يُعدّ التعلّم بالمشروع طريقة تدريس تعود جذورها إلى كتابات تربويّين أمثال Dewey وBruner وKarplus، وهو يقوم في أدبيّات التعليم على ستّة مبادئ رئيسة هي: التعلّم ذو المعنى، والمشاركة بفاعليّة ومسؤوليّة، والمسار المفتوح، والتعاون والمشاركة، والإنجاز الملموس، والنموّ التكامليّ (Raby, 2016).
يعمل التعلّم بالمشروع على رفع مستوى الحافزيّة لدى المتعلّمين، وتنمية مقدرتهم على حلّ المشكلات، وتدريبهم على الاستقلال الذاتيّ والمسؤوليّة أثناء المشاركة، وإعدادهم لقيادة المشاريع الاجتماعيّة المستقبليّة (Proulx, 2004). ويرى الحميدان (2005)، فضلًا عن ذلك أنّه يُوفّر للطالب فرصة المشاركة في كلّ مراحل المشروع الذي يُصمّمه تحت إشراف معلّمه.
يَحدث التعلّم بالمشروع مع الطلّاب حضوريًّا، أو عن بُعد (Savin-Baden, 2007). وثمّة نماذج شرحت كيفيّة إنجاز مشروع مع الطلّاب (الحميدان، 2005؛ Rabby, 2016) عبر مراحل يمكن إيجازها فيما يأتي:
1- اختيار المشروع:
يَعرض المعلّم على الطلّاب فكرة إقامة مشروع مدرسيّ حول موضوع يُحدّده ويُوضّح لهم الفائدة منه. ويضطلع الطلّاب، بعد التداول المشترك حول حيثيّاته ومصادره اللازمة، بمهمّات يُنجزونها في المرحلة اللاحقة.
2- وضع خطّة لتنفيذ المشروع:
ينتظم الطلّاب في مجموعات لمناقشة مهمّاتهم ومدّة إنجازها. ويشرف المُعلّم على هذه المرحلة، ويُقدّم للطلّاب الدعم إذا لزم الأمر. وقد يطلب منهم تقديم تقرير بسيط عن تصوّرهم لأدوارهم.
3- تنفيذ المشروع:
يعمل الطلّاب حسب التصوّر الذي وضعوه لأنفسهم تحت إشراف المعلّم، فيقومون بتجميع المعلومات وتحليلها ومناقشتها فيما بينهم، وتنظيمها لتصبح جاهزةً للعرض، مستخدمين مصادر وأدوات مختلفةً. قد تستغرق هذه المرحلة ساعات أو حصصًا. وليس شرطًا أن يكون العمل النهائيّ مميّزًا، بل يكفي أن يكتسب الطلّاب مهارات وتوجّهات إيجابيّة.
4- تقويم المشروع:
يُناقش المعلّم مع طلّابه ما أنجزوه وما أفادوه خلال ذلك، وما إذا كانت خطّة المشروع واضحةً، ومدى حماستهم، ويمكن أن يطلب منهم كتابة تقرير عن الإنجاز.
ويُحدّد Proulx، لكلّ من الطالب والمعلّم، في التعلّم بالمشروع، أدوارًا رئيسةً. فالطالب مُفوَّض يلتزم بتنفيذ المشروع ويفهم أهداف التعلّم ويضع أهدافًا لنفسه. وهو مُشارك يُواظب على الحضور ويحترم المواعيد، ويُثابر في إنجاز المهمّات، ويَعرف دوره ومسؤوليّاته ويؤدّيها كما ينبغي، ويُبقي على الحافز. وهو مُتعاون يعمل بصورة تفاعليّة، ويُساعد أقرانه في أداء مهمّاتهم، ويَنتبه للاقتراحات وينفتح عليها، ويخلق توافقًا بين مراكز اهتمام أقرانه ومراكز اهتمامه، ويُحفّز زملاءه في الفريق، ويُظهِر التضامن مع أقرانه في نتائج المشروع، وفي كلّ مرحلة من مراحله.
أمّا المعلّم فهو مُدرِّب يُراقب بعناية، ويتّخذ قرارات استراتيجيّةً، ويمنح المتعلّمين هامشًا من الاستقلال الذاتيّ، ويَقبَل المجازفة والتردّد. وهو مُنشّط يُنظّم الأنشطة الصفّيّة ويُشرف عليها، ويتفاعل بصورة فعّالة مع جماعة الصفّ، ويُساعد في حلّ المشكلات بطريقة مدروسة. وهو مُحفِّز يُنمّي الثقة بالنفس لدى المتعلّمين، ويُواظب على التشجيع والتعزيز، ويُحدّد مؤشّرات التقدّم المُحرَز. وهو مُقيٍّم يضطلع بمسؤوليّته من خلال طرائق التقييم المناسبة، ويُقيّم نوعًا وكمًّا باستمرار تعلّمات المتعلّمين، ويُزوّدهم بانتظام بتغذية راجعة.
المراجع
- الحميدان، إبراهيم (2005). التدريس والتفكير (الطبعة الأولى). مركز الكتاب للنشر.
- Proulx, J. (2004). Apprentissage par projet. Presses de l’Université du Québec.
- Krajcik, S., & Czerniak, M(2018). Teaching Science in Elementary and Middle School: A Project-Based learning approach (5th Edition). Routledge.
- Raby, C. (2016). Apprentissage par projets, dans C. Raby & S. Viola (dir.), Modèles d’enseignement et théories d’apprentissage: Pour diversifier son enseignement (2e ed., pp. 29-57). Les Éditions CEC.
- Savin-Badan, M. (2007). A Practical Guide to Problem-Based Learning Online (1st Edition). Routledge.