اُنشِئت مؤسّسة فيصل الحسينيّ سنة 2002 في القدس، وفاءً لنضال فيصل الحسينيّ، وحرصًا على استمرار عطائه، وإيمانًا بالقيم التي حملها. تركّز رسالة المؤسّسة على تنمية مدينة القدس بدعم مؤسّساتها بشكلٍ عامّ، ومؤسّساتها التعليميّة بشكلٍ خاصّ. ومن أهدافها الرئيسة تطوير التعليم فيها بتعزيز مهارات البحث والتفكير العُليا، في بيئةٍ مدرسيّةٍ آمنةٍ ومحفّزةٍ، تُلبّي الاحتياجات العاطفيّة، والتعليميّة، والاجتماعيّة للطلبة، وتعزّز الهُويّة الفلسطينيّة.
يأتي عمل المؤسّسة في ظلّ محاولات الاحتلال محو هويّة الفلسطينيّين العربيّة الفلسطينيّة، جسديًّا وفكريًّا. بدأت هذه المحاولات بعزل مدينة القدس عن محيطها الطبيعيّ في الضفّة الغربيّة، بالإغلاقات وجدار الفصل العنصريّ... ما أضعف اقتصاد المدينة الذي يعتمد على أهالي الضفّة الغربيّة بشكلٍ كبير. بعد ذلك، بدأت إجراءات عزل الفلسطينيّين فيها فكريًّا وثقافيًّا، بمحاولة السيطرة على محتوى مقرّراتهم التعليميّة بتزوير المناهج الفلسطينيّة، وفرض دراسة الكتب المزوّرة التي تلغي الهُويّة الفلسطينيّة، أو بالترويج لتعلّم منهاج الاحتلال الذي يعزّز روايته مقابل الرواية الفلسطينيّة، ويصوّر الفلسطينيّين أقلّيّةً عربيّةً ضعيفةً، تعيش في ظلّ دولة الاحتلال. كما تعمل المؤسّسة في ظلّ ملاحقة الاحتلال المدارس للتأكّد من التزامها بالمنهاج المزوّر، وتفتيشه كتب الطلبة لمراقبة محتواها.
جاءت برامج المؤسّسة لدعم المدارس الفلسطينيّة في القدس المتمسّكة بتعليم المنهاج الفلسطينيّ، بغية تعزيز الهُويّة الفلسطينيّة؛ إذ تعاني مدارس القدس ضيق المباني، وعدم ملاءمتها لتكون مساحاتٍ للتعليم، وقِدم معظمها، نتيجة عرقلة الاحتلال البناء، والسماح بالبناء على ما مساحته 13% من الأراضي فقط. هذا بالإضافة إلى عدم توفّر المصادر الماليّة الكافية لتطوير برامج المدارس، وبنيتها التحتيّة، وقدرات معلّميها، أو توفير رواتب تتناسب وغلاء المعيشة في القدس.
تعمل برامج المؤسّسة وفق ثلاثة أُطُر:
1. التوعية بمخاطر سياسات الاحتلال الهادفة إلى محو الهُويّة الفلسطينيّة، ودمج الإنسان الفلسطينيّ في المنظومة الإسرائيليّة.
2. مناصرة المدارس بالتوعية باحتياجاتها وتحدّياتها، وتسليط الضوء على قضايا معلّميها بسبب تدنّي رواتبهم، وإيصال قضاياهم إلى متّخذي القرار والمموّلين.
3. رفع جودة التعليم في مدارس القدس، والعمل على تلبية احتياجاتها لتشمل تطوير البنية التحتيّة والطواقم التعليميّة، وتوفير البرامج التعليميّة الضروريّة غير المتوفّرة.
عملت المؤسّسة حتّى الآن مع 95 مدرسةً تعمل تحت المظلّة الفلسطينيّة، وذلك ضمن واحدٍ أو أكثر من برامجها الرئيسة، والتي تشتمل على تدريب الطواقم التعليميّة، وترميم المباني، وتوفير الأجهزة والأثاث، وتقديم الدعم الطارئ. استفاد عددٌ كبيرٌ من المدارس من دعمٍ متكاملٍ في جميع الجوانب المذكورة.
مشاريع المؤسّسة الرئيسة ونشاطاتها بين السنوات 2021 و2024 (حسب الخطّة الاستراتيجيّة):
مشروع رفع جودة التعليم في القدس
يهدف المشروع إلى رفع جودة التعليم في القدس، بالإسهام في تعزيز اعتماد العمليّة التعليميّة على البحث العلميّ ومهارات التفكير العليا. يشمل ذلك مهارات التحليل والإبداع والتطبيق، وقيم المشاركة التي تعزّز الهُويّة والمواطنة.
تتعدّد ورش التدريب ضمن المشروع، لتشمل ورشاتٍ عامّةً تقدّم للمعلّمات والمعلّمين، وتتضمّن: نظريّة الذكاء الثلاثيّ (التحليليّ والإبداعيّ والتطبيقيّ) وانعكاسها في الصفّ؛ واستخدام الذكاء الاصطناعيّ في التعليم؛ ومهارات المعلّم المرشد؛ وفهم المقروء؛ والتطوّع والهُويّة؛ والتعلّم بالمشروع. كما تقدّم المؤسّسة ورشاتٍ وفق التخصّص، وتتضمّن: البرمجة؛ وبرمجة الروبوت وبناءه؛ والطباعة ثلاثيّة الأبعاد لمعلماّت التكنولوجيا؛ والتعليم القائم على البحث العلميّ في العلوم الطبيعيّة؛ والبحث العلميّ في الجينات؛ والتعلّم بالمشروع لمعلّمات العلوم.
حملة اشترِ/ اشتري زمنًا لمدارس القدس
تقيم المؤسّسة حملاتٍ محلّيّةً سنويّةً، بهدف دعم جهود الحفاظ على هُويّة التعليم الفلسطينيّة في مدينة القدس، بالتركيز على ثلاثة أُطُر:
أولًا: التوعية بشأن وضع التعليم في القدس، وما يحيط به من تحدّياتٍ، ولا سيّما في ما يتعلّق بالحفاظ على الهُويّة الفلسطينيّة.
ثانيًا: التوعية بماهيّة الأدوار المنوطة بكلّ مهتمٍّ بقضيّة التعليم في القدس، كلٌّ حسب موقعه.
ثالثًا: الإسهام المادّيّ في دعم برامج مؤسّسة فيصل الحسينيّ الخاصّة بالتعليم في القدس.
معلّمون يشترون زمنًا في القدس
مع بدء حرب الإبادة على غزّة، أغلق الاحتلال الطرق والحواجز، وتوقّف عن إصدار التصاريح، وبات عددٌ من المعلّمين والمعلّمات غير قادرين على الوصول إلى المدارس في القدس. لذا، دعت المؤسّسة المعلّمين والمعلّمات الذين لا يعملون ويسكنون القدس، إلى التطوّع في المدارس التي تحتاج إلى معلّمين بدلاء. وأطلقت المؤسّسة دعوتها تحت عنوان "معلّمون يشترون زمنًا في القدس". أسهمت الفكرة في توفير معلّمين بدلاء، وطواقم عملٍ لعددٍ من المدارس في القدس خلال السنة الدراسيّة 2024/2023.
برنامج تطوير البُنى التحتيّة في مدارس القدس
يعرقل الاحتلال إمكانيّات البناء في القدس، ويضع الإجراءات والقوانين التي تجعل عمليّة البناء صعبةً بشكلٍ عامّ، ومستحيلةً في مناطق بعينها. لهذا تقع معظم مدارس القدس في مبانٍ مستأجرةٍ، ويحتاج العديد منها إلى صيانةٍ وترميمٍ وإعادة تأهيلٍ، لتخدم العمليّة التعليميّة بالشكل الأنسب. أمّا المدارس التي تملك مبانيها، وتملك مساحاتٍ مناسبةً، فغالبيّتها قديمةٌ جدًّا، وتحتاج إلى الترميم والصيانة أيضًا. لهذه الأسباب، أطلقت مؤسّسة فيصل الحسينيّ برنامجًا للترميم والصيانة والتأهيل لـ67 مدرسةً في القدس، يشمل بناء طوابق إضافيّةٍ، وإنشاء مرافق صحّيّةٍ، وإعادة تأهيل المختبرات والمكتبات، وإتاحة الأجهزة والمستلزمات. كما أنشأت خلال السنوات 2021 - 2024 مختبرَين للتكنولوجيا وحديقةً بيئيّةً، وأعادت تأهيل مرافق صحّيّةٍ لـ45 مدرسةً، وزوّدت 24 مدرسةً بأجهزةٍ تعليميّةٍ متطوّرة.
برنامج المساعدات الطارئة والصغيرة
يستهدف هذا البرنامج تلبية احتياجاتٍ طارئةٍ أو صغيرةٍ في المدارس والمؤسّسات الثقافيّة والشبابيّة، مثل توفير أجهزةٍ أو مستلزماتٍ، أو تجهيز غرفٍ صفّيّةٍ ومرافق تعليميّةٍ، ودعم نشاطاتٍ توعويّةٍ أو ثقافيّة. وقد استفادت 13 مؤسّسةً من هذا البرنامج بين السنوات 2021 - 2024.
تموّل المؤسّسة برامجها من مصادر متعدّدةٍ، تشمل التمويل الذاتيّ والحملات التمويليّة، والمشروعات التي تتلقّى تمويلًا من مؤسّساتٍ داعمةٍ، والتبرعات الفرديّة، ما يدعم استمرار أنشطتها، ويعزّز قدرتها على تقديم خدماتٍ فعّالةٍ لصالح التعليم في المدينة.