مَعَ أنّ الاسم قد يوحي باستخدام تقليديّ لوسيلتين قديمتين معروفتين في التعليم، السبورة والطبشورة، إلّا أنّ منصّة "طبشورة" التي أطلقتها (الجمعيّة اللبنانيّة للتعلّم البديل) عام 2014 أصبحت تجربةً رائدةً في توظيف التكنولوجيا في التعليم، ليس في لبنان وحده، بل وعبر خطّة توسّع واعدة لبلدان أخرى عدّة.
بدأت الفكرة بالعمل مع الأطفال المصابين بالسرطان، الذين يبقون في المستشفى لآماد طويلة، ما يعوق مسار تعليمهم أو اللّحاق بالاختبارات الرسميّة. وسرعان ما تطوّرت وتحوّلت إلى منصّة إلكترونيّة مكمّلة للمنهاج الدراسيّ اللبنانيّ.
جاءت المبادرة ضمن اتفاقيّة تعاون بين (المركز التربويّ للبحوث والإنماء) و(الجمعية اللبنانيّة للتعلّم البديل) في إطار إنتاج المنشورات التربويّة وبثّها، وإيصال موارد رقميّة ونشاطات ومعلومات إلكترونيّة إلى المتعلّمين، خصوصًا في المناطق النائية أو مناطق اللاجئين، على أن تتراصف هذه الموارد مع الأهداف التربويّة والثقافة المحليّة.
تعتمد المبادرة أيضًا على تطبيق "طبشورة في صندوق"، وهو "صندوق" تم تطويره باستخدام تقنيّة "راسبيري باي" وهي خادم إلكترونيّ صغير للغاية منخفض التكلفة، غير متّصل بشبكة الإنترنت. هذا ليتجاوز المعلّمون مشكلة ضعف الإنترنت، وانقطاع الكهرباء في المناطق النائية. يُحمَّل "الخادم" بمحتوى مبادرة طبشورة الخفيف، وهو عبارة عن ذاكرة حُمّل عليها موارد تعليميّة رقميّة. يعمل الصندوق مع أجهزة "باور بنك" (أو مخزن الطاقة)، ويمكن توصيله مع ما يصل إلى 30 حاسوبًا. أما منصّة طبشورة فتستخدم "موودل" (Moodle)، وهو نظام تعليميّ مجانيّ أُدمج مع مُلحقات نظام .(H5P) المنصّة مجانيّة، ويمكن لأيّ شخص التسجيل بها، والاستفادة من الأنشطة دون التعثّر بحقوق النشر.
يُصمَّم محتوى طبشورة بصورة تُحفّز الطالب على التعلّم الذاتيّ وتنمية الاستقلاليّة في التعلّم، والمنصّة ليست بديلًا عن المدرسة أو المدرّس، بل تعمل بصفة داعمة
يتوافق محتوى مبادرة "طبشورة" مع المنهاج الدراسيّ اللبنانيّ، ويقدَّم بصورة موارد وأنشطة تفاعليّة تهدف إلى تعزيز المعرفة والتفكير الناقد، ومهارات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيّات. المصادر متوفّرة بثلاث لغات: العربيّة والإنجليزيّة والفرنسيّة، فضلًا عن الموارد اللّاصفيّة في مجالات الفنون، والثقافة، والتربية المدنيّة، والمهارات الحياتيّة.
يُصمَّم المحتوى بصورة تُحفّز الطالب على التعلّم الذاتيّ وتنمية الاستقلاليّة في التعلّم، إلّا أنّ المنصّة ليست بديلًا عن المدرسة أو المدرّس، بل تعمل بصفة داعمة. تستهدف منصّة "طبشورة" الطلّاب الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة، أو ليس ثمّة أحد يستطيع مساعدتهم في المنزل. تتدرج الأنشطة كي تبني المفاهيم الأساسيّة للمادّة. هكذا يستطيع الطالب المتابعة في ما لم يستطع تعلّمه أو الوصول إليه. كما أن المنصّة تعفي المعلم من أيّ عمل إضافيّ غير المعتاد. كما أنّ تصميم المحتوى يعتمد على المرونة الكافية لإعادة استخدامه في بلدان أخرى. طُوِّر المحتوى تعاونيّا من المدرسين والخبراء التربويّين المحليّين.
في ظلّ جائحة كورونا برزت فعالية مبادرة "طبشورة" كونها قائمة على استخدام التكنولوجيا في التعليم لمن يعانون من صعوبة في الوصول إلى المدارس. ونظرًا لصعوبة إنشاء محتوى إلكترونيّ وتوفيره بطريقة مبتكرة للمستخدمين أو الطلّاب، بالإضافة إلى كلفة ذلك، عملت المبادرة على برامج عدّة، منها الموجّه للروضات مع أكثر من ألف نشاط للأطفال في الروضات، وكذلك للمرحلة التكميليّة من الصفّ السادس حتى الصفّ التاسع، والعمل مع ما يزيد عن 3000 طالب لبنانيّ. وكذلك برامج تدريب المعلمين وتمكينهم من العمل على المنصّة، واستخدام النشاطات الإلكترونيّة، ودمجها مع العمل في الصف. هذا بالإضافة إلى برنامج "طبشورة بلَس" الذي تعمل المؤسّسة على تطويره بصورة مستمرّة.
يعمل فريق "طبشورة" ضمن خطّة توسّع تشمل عقد شراكات مع منظّمات دوليّة وعالميّة مثل: Malala Fund ،GIZ . وثمّة خطّة مستقبليّة للعمل في كلّ من تركيا والأردنّ.
حصلت منصّة طبشورة على عدد من الجوائز المحليّة والعالميّة: جائزة الأمم المتحدة 2018، .Equal InTech Award كما اختيرت ضمن أربع مبادرات في "تكنولوجيا التعليم" ضمن برنامج "وايز" في قطر لدعم الابتكار للعام الدراسيّ 2017-2018.