيّة، أو ندوات عبر الإنترنت لأولياء الأمور، يقدِّمها مدرِّبون متخصّصون حول موضوعات خاصّة بالانضباط، مثل إدارة السلوك، وتقنيّات الانضباط الفعّالة، وتعزيز السلوكيّات الإيجابيّة في المنزل.