كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟
لطالما كنتُ أعتقد أنّ المدرسة تُمثّلُ سجنًا صغيرًا أمام أحلامنا، وبعد خوضي لتجربة التعليم، أدركت أنّها سجن أيضًا على المعلّم غير التقليديّ؛ لا أعلم كيف يجبرون الطلاب على البقاء ساعات طويلة بين أربعة جدران مع أكوام من القواعد الصّارمة التي تحدّد ما الممنوع فقط، يشرحون لهم عن الطبيعة والفصول ولا يسمح لهم بخوض هذه التجربة والسفر بين طرقات الجبال والسهول المحيطة بالمدارس، يعلّمون الأطفال الألوان بالرسم على جدران الغرفة، مع أن الطبيعة خيرُ معلّم لجميع المهارات.
لطالما حلمتُ، عندما كنتُ طالبة، بمدرسةٍ دون جدران، ودون كتاب مملٍّ يحمل بين طياته أفكار لا تشبهني، لطالما كنتُ أحلم بحصّة لغة عربيّة نعبّر فيها عما يدور في خاطرنا دون زخرفات الكتاب المملّة.
لماذا لا نُحلّل أغاني فيروز والشّيخ إمام، ونكتب عن تجاربنا البسيطة، أوّل مشوار على المدينة، وأوّل لقاء عاطفيّ، وأوّل كل شيء في حياتنا.
ما هي أوّل نصيحة تنصحين بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟
تحرّر من جميع المعلّمين الذين علّموك، ولا تحاول إرضاء أحد على حساب ما تشعر بهِ، أو على حساب ما تراهُ مهمًّا للطلّاب.
ما هو تعريفكِ للدهشة؟ وكيف وصلتِ إلى هذا التّعريف؟
الدَّهشة: هي حالة الهذيان بين الوعي واللاوعي، يصاب بعد هذا الشعور الإنسان بحالة من النشوة. ووصلت لهذا التعريف بعد حصّة دراما طبقتها مع طلاب الصّفّ السابع، بعد خروج الطلّاب بالكثير من الأسئلة والأفكار غير المُتوقّعة.
ما هي مصادر الإلهام في مسيرتكِ التعليميّة؟ لماذا؟
في رحلتي القصيرة من البيت إلى المدرسة أجمع ما أرغب بتقديمه لطلابي، وأحاول دائمًا أن أدمجَ الحياة بتفاصيلها وأخبارها وأغانيها بالحصّة الصفّيّة، أحيانًا تستوقفني أغنية في السيّارة فأقرّر أن أدمجها في حصّتي، الحياة بتفاصيلها مصدر إلهامي.
من هو الطّالب المُتميّز برأيكِ؟ لماذا؟
الطالب الذي يُكرّر السؤال عشرات المرات حتى يصل إلى إجابة تستحق قيمة السؤال، والطالب الذي يخلق من عدميّة المنهاج سؤالًا بحثيًّا فلسفيًّا يأخذُ منّا نقاشهُ أكثر من حصّة، ذلك على أمل إيجاد جواب يرضي غرور عقله.
حسب معاييرك، كيف تصفين المُعلّم المُلهِم؟
هو المعلّم الذي تحرّر من قيود المنهاج، وقيود القوانين والتعليمات القاتلة، وأنتج مساحة للطلّاب مليئة بالمعارف والخبرات غير المدرجة ضمن المنهاج، وفتح لطلابه أبواب من البحث والنقاش وطرح الأسئلة.
ما هو الموقف الذي تندمين عليه في مسيرتك التعليميّة؟
في السنة الأولى كنت أتبع أسلوب التلقين في تدريسي، وكان بهدف إنهاء المنهاج، وضمان بقاء صورتي كمعلّمةٍ ملتزمة ومجتهدة أمام أرباب العمل.
برأيكِ، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟
إن كانت الإدارة تقليديّة لا تعطي مجالًا للمعلّم أن يبدع أو أن يتحرّر من قيود ومتطلّبات التربية غير مهمّة، وإذا بقي الأستاذ منهكًا من كثرة الأمور الورقيّة التي في كثير من الأحيان لا تكون مهمّة، تكون العلاقة متعبة وفيها استنزاف للمعلّم. باعتقادي، على الإدارة الناجحة إعطاء مساحة مناسبة للمعلّم لاختيار أساليب تدريسه، والتخفيف من الأمور الورقيّة والشكليّة غير المفيدة.
ما الذي تُريدين محوه من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟
باعتقادي أن المعلّم أوّلًا عليه أن يعترف أنه لم يعد المصدر الوحيد للمعلومة، وحتى لو كان الطالب شارد طيلة الحصّة، فهو قادر على إيجاد بدائل للحصول على أيّ معلومة، يجب على المعلّم البحث عن طرق مختلفة لتقييم طلّابه، ويجب أن يؤمن أن دوره الحقيقيّ لا يندرج فقط تحت بند المادّة والمعلومة، وعليه دائمًا البحث عن وسائل وأساليب مختلفة، ومن الممكن أن تكون هذه الطرق والأساليب بسيطة، نأخذها من أولاد يلعبون في الشارع، أو من طريقة أجدادنا في سرد القصص، وتقديم المعلومات.
ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليكِ وعلى تجربتكِ في الحياة؟
لم يؤثّر عليّ كتاب محدّد فلكلّ كتاب تجربته وخصوصيّته وتأثيره على فداء، ولكن للكاتب ميلان كونديرا تأثير جميل على تجربتي في الحياة، وعلى نظرتي وتقييمي للأدب بشكلٍ عامّ.