للارتقاء بالحياة المدرسيّة والأنشطة الموازية، باعتبارها وسيلةً للنهوض بالمنظومة التربويّة، وتحسين مستوى المتعلّمين ومساعدتهم على بناء شخصيّاتهم وصقل مواهبهم، لا بدّ من تفعيل دور الأندية التربويّة كآليّة تدبير للأنشطة الموازية لهذه الحياة؛ فما هي الأندية التربويّة المدرسيّة؟ وما الغاية من تأسيسها؟ وما دورها في تمكين العلاقة بين المدرسة والمجتمع؟
لنعرّف النادي التربويّ المدرسيّ
النادي التربويّ إطارُ وآليّة منهجيّة وعمليّة للقيام بنوعٍ من أنشطة الحياة المدرسيّة التي تنظّمها الإدارة المدرسيّة، وتكون بإسهامٍ من المُتعلّمين.
ويتشكّلُ النادي المدرسيّ من مجموعة من المتعلّمين من مستويات دراسيّة مختلفة، تجمعهم ميول مشتركة لأنشطة يعمل النادي على تحقيقها وتنفيذها، بحيث يُقبلون على الانخراط التلقائيّ والعمليّ لإنجازها، تحت إشراف تربويّ. هذا الأمر يتيح لهم تنمية مهاراتهم وقدراتهم الأكاديميّة والعمليّة والتربويّة والسلوكيّة، في جوّ يسُوده الشعور بالانتماء والتطوّع وتقبّل الاختلاف وروح المبادرة. ويسود جوّ العمل الفريقيّ والتعاون الإيجابيّ والتضامن والتحفيز والقدرة على التواصل...
والنادي التربويّ أيضًا، فضاءُ واسع لتبادل الخبرات والمعلومات والمهارات. وهو يؤسّس لربط مجموع الخبرات بالمجتمع المحلّي، والعمل على التزوّد بالمفاهيم الاجتماعية لبناء العلاقات الإنسانيّة والانفتاح نحو العالميّة.
خطوات تأسيس النوادي التربويّة المدرسيّة
لتأسيس النوادي المدرسيّة لا بدّ من الخطوات الآتية:
الخطوة الأولى: تقديم اقتراح اسم للنادي.
الخطوة الثانية: وضع مسوّدة لدواعي التأسيس.
الخطوة الثالثة: صياغة الأهداف، والتي تتضمّن تنظيم برنامج العمل وخطّته، والمشاريع المقترحة، والشركاء المحتملين.
الخطوة الرابعة: تقديم مشروع النادي إلى إدارة المدرسة للحصول على الموافقة المبدئيّة.
الخطوة الخامسة: فتح باب التطوّع من خلال إعلان مكتوب يحمل اسم المؤسّسة التربويّة.
الخطوة السادسة: عقد اجتماع لتأسيس النادي بوجود مشرفين، ويتّم فيه انتخاب الهيئة الإداريّة والتّعريف بالأعضاء، وتحديد المهام لكلٍّ منهم.
الخطوة السابعة: تحرير محضر سنويّ تُفصّل فيه المحاضر لكلّ الجلسات.
الخطوة الثامنة: عقد الاجتماعات تحت إشراف الأستاذ المشرف من أجل تشكيل لجان لتسيير أنشطة النادي، ووضع خطة العمل.
أنواع الأندية التربويّة المدرسيّة
تتنوّع النوادي المدرسية بحسب اهتماماتها واختصاصاتها. ومن أهمّها:
- - النادي الصحيّ – النفسيّ
- - النادي البيئيّ
- - النادي العلميّ
- - النادي الفنّيّ (الرسم- الموسيقى- الرقص- الغناء- المسرح...)
- - النادي الاقتصاديّ
- - النادي الرياضيّ
- - النادي الثقافيّ
- - النادي الاجتماعيّ (خدمة المجتمع)
- - نادي اللّغات
- - نادي المطالعة
- - نادي الشطرنج
- - نادي ألوان: ينشأ بين عدّة مدارس ومن مناطق مختلفة، ويهدف إلى التعارف بين الطلاب من كافة المناطق للتواصل والقيام بأنشطة مشتركة ذات أهداف وطنيّة مشتركة
- - نادي الكشّاف: ويتميّز عن باقي النوادي لأهمّيّته في حياة الناشئة
- - نادي المعلوماتيّة والتكنولوجيا
ويُضاف على ما سبق نوادٍ ترتبط بالمواد التعليميّة، مثل: نادي الرياضيّات أو الفيزياء أو الكيمياء أو الطبيعيّات، ومثلها نادي الفرنكفونيّة ونادي المجلّة المدرسية، وغير ذلك من الاختصاصات.
لماذا نحتاج إلى النوادي المدرسيّة؟
تعود أهمّيّة النوادي التربويّة المدرسيّة إلى كونها الطريق الذي يعبر عليه التلاميذ نحو الحياة بكلّ معانيها؛ فهي تعمل على:
- - تنمية روح المواطنة وترسيخ القيم الأخلاقيّة لدى المتعلّمين
- - تعزيز أهمّيّة العمل الجماعيّ أو الفريقيّ
- - صقل مواهب المتعلّمين وإفراغ طاقتهم في الإبداع والابتكار
- - تحفيز الفضول العلميّ لديهم للبحث والاستقصاء والاكتشاف، وتنمية حسّ المعرفة والفضول العلمي للوصول إلى الحقائق عندهم
- - توعية المتعلّمين على قضايا محيطهم ومجتمعهم، وإشراكهم في وضع الحلول وتقديم المقترحات، وتنفيذ المشاريع الخدماتيّة
- - تعزيز فكرة التّطوع والعمل الفريقيّ، وتنمية روح المبادرة
- - بناء المواطن وتعزيز الهويّة، والتربية على المواطنة
- - صقلّ شخصيّة المتعلّم، وتزويده بخبرات عمليّة وعلميّة لمواجهة الصعوبات الحياتيّة بشكل مسؤول، وتمكينه من اتّخاذ القرارات وتحمل النتائج
- - دمج المتعلّمين من ذوي الصعوبات التعلّميّة ليكونوا شركاء في اتّخاذ القرارات وبناء المواقف
- - الحدّ من الفروقات الفرديّة بين المتعلّمين وتعزيز روح التعاون في ما بينهم
- - تفعيل دور الأهل في المشاركة في اختيار المشاريع والمساهمة في تنفيذها
- - تمتين العلاقة بين المؤسّسة الإداريّة وأفراد الهيئة التعليميّة والمتعلّمين
- - جعل المدرسة مكانًا أكثر ملائمةً للتعليم والإنتاج
نأمل أن يكون هذا العرض الموجز لدور الأندية المدرسيّة وأهمّيّتها قد أوضح دور هذه الأندية في تمتين العلاقة بين المدرسة والمتعلّم والأهل، وبالتّالي المجتمع المحلّيّ، والعمل على فتح آفاق جديدة نحو تمكين المتعلّم لمواجهة الحياة بكلّ جوانبها. وبذا تتحوّل المدرسة من مكانٍ يؤسّس فقط لبناء المعارف، إلى مكانً يحفزّ المتعلّم ويولّد لديه حبّ الاستكشاف والمشاركة، وضير الطالب مواطنًا مسؤولًا لديه الحقّ في الاختيار والتعبير واتّخاذ القرار. بالإضافة إلى دور هذه الأندية في تنمية المواهب وتطويرها، لتصبح المكان الذي يجد فيه كلّ متعلّم الحقّ في التعلّم والمشاركة.