تعتبر الصحّة النفسيّة مسؤوليّة مشتركة بين أطراف المجتمع المدرسيّ. وتتأثّرُ الصحّة النفسيّة بالعوامل المحيطة للبيئة المدرسيّة، سواء كانت هذه العوامل نفسيّة أو اجتماعيّة أو بيئيّة، إذ تقلّل من مستوى الصحّة النفسيّة للمجتمع المدرسيّ. وقد ينجم الضغط النفسيّ عن أداء المهامّ اليوميّة، أمّا الضغوط الاجتماعيّة فتنتج عن التعامل مع أطراف العمليّة التعليميّة، والذين يتوجّب عليهم توفير بيئة داعمة ومُشجّعة للطلّاب. والاضطرابات النفسيّة مشكلة شائعة الحدوث بين الطلّاب والمعلّمين في المجتمع المدرسيّ، وقد تؤثّر بشكل كبير في أدائهم الأكاديميّ، وعلاقاتهم الاجتماعيّة.
ويعتبر الضغط الأكاديميّ أحد الأسباب التي تُعيق تحقيق الصحّة النفسيّة في البيئة المدرسيّة، فيواجه الطلّاب كثيرًا من التحدّيات أثناء دراستهم، ما يؤثّر في صحّتهم النفسيّة والجسديّة. ويضطرّ الطلبة إلى التعامل مع كمّ هائل من الموادّ الدراسيّة والواجبات المنزليّة، والالتزام بتحقيق النجاح والتفوّق الأكاديميّ، ما يضع عليهم ضغوطًا كبيرة لتحقيق التميّز والتفوّق. كما يؤثر سلبًا في حالتهم النفسيّة، ويشعرهم بالإرهاق والتعب النفسيّ والإجهاد والقلق والاكتئاب، فضلًا عن تراجع أدائهم الدراسيّ، وعدم قدرتهم على التفاعل بشكل جيّد مع بيئتهم الدراسيّة، وتعرّضهم إلى التنمّر والضغوط الاجتماعيّة.
ويؤثّر الضغط الأكاديميّ في أداء المعلّمين، نظرًا إلى كثرة الضغوط التي يواجهونها في بيئة العمل التعليميّة، سواء من الإدارة المدرسيّة أو الطلّاب أو أولياء الأمور. وتزداد تلك الضغوط خلال فترات الامتحانات، والتقييمات الدوريّة، ما يؤدّي إلى تدهور علاقاتهم الاجتماعيّة مع زملائهم وطلّابهم، وزيادة مستويات التوتّر، والقلق لديهم، وتدنّي مستوى جودة التعليم، وصعوبة تلبية احتياجات الطلّاب بشكل فعّال، وتدهور صحّتهم النفسيّة، وشعورهم بالإرهاق النفسيّ، وزيادة معدّلات الاكتئاب، والقلق لديهم. ضغوطات نفسيّة عديدة تؤثّر في حياتهم الشخصيّة والمهنيّة، وقد تؤدّي إلى تدهور أدائهم الوظيفيّ.
وعلينا أن نتّبع بعض وسائل الوقاية من الضغط الأكاديميّ، وكيفيّة علاجه على النحو الآتي:
1. يقدّم الاختصاصيّون النفسيّون مجموعةً من البرامج التدريبيّة وورش عمل للدعم النفسيّ، ومساعدة المعلّمين على التعامل مع الضغوط الأكاديميّة بشكل فعّال، وتقديم الاستشارات النفسيّة، والجلسات العلاجيّة الجماعيّة المناسبة لهم.
2. يوفّر مسؤولو الأنشطة الثقافيّة في المدرسة برامج توعويّة، وأنشطة ترفيهيّة، للتشجيع على التواصل الإيجابيّ والتعاون بين المعلّمين والطلّاب. وتقديم ندوات تثقيفيّة إليهم حول كيفيّة التعامل مع الضغوط النفسيّة والعاطفيّة، لتعزيز الوعي بأهمّيّة الصحّة النفسيّة، وطرق الاسترخاء، والتحكّم في العواطف.
3. يوجّه المعلّمون الطلّاب في استخدام استراتيجيّات فعّالة لتنظيم الدراسة والمذاكرة، مثل التدريب على مهارة الملاحظة، وكيفيّة عمل ملخّصات للموادّ الدراسيّة، واتّباع أسلوب التعلّم التعاونيّ بين الطلّاب.
4. توفّر إدارة المدرسة فرص تعلّم متنوّعة للطلّاب، لتنمية مهارة الاستكشاف، والتعلّم خارج الصفّ الدراسيّ، مثل الرحلات الميدانيّة، والأنشطة الثقافيّة والرياضيّة، لتعزيز تفاعلهم الاجتماعيّ، وتنمية مهاراتهم الشخصيّة.
5. يتواصل المعلّمون بصفة مستمرّة مع أولياء الأمور، لمراقبة التقدّم الدراسيّ للطلّاب، وتوفير الدعم اللازم إليهم، لتحسين مسارهم التعليميّ.
6. توفّر إدارة المدرسة بالتعاون من المنظّمات المهتمّة بالتعليم، مجموعةً من الموارد الأكاديميّة اللازمة للطلّاب، مثل المكتبات المدرسيّة المجهّزة، والموادّ التعليميّة المتاحة، لتمكينهم من الوصول إلى المعرفة، وتعزيز تعلّمهم.
7. يقدّم اختصاصيّو التغذية أنشطة توعويّة للمعلّمين والطلّاب تهدف إلى تناول طعام متوازن. وتقديم بعض الاستشارات الطبّيّة التوضيحيّة لأفضل الوسائل للحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، والاسترخاء، والتأمّل، والراحة النفسيّة.
8. يقدّم مدير المدرسة معلومات كافية حول مسارات التعليم، والوظائف المستقبليّة للطلّاب، بما في ذلك الفُرص المتاحة ومتطلّبات القبول، لمساعدتهم في تقليل القلق والضغط المرتبط بالمستقبل.
9. يشجّع المعلّمون الطلّاب على تخصيص وقت مناسب، لممارسة الهوايات الشخصيّة والأنشطة الرياضيّة، وتوفير فترات استراحة بين الدروس لتجنّب تعريضهم إلى الإرهاق.
10. تخصّص إدارة المدرسة مساحات مناسبة من الفناء المدرسيّ للاسترخاء والتأمّل، مثل الحدائق، أو الغرف المخصّصة للراحة والهدوء، ليتمكن الطلّاب من تخفيف حِدّة التوتر، والاجهاد اليوميّ.