يتطلّب نجاح الدمج المحدود أو الإدماج (الدمج العامّ الشامل) معرفة المربّين أهمَّ الطرائق الممكن اعتمادها للتعامل السليم مع الطلّاب ذوي الإعاقتين البصريّة والسمعيّة في حال حضورهم في الصفوف العاديّة. ولعلّ أحد أهمّ الشروط لنجاح أيّ طالب ذي إعاقة حسّيّة مدمج هو حسن التعامل معه من دون التركيز على نقاط ضعفه أو قوّته من دون غيرها. فهو يستحقّ اهتمامًا معيّنًا لا يتعدّى مستوى إشعاره بأنّه فرد كامل المواصفات في مجموعة رفاقه في الصفّ أو الفصل الدراسيّ.
هنا تكمن خطورة فهم الطرائق والتكتيكات المدرجة، والسعي إلى اعتمادها من دون مبالغة في تطبيقها، ومن دون إغفال التنبّه إلى خصوصيّة وضع أيّ طالب ذي إعاقة بصريّة مدمج داخل الفصل الدراسيّ. قد يرسم هذا الكلام الكثير من علامات الاستفهام لدى المربّين، لكنّ فهم الأساليب المقترحة، والتنبّه إلى تطبيقها وفق الشروط الأساسيّة، يساعد على خوض المربّين تجربة الدمج بنجاح، حتّى ولو كان المربّي يستقبل طالبًا مكفوفًا أو معاقًا بصريًّا واحدًا، أو أكثر، للمرّة الأولى في صفّه. والطرائق المنصوح باتّباعها، بل المفترض استخدامها، هي خلاصة تجارب أجيال من المربّين والمحاضرين والمدرّسين المتجوّلين ومدرّسي الظلّ. كما يجد القارئ في هذه الطرائق، عند التمعّن في كلّ منها، تلميحات وإشارات إلى الكثير من الأمور التي أثارها العَرْض التاريخيّ والطرح الخاصّ بتأهيل البيئة المدرسيّة والصفّيّة.
من الواجب، تضمين توصيف المقرّر بيانًا عن مسائل التكييف والاستيعاب بالنسبة إلى الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة تحديدًا. وفي اليوم الأوّل للدروس، ولا سيّما في المرحلة الثانويّة ثمّ الجامعيّة، لا بدّ من تنبيه الطلّاب إلى أن يحدّدوا إعاقتهم ووضعهم بأنفسهم، وذلك من خلال إعلان مدرّس كلّ مادّة (أو كلّ أستاذ محاضر) مثلًا: "الرجاء الاتّصال بي لمناقشة التكييف بخصوص الإعاقة".
ومن الضروريّ أيضًا تهيئة الموادّ الدراسيّة (إعداد كتب بخطّ برايل أو أخرى مسجّلة للطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة على اختلاف مستوياتهم التعلّميّة) قبل وقت غير قصير من اليوم الأوّل من الدروس، وذلك حتّى يشعر الطالب أو الطلّاب بالاطمئنان، ولا يساورهم أيّ قلق إذا أرادوا تحضير الدروس أو كتابة الواجبات أو القيام بعمليّة بحث ضمن المهامّ المدرسيّة العاديّة أو حتّى الاستثنائيّة.
في الحصص الدراسيّة، يجب أن تكون التعليمات موجزة وغير معقّدة قدر المستطاع. وفي حال تكرار التعليمات، يجدر بالمربّي أن يعيد بالضبط ما قاله من دون أن يلجأ إلى إعادة صياغة الكلام وشرحه. وأيّ تعديل في برنامج الصفّ أو المقرّر المعتمد ومتطلّباته يجب الإعلان عنه سلفًا لجهة مواعيد الامتحانات وتسليم المهامّ الأدائيّة المطلوبة. ولا يصحّ الامتناع عن تقديم معلومات المحاضرة في صيغة بصريّة، وذلك شريطة توفير نسخة برايل أو ميسورة القراءة بالنسبة إلى الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة. والمنصوح للمدرّس اعتماد أكثر من طريقة لعَرْض المعلومات أو شرحها.
عند إعطاء الدروس، يجدر بالمربّي ذكر الأهداف ومراجعة الدروس السابقة وتلخيص العروض مرّة كلّ أسبوع أو أسبوعين.
ومن المفيد أيضًا تزويد الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة (ومن ضمنهم المكفوفون) بالموادّ في أشكال بديلة في الوقت الذي تقدَّم الموادّ عينها إلى الطلّاب الآخرين في الصفّ. على الطالب ذي الإعاقة البصريّة أن يحدّد بنفسه الشكل المفضّل عنده للدراسة (نسخة بخطّ برايل حتّى لشخص يعدّ مبصرًا جزئيًّا، أو نسخة ذات حروف طباعيّة كبيرة مثلًا).
يفترض بالمعنيّين (الهيئات التدريسيّة وإدارات المدارس بالتعاون مع الأهالي أحيانًا) العمل على توفير الموادّ التدريسيّة في الصفّ أو المقرّر الافتراضيّ في شكل نصوص. ومن المفيد والواجب إيجاد توصيفات نَصِّيّة للمادّة الصوريّة بطبيعتها. وعلى المربّي أن يعيد بصوت عالٍ كلّ ما يُكتَب على اللوح أو من خلال عروض الشرائح الضوئيّة أو المصوّرة، مع توفير نصوص مكتوبة بصيغة ورد أو حتّى بخطّ برايل. كما ينتظَر من إدارات المدارس والجامعات أن تشدّد في توجيهاتها على وجوب السماح للطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة بتسجيل المحاضرات في الصفّ. ولا يجوز حسبان الكلام عن الترتيبات المعتمَدة في الجامعات والثانويّات غريبًا وغير مناسب.
في الوقت نفسه، يجدر بالمربّي أن يشجّع على التعاطي الإيجابيّ بين الطلّاب غير ذوي الإعاقة والطلّاب ذوي الإعاقة، ممّا يوجد أجواء مناسبة للتعاون الفعّال والمثمر بينهم. في هذا السياق، يُنصَح للمربّي بحمل الطلّاب المختلفين على التشارك في فرق العمل الصفّيّ المختلفة بطريقة تجعل الطالب ذا الإعاقة أو الطلّاب ذوي الإعاقة يبدّلون فرقهم.
ومن المهمّ حفظ مقعد أو حجزه في الصفّ الأماميّ للطالب ذي الإعاقة البصريّة. وفي جميع الحالات تمسّ الحاجة كثيرًا ببعض الطلّاب ذوي الإعاقة البصريّة إلى التزوّد بالموادّ التعليميّة والامتحانات على ورق ملوّن للتخفيف من حدّة اللَّمعان. وينبغي أن يكون المربّون على دراية ووعي بتأثير الإضاءة وانعكاساتها عند الكتابة على اللوح الأبيض.
بالنسبة إلى كتابة المهامّ الصفّيّة والخضوع للامتحانات (على اختلافها من طارئة سريعة، وعاديّة منتظمة فصليّة، ونصف فصليّة أو سنويّة، وختاميّة)، يجب تقديم المساعدة في مراجعة الأعمال الكتابيّة أو التحريريّة وفي تنقيحها. ولا بدّ من اعتماد التعديلات الضروريّة على أوراق المسابقات (وهي تقدّم مكتوبة بخطّ برايل، أو معروضة بإخراج معدّل، أو مكتوبة بحروف طباعيّة كبيرة).
في الامتحانات على أنواعها، ولا سيّما في المرحلة الثانويّة وسنوات الجامعة، قد يحتاج الطالب المكفوف أو ذو الإعاقة البصريّة (الذي لا تساعده قوّة إبصاره على القراءة والكتابة بالخطّ العاديّ) إلى قارئ يقرأ له الأسئلة إذا لم توفَّر له بصيغة معدّلة. ولعلّه يتطلّب أيضًا مساعدة كاتب يُدَوِّن له أجوبته؛ والقارئ والكاتب قد يكونان شخصًا واحدًا، أو ربّما احتاج فقط إلى قارئ، وذلك حتّى يكتب هو بنفسه إجاباته على الآلة الكاتبة أو الكمبيوتر.
عندما يساورك- وأنت المربّي الخاصّ أو مدرّس الصفّ أو المادّة في الصفوف الأساسيّة والمتوسّطة والثانويّة، أو أستاذ الجامعة بصورة خاصّة- الشكّ في طريقة تقديم المساعدة بالشكل الصحيح إلى الطالب المكفوف أو ذي الإعاقة البصريّة ولا سيّما الثانويّ والجامعيّ، عليك أن تسأله بأقصى درجة ممكنة من الخصوصيّة والسرّيّة عن وضعه وحاجته، وذلك من دون لفت الانتباه إلى الطالب أو إلى الإعاقة.
الخوري، جورج. (2023). التعليم الدامج لذوي الإعاقتين: البصريّة والسمعيّة. إصدارات ترشيد التربويّة. ص307-315.