عندما يصبح الهدف الرئيس للتعلّم هو الحصول على درجات عالية في الاختبارات، يمكن أن يتحوّل التعلّم نفسه إلى عمليّة ميكانيكيّة، تقتصر على حفظ المعلومات واسترجاعها دون فهم عميق أو تطبيق عمليّ. يؤدّي هذا النهج إلى تقليل الفهم الحقيقيّ للموضوعات، وتجاهل الجوانب العمليّة والابتكار في التعلّم.
بالإضافة إلى ذلك، يزيد التركيز الزائد على الاختبارات من مستويات الضغط والتوتّر لدى الطلّاب، الأمر الذي يؤثّر سلبًا في تجربة التعلّم ونتائجها. كما قد يفقد الطلّاب الاهتمام بالموادّ التعليميّة بعد اجتياز الاختبار، كون الهدف الرئيس قد تحقّق، ولم يعد هناك أيُّ دافع قويّ للاستمرار في التعلّم.
ثمّة صور متعدّدة لأضرار التركيز الزائد على الاختبارات، نستعرضها في ما يأتي:
- - عندما ينصبّ تركيز التعليم بشكل أساسيّ على الاختبارات، يعطي الطلّاب الأولوية للحفظ على الفهم، ما يؤدّي إلى التعلّم السطحيّ، إذ يركزون على اجترار المعلومات بدلًا من تطوير مهارات التفكير النقديّ، والتطبيق العمليّ للمعرفة.
- - تركّز الاختبارات، غالبًا، على تذكّر الحقائق واسترجاعها خلال إطار زمنيّ محدّد، ما لا يقيس قدرات الطلّاب، وإمكاناتهم الحقيقيّة بدقّة. كما قد يُتغاضى عن مهارات مهمّة في الاختبارات، على سبيل المثال: الإبداع، وحلّ المشكلات، والعمل الجماعيّ، والتواصل.
- - كما قلنا سابقًا، يزيد التركيز الشديد على الاختبارات من مستويات التوتّر والضغط لدى الطلّاب، والخوف من الفشل، والحاجة إلى الأداء الجيّد باستمرار في الاختبارات، وضغوط الوالدين، وغيرها. وجميعها عوامل يمكن أن تؤثّر سلبًا في صحّة الطالب العقليّة، ودافعه العامّ للتعلّم.
- - قد يَحُدّ التركيز المفرط على الاختبارات نموّ بعض الجوانب لدى الطالب، بما في ذلك النموّ الفكريّ، والعاطفيّ، والاجتماعيّ، مع أنّ التعليم يهدف إلى تعزيز التنمية الشاملة للمتعلّمين. وفي النهاية، سيؤدّي الأمر إلى تجربة تعليميّة غير متوازنة.
- - قد يؤدّي الحفظ لأجل الاختبارات إلى الاحتفاظ بالمعلومات لمدى قصير، وبمجرّد الانتهاء ينسى الطلّاب بسرعة المواّد التي حفظوها، كونها لم تعد مفهومة بعمق، أو مرتبطة بتجارب الحياة الواقعيّة.
- - عندما يقتصر التعليم على الإعداد للاختبارات، قد يفقد الطلّاب فضولهم، ودوافعهم المتأصّلة للاستكشاف خارج نطاق الاختبارات. كما يمكن أن تتضاءل متعة التعلّم، والرغبة في المعرفة، عندما يكون الغرض الوحيد من التعلّم هو الأداء الجيّد في الاختبارات.
ولمواجهة هذه الآفة، هذه بعض المقترحات التي يمكنك أن تتّبعها، معلّمًا، للتغلّب على الآثار السلبيّة لهذا التركيز المفرط، في ما يأتي:
- - توظيف مجموعة متنوّعة من أساليب التقييم، البعيدة عن الاختبارات التقليديّة، على سبيل المثال: المشروعات، والعروض التقديميّة، وملفّات الإنجاز، والتطبيقات الواقعيّة والتي تتيح للطلّاب عرض فهمهم، وتفكيرهم النقديّ، والإبداع في سياقات مختلفة.
- - شجّع الطلّاب على الفهم العميق للمعلومات، بدلًا من الحفظ، واستخدم استراتيجيّات التعلّم النشط لتحقيق ذلك، ومنها: المناقشات، والمناظرات، واكتساب الخبرات العمليّة التي تمكّنهم من تطبيق معارفهم في المواقف الحياتيّة.
- - صمّم تجارب تعليميّة تتحدّى الطلّاب، وتدفعهم إلى التفكير النقديّ، وتحليل المعلومات، وحلّ المشكلات. ادمج الأسئلة المفتوحة، والمشروعات القائمة على الاستقصاء، والأنشطة التعاونيّة التي تشجّعهم على التفكير بشكل مستقل، وتطوّر من رؤاهم، ووجهات نظرهم الخاصّة.
- - اخلق بيئة تعليميّة شاملة، لا تقدّر الإنجازات الأكاديميّة فحسب، بل الذكاء العاطفيّ، والمهارات الاجتماعيّة، والإبداع أيضًا. وشجّع الطلّاب على المشاركة في الأنشطة اللامنهجيّة، والرياضة، والفنون، وخدمة المجتمع، لتعزيز التنمية المتوازنة لديهم.
- - ادمج التقييمات التكوينيّة أثناء العمليّة التعليميّة، لتوفير تغذية راجعة، وتقديم الدعم المستمرّ للطلّاب، ما سيساعد على تحديد مواطن القوّة والضعف لديهم، وسيسمح بالتدخّلات في الوقت المناسب، وسيعزز التعلّم المستمرّ والنموّ.
- - احرص على بناء مناخ تعليميّ داعم، يشعر فيه الطلّاب بالراحة، وعدم الخوف من ارتكاب الأخطاء، وتحمّل المخاطر، والمشاركة في النقاشات المفتوحة. احتفِ بالجهد المبذول منهم، والمواهب المتنوّعة، بدلًا من التركيز على الدرجات، ونتائج الاختبارات فحسب.
- - شارك الأهل بأضرار الضغط على أبنائهم قبل الاختبارات، وثقّفهم حول أهمّيّة التعليم الشامل، وعيوب النهج الذي يركّز على الاختبارات. شجّعهم بوصفهم أصحاب المصلحة في تثقيف أبنائهم، على تقديم دعمهم، وتعزيز منظور متوازن بشأن التعلّم، والدعوة إلى الإصلاحات التعليميّة التي تعطي الأولويّة للتنمية الشاملة للطلّاب.
في المحصّلة، يمكن للتركيز المفرط على الاختبارات أن يحمل آثارًا ضارّة على الطلّاب أكثر من الآثار النافعة. وفي حين أنّنا هنا لا ننكر أبدًا أهمّيّة الاختبارات لتقييم الجانب المعرفيّ، إلّا أنّه لا ينبغي أن تكون المقياس الوحيد للنجاح الأكاديميّ للطلّاب. وهذا يمكن أن يعيق في النهاية تعلّم الطلّاب، وتطوّرهم بشكل عامّ. ولا بدّ لواضعي السياسات التعليميّة من إعادة تقييم نهج التركيز على الاختبارات، والنظر في طرائق تقييم بديلة، تعزّز اتّباع نهج أكثر شموليّة في التعليم، كما على المعلّمين التركيز على إنشاء بيئات تعليميّة أكثر توازنًا ودعمًا للطلّاب.