أصدرت الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ (الآيني)، انشغالًا منها بضمان تمتّع الأفراد جميعهم بالحقّ في تعليم جيّد، آمن، ملائم، منصف، ورقةَ معلومات أساسيّة بعنوان "التناسق بين العمل الإنسانيّ والتنمويّ في قطاع التعليم: العمل معًا في سياق الأزمات". وقد جاء هذا التقرير لرسم خريطة طريق تؤمّن مسار التعليم في ظروف الأزمات، وتضمن تَعلّم الجميع.
على المستوى الاستراتيجيّ، أكّد التقرير ضرورة الدمج بين العمل الإنسانيّ، والتنمويّ في قطاع التعليم لتقليل الاحتياجات الإنسانيّة، والمخاطر، والضعف، ما يوجب توحيد جهود الجهات الفاعلة الإنسانيّة، والإنمائيّة في حالات الأزمات. ورأى أنّ تبادل المعلومات بين الجهات الفاعلة، والتخطيط المشترك ووضع البرامج، وتطوير رؤية جماعيّة لأنظمة التعليم المتمتّعة بالمرونة، وبالقدرة على التأقلم كفيل بمواجهـة الأزمات، والتخفيف من آثارها.
قدّم تقرير الآيني شروطًا لإضفاء الطابع الواقعيّ على عمل الجهات الإنسانيّة، والإنمائيّة في قطاع التعليم. من ضمنها: قابليّة النتائــج الجماعيّــة للقياس، أي تحديـد النتيجـة التي سـتعمل جميـع الجهـات الفاعلـة علـى تحقيقهـا. وميـزة النسـبيّة، وتتمثّل في الاعتراف بقـدرة وخبـرة فـرد، أو مجموعـة، أو مؤسّسـة على تلبيـة الاحتياجـات، والمسـاهمة في الحـدّ مـن المخاطـر والضعـف مقارنـةً بقـدرة جهـة فاعلـة أخـرى. والإطـار الزمـنيّ متعـدّد السـنوات، ويشمل التحليل، ووضـع الاسـتراتيجيّات، والتخطيـط، والتمويـل للعمليّـات التي تبنى على مدى عدّة سنوات لتحقيق الأهداف محدّدة السياق، وأخيرًا الاستمرار في تقديم خدمات التعليم في حالات الطوارئ الممتدّة، والعمل على التعافي المبكّر.
ترى الآيني أنّه عـلى الرغـم مـن التزام الدول الأعضاء في قمّة الأمم المتّحدة لعام 2015 رسميًّا بخطّة التنمية المستديمة لعام 2030، فإنّ المجتمـع الـدوليّ يخذل ملايين الأطفـال والشـباب الذين يعيشـون في ظـروف الأزمـات والصراعـات، حتّـى قبـل تفـشّي جائحـة كوفـيد-19، إذ إنّه ثمّة مـا يقـدّر بنحـو 75 مليـون طفـل وشـابّ خـارج المدرسـة بسـبب الصراعـات أو الأزمـات، ويحتمل ألّا يعود ملايين الطـلّاب إلى مدارسـهم نتيجـةً لهـذه الجائحـة، ما يفرض توفير وسـائل تعليميّـة بديلـة لمن يريد منهم اسـتكمال دراسـته.
تصنف الآيني العوائق التي تحدّ من تناسق العمل الإنسانيّ والتنمويّ في قطاع التعليم إلى ثلاثة أصناف: الأوّل يتعلّق بالأعراف حيث يمثّل تحقيق التوازن بين المتطلّبات الإنسانيّة والتنمويّة تحدّيًا، لا سيّما خلال النزاعات. والثاني يتجلّى في القدرات حيث نجد أنّه دون وجود روابط هيكليّة لتوحيد هيئات التنسيق الإنمائيّة والإنسانيّة معًا، سيكون التنسيق مفكّكًا، فضلًا عن تباين القدرات المحلّيّة التي تدعم التعليم في الأزمات، ومن أجل ذلك، تحتاج دعمًا إضافيًّا. أمّا بخصوص الصنف الثالث المرتبط بالعمليّات، فيتجلّى في فصل الأطر الزمنيّة المختلفة للاستجابة بين التخطيط والعمل الإنسانيّ، وعمل العديد من طبقات التخطيط التربويّ المختلفة، ما يعني البرمجة بشكل مستقلّ، وغياب الاتّصال المنهجـيّ بيـن أقسـام العمـل الإنمائيّ، وأقسـام العمـل الإنسانيّ في المؤسّسـة نفسها، أو بيـن المؤسّسـات المختلفـة.
وأوصت الآيني في نهاية التقرير بضرورة استعمال أُطر عمل، ومعايير موحّدة لتحديد أولويّات الالتزامات الإنسانيّة والإنمائيّة، والجمع بين أنظمة تنسيق التعليم الإنسانيّ والتنمويّ، والاستثمار في تعزيز القدرات للتصدّي للأزمة، وبنـاء القـدرة المزدوجـة حـتّى يكـون لـدى عـدد أكبـر مـن ناشـطي التعليـم فهـم شـامل للقطـاع، وضمن ذلك عمليّـات التطويـر، والعمليّـات الإنسانيّة الرئيسـة، والتأكّـد مـن أنّ خطـط الخدمـات التنمويّـة الوطنيّـة تلـبّي احتياجـات الأطفـال والشـباب في سـياق الأزمـات، ودمـج مناهـج الحـدّ مـن مخاطـر الكـوارث، والتعليـم في حـالات الطـوارئ ضمـن أنظمـة التعليـم الوطنيّـة لتكـون جاهـزةً للاسـتجابة لاحتياجـات الأطفـال والشـباب في الأزمـات.