التعليم استثمار لا استهلاك: بناء شراكة فعّالة بين المجتمع والمدرسة
التعليم استثمار لا استهلاك: بناء شراكة فعّالة بين المجتمع والمدرسة

تعمل المدارس على مدار الساعة كمحاور للتعلّم مدى الحياة، والذي يساعد في تعليم وتقدّم كلّ فرد في المجتمع المحلّيّ تمثّل المدارس استثمارًا اجتماعيًّا ضخمًا، ويتعجّب الناس منذ عدّة عقود، كيف يمكن السماح لهذه الموارد القيّمة أن تعجّ بالنشاط طوال النهار، وأن تُظلِم طيلة الليل. وقد وجد الكثيرون الإجابة في "المدارس المضيئة" (Lighted Schools)، وهو مصطلح يستخدم للدلالة على مدارس تُستخدم ليلًا ونهارًا مراكز للتعلّم والترفيه. ففي القرن الحادي والعشرين، يجب أن تصبح المدارس مراكز رقميّة أيضًا (Digital Hubs)، مفتوحة إلكترونيًّا على مدار الساعة، 7 أيّام في الأسبوع، 365 يومًا في السنة، وهو ما سيؤدّي إلى تحقيق التفاهم والدعم عبر الأجيال. 

بل يقترح البعض أنّه مع الزيادة في أعداد السكّان وطول أعمارهم، يجب أن تفكّر المدارس في تقديم خدمات رعاية لكبار السنّ خلال النهار، وأن تشكّل نقاط تجمّع للمسنّين في المجتمع المحلّيّ. ومن الأمثلة على ذلك ما تفخر به منطقة ليك وورث التعليميّة في هيوستون في ولاية تكساس الأمريكيّة، بأنّها تفتح أبوابها منذ السادسة صباحًا وحتّى العاشرة ليلًا، وتقدّم برامج في رعاية الأطفال والكمبيوتر للكبار، وبرنامجًا مشتركًا تعاونيًّا مع جامعة تكساس، يعطي اعتمادًا وشهادات في القيادة للمدرّسين الذين قضوا خمس سنوات على الأقلّ في النظام التعليميّ. 

تقول نانسي ستوفر: "عندما يتردّد الناس بانتظام على المدارس، تصبح أمور الأمن والنظافة وتحديث المعدّات قضايا تهمّ المجتمع المحلّيّ بأسره". 

وتضيف مونيكا برادشر: "من النتائج الجانبيّة لهذا الاتّجاه، تزايد دعم المجتمع المحلّيّ للمدارس، وزيادة الإفادة من المباني والتجهيزات المدرسيّة في ما يحتاجه الناس فعلًا، مثل: التعلّم طوال الحياة، وتغيير المهنة عدّة مرّات". 

 

قادة المؤسّسات الاقتصاديّة والمجتمع المحلّيّ يدعمون الاستثمار في التعليم 

التعليم ليس استهلاكًا، إنّه استثمار، وعلى قادة المؤسّسات الاقتصاديّة والمجتمع المحلّيّ أن يفهموا هذا المبدأ الأساسيّ ويدعموه. 

في القرن الحادي والعشرين، يجب على المسؤولين عن التعليم مساعدة المجتمعات المحلّيّة التي يعملون فيها، على النظر إلى المدارس ونظم التعليم على أنّها نقاط الالتقاء في المجتمع، وعليهم أن يمدّوا أيديهم إلى قادة المؤسّسات الاقتصاديّة والمجتمع المحلّيّ، والالتقاء بهم في أغلب الأحيان في أماكن عملهم، وعليهم أيضًا أن يتأكّدوا من أنّ هؤلاء القادة وعامّة المواطنين يساهمون بشكل حقيقيّ في أعمال المدارس. 

يمكن أيضًا ربط قادة المؤسّسات الاقتصاديّة والمجتمع المحلّيّ بالتعليم، وتزويدهم بأخباره عن طريق النشرات المطبوعة والإلكترونيّة، والاهتمام بمعرفة آرائهم حول القضايا التي تؤثّر في المجتمع المحلّيّ على نحو فرديّ، أو بمشاركتهم في الجماعات الاستشاريّة. 

عندما يجد قادة المؤسّسات الاقتصاديّة والمجتمع المحلّيّ الفرص لإبلاغ المربّين مباشرة بحاجاتهم من العاملين والمواطنين الأكفّاء، في عصر العولمة والمعرفة والمعلومات، يجد المربّون فرصة مماثلة لإبلاغهم عن الدعم الذي يحتاجون إليه لتحقيق ذلك. 

تؤكّد ساندرا ولش، نائبة الرئيس السابقة لشؤون التعليم في مؤسّسة (PBS)، على ضرورة تعاون قادة المؤسّسات الاقتصاديّة مع المربّين، لضمان تطبيق أفكار ومبادئ مجلس الواحد والعشرين في المدارس ونظم التعليم، بما ينعكس على مختلف جوانب المجتمع. 

 

المدرّسون والآباء يعملون معًا لرفع مستويات أداء التلاميذ 

يريد الآباء أن يكون أداء أبنائهم مرتفع المستوى، ونظرًا لأنّ وقتهم ضيّق غالبًا، فإنّ الخبرة الجماعيّة للآباء تستطيع مساعدة المدرّسين في إثراء ما يحدث في الفصل الدراسيّ، وربطه بالحياة الواقعيّة. تكتسب المدارس عادةً مغزى وقيمة أكبر لدى التلاميذ الذين يعرفون أنّ آباءهم يقدّرون التعليم، إلى الدرجة التي تجعلهم يساهمون فيه. 

وكما يقول أرنولد فيجي، رئيس جمعيّة "الدفاع العامّ عن الأطفال"، والعضو القديم في "الرابطة القوميّة للآباء والمدرّسين": "سوف تكون المدارس أكثر نجاحًا في إعداد التلاميذ للقرن الحادي والعشرين، إذا كان الآباء وغيرهم من المعنيّين جزءًا من العمليّة التعليميّة". 

 

ترتبط المدارس بصلات مع مؤسّسات الرعاية الصحّيّة والإسكان والخدمات الاجتماعيّة وغيرها من مؤسّسات المجتمع المحلّيّ مع التطوّر المستمرّ الذي يطرأ على المؤسّسات الاقتصاديّة وغيرها، جعلت هذه المؤسّسات مساعدة عملائها وصداقتهم من مبادئها الأساسيّة، وتتوقّع الجماهير الآن الشيء نفسه من المؤسّسات العامّة. 

يطالب الآباء وغيرهم من المواطنين – وبحقّ – بتحسين معاملة المؤسّسات العامّة لهم، نظرًا لانشغالهم وضيق أوقاتهم. ولهذا تسعى بعض المدارس ونظم التعليم إلى التعاون مع المؤسّسات الاجتماعيّة التي تقدّم خدمات للمجتمع المحلّيّ، مثل الصحّة والإسكان والرعاية الاجتماعيّة والعائليّة، بفتح مكاتب لها داخل المدارس المحلّيّة، لتكون أكثر قربًا من المستفيدين. 

يقول كلاوس دريسن، المراقب السابق لمنطقة ليك وورث التعليميّة المستقلّة في هيوستن، تكساس: "توفّر هذه الطريقة وقفة واحدة للتسوّق، أو الحصول على الخدمات الاجتماعيّة التي يحتاج إليها الناس في مكان واحد". 

بينما يتحفّظ دونالد فيدلر، مراقب منطقة المدارس الأكاديميّة رقم 20 في كولورادو سبرنجز في كولورادو، على هذا الأمر قائلًا: "يجب أن تُقدّم خدمات هذه المؤسّسات عن طريق مؤسّسات اجتماعيّة أخرى، وليس عن طريق المدارس". 

وفي القرن الجديد، سيكون الكثير من هذه الخدمات مرتبطًا ومتّصلًا عن طريق موقع على الشبكة الإلكترونيّة التي تغطّي المجتمع المحلّيّ بأكمله، والتي سيكون مركزها في الغالب المدرسة المحلّيّة. 

 

يفهم الآباء مسؤوليّاتهم بوضوح 

القول إنّ المدرسة بحاجة إلى دعم شيء، وأن يجتمع المسؤولون والمدرّسون مع الآباء للاتّفاق على نوعيّة الدعم المطلوب شيء آخر. فمن الواضح أنّ على الآباء تحمّل مسؤوليّة رعاية أطفالهم، وتوفير الطعام والملبس والمأوى المناسب لهم، والاهتمام بصحّتهم البدنيّة والعقليّة. في القرن الحادي والعشرين، على المدارس والآباء أن يناقشوا مسؤوليّة كلّ فريق  – الفرديّة والمشتركة – عن تربية كلّ طفل، ويتّفقوا عليها. يقول جون أوروك: "على كلّ الفرقاء أن يفهموا مسؤوليّاتهم، إذا أردنا النجاح حقًّا في تربية الأطفال".