كيف تتحوّل الاختبارات من مصدر قلق وتوتّر للطلّاب إلى معزّز للحيويّة والطاقة؟ وهل يمكن ذلك دون إرهاق المعلّم أو المعلّمة بمزيدٍ من المهام؟ وكيف يمكن للتقانة أن ترفع مستوى مفصل هامّ من مفاصل العمليّة التعليميّة ألا وهو الاختبارات؟
من أهمّ المكتسبات في جائحة كورونا بروزُ دور التقانة كعامل داعم لتطوير التعليم، واكتساب المعلّمين والمعلّمات وطلّابهم القدرة على استخدام الأدوات التقنيّة المختلفة. من هنا، تجدر الاستفادة من هذه المعرفة لدعم الطالب والمعلّم، وذلك بتفعيل هذه الأدوات في الممارسات الصفّيّة.
يمكن للتقانة أن تحوّل الاختبارات الرتيبة إلى مصدر تشجيع وحماس عند الطلّاب، من دون الحاجة إلى إغراق المعلّمين بالمزيد من أوراق التصحيح؛ إذ يُمكن للمعلّم اختيار نوع الاختبار المناسب للمادّة المُدرَّسة، وهدف الاختبار، سواء أكان مبدئيًّا أو تقويميًّا أو تحصيليًّا. ومن أهم فوائد تفعيل التقانة في التقييم:
1. السرعة والمرونة
توفّر أدوات التقنيّة السرعة في إجراء الاختبار ومعرفة النتائج، ما يوفّر فرصًا أكثر للتقويم، وذلك بواسطة تمكين المعلّم من معرفة مستوى أداء الطالب وتحديد احتياجاته من دون انتظار وقت التصحيح، أو الاعتماد على التوقّعات. وتوفّر بعض هذه المواقع نماذج معدّة، يمكن تعديلها بيسرٍ، لاستخدامها في الفصل. كما توفّر مرونة التقييم القدرة على تحديد الخطوات اللاحقة في التخطيط، بعد النظر إلى إحصائيّات الاختبارات الماضية للطلّاب جميعهم من غير العودة إلى الأوراق كاملة.
2. تنوّع التغذية الراجعة
يجتهد المعلّم دائمًا في توفير التغذية الراجعة في الوقت المناسب للطالب، ولكن بالنظر إلى عدد الطلّاب وضرورة الاختبارات الدوريّة المتتالية، يقع المعلّم في دوامة من الأوراق قد تؤخّر الردّ وتعديل سلوك طالبه. وهذا ما توفّره أدوات التقانة، سواء بتوفير تغذية راجعة محضّرة مسبقًا تظهر عند اختيار الطالب لإجابات معيّنة، أو السماح للطالب بمراجعة أخطائه وتحديد ما يحتاج إليه طرحه من أسئلة. كما يمكن اعتماد هذه الأدوات في السماح للطلّاب بالمشاركة في مراجعة الأقران وتبادل الملاحظات.
3. دعم الفروق الفرديّة
من أهمّ التحدّيات التي تواجه المعلّم مراعاةُ الفروق الفرديّة بين الطلّاب، واختلاف احتياجاتهم وقدراتهم. وهي تتطلّب المزيد من الجهد من المعلّم في تحضير أوراق الاختبار لضمان توفّر فرص متكافئة لكلّ الطلبة. وهُنا يأتي دور التقانة، إذ توفّر الأدوات المتنوّعة إمكانيّة تنويع المحتوى بما يتناسب مع احتياجات الطالب وقدراته. يمكن للمعلّم، مثلًا، السماح للتطبيق بقراءة النصّ للطالب عندما يكون التقييم لفهم النصّ، ولا يحتاج إلى تقييم أداء الطالب في القراءة، ما يساعد الطالب المشخّص بعسر القراءة على تجاوز نقطة الضعف والإجابة بيسرٍ على اختبار لا يقيّم القراءة مثلًا.
4. إضافة المرح والحماس
يتأثّر مستوى بعض الطلّاب التحصيليّ بسبب توتّرهم أثناء الاختبار، حيث يشعر الطالب بعدم الارتياح، ما يتسبّب بإجابات خطأ أو متسرّعة. بينما تُشعرهم أدوات التقنيّة بمزيد من الارتياح، خصوصًا عندما يوفّر المعلّم خيارات للإجابة بطرقٍ متنوّعة، كالكتابة أو التسجيل الصوتيّ أو المرئيّ، ما يزيد من حماس الطالب ليس للاختبار وحسب، إنّما لعمليّة التعلّم كلّها. كما يمكن للمعلّم إضافة المزيد من المرح باستخدام أدوات التلعيب (الأدوات التي تطبّق عناصر اللعبة).
أدوات مجّانيّة للاختبارات المعتمدة على التقانة
وهُنا، نستعرض بعض أدوات التقانة المجّانيّة التي يمكن الاعتماد عليها في تقديم الاختبارات.
يعتبر من أهمّ مواقع التقييم، وذلك لسهولة استخدامه، وإمكانيّة التحكّم بالاختبار عبر اختيار أسلوب الاختبار، وأيضًا اختيار التحكّم بالانتقال بين الأسئلة. ويعدُّ الاختيارُ الأخير الأمثلَ عندما يرى المعلّم أنّ الطالب قد يتسرّع في الإجابة، أو قد يتردّد في طلب الدعم. كما يسمح ببناء أسئلة متنوّعة تتضمّن إضافة الصور والإجابات المفتوحة.
يمكّن هذا الموقع المعلّم من استخدام أي مقطع مرئيّ يملكه، أو موجود على منصّة يوتيوب، لتسهيل عمليّة تقييم الطلّاب. وذلك من خلال إضافة أسئلة إلى نقاط محدّدة من وقت المقطع، وانتظار الإجابات من الطلّاب قبل المُضيّ إلى النقاط اللاحقة.
يمكن للمعلّم أن يستخدم هذه الأداة لتقييم مستوى الطلّاب بواسطة فتح المجال لإضافة التعليقات والصور ومقاطع الفيديو، ومشاركتها على حائطٍ تفاعليّ. تُقيِّم هذه الأداة، أيضًا، قدرة الطلّاب على التفاعل والتواصل مع الآخرين.
يمكّن هذا التطبيق المتعلّمين من تسجيل الصوت للإجابة عن أسئلة تقويميّة، أو المشاركة في نقاش مفتوح مع أقرانهم. كما يفتح المجال أمامهم لتحميل صور ومقاطع مرئيّة وعروض وغيرها، ثمّ لتبادل الملاحظات.
أداة تقنيّة دون أجهزة مع الطلّاب
قد يبدو الأمر محيّرًا، ولكن مع عدم توفّر الأجهزة في معظم الصفوف المدرسيّة، تبقى الأداة الأكثر طلبًا هي تلك التي لا تحتاج إلّا إلى جهاز المعلّم المحمول. وتلك الأداة هي Plickers. يستطيع المعلّم بواسطة هذه الأداة جمع إجابات الطلاب من دون الحاجة إلى أجهزة متعدّدة؛ فيكفي أن يقوم بطبع بطاقات الإجابات مرّة واحدة في العام لكلّ طالب، وأن يستخدمها في الإجابة عن أسئلة أيّ اختبار، ثمّ تظهر للمعلّم الإجابات جميعها على شاشة المحمول الخاصّ به.
وباعتقادي، يمكن للمعلّمين ابتكار حلول متعدّدة، حتّى مع عدم توافر أجهزة كافية لجميع الطلّاب في الفصل الدراسيّ. من هذه الحلول، مثلًا، استخدام بعض الأجهزة في زاوية من الغرفة الصفّيّة ليُختبر الطلّاب بالتتالي، أو تقسيم الطلاب على مجموعات، والسماح لكلّ مجموعة باستخدام جهاز واحد لرفع الإجابة. كما يمكن تعيين هذه الاختبارات كواجبات منزليّة، خصوصًا تلك التي تتضمّن تسجيل المقاطع المرئيّة والمسموعة، ما يسمح بمزيدٍ من الإبداع.