كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترى مستقبل المدرسة كمكانٍ؟
أتخيّل أن يكون التعلّم ذاتيًّا في مكتبات مُصمّمة بدقّة يُشرف عليها أشخاص موسوعيّون خبراء في مجالات التعلّم المختلفة. وقد يتعاونُ المُشرفون مع الطلّاب، أو الطلّاب مع بعضهم لأجل تجاوز صعوبات فهم المعارف وتطوير المهارات. إن احتضان المكتبات للتعلّم سيرسخ لدى النشء عادات البحث والقراءة والمناقشة، وسيثير لديهم الرغبة في اكتساب المهارات، ما سيفرض مع مرور الوقت توسيع المكتبات لتستجيب لحاجات الطلّاب التعلّمية.
إننا، حاليًّا، نشهدُ نوعًا من المدارس يُقدم فيها المعلّمون دروسًا مؤطَّرة بالمنهاج الدراسيّ والكتاب المدرسيّ، وتخضع لعمليّة تقييم تُتوّج بالعلامات، هذه المهام تُنفّذ حضوريًّا في قاعات الدّرس. لو فكّرنا في مستقبل المدرسة كمكان، قد تصبح أمكنة موزّعة ينتقّل عبرها الطلّاب لتلقي المعارف وتطوير المهارات واكتساب القيم، ستكون هناك قاعات تدريس في المكتبة والمشفى والإدارة والمعمل، وقد تضاف إليها أماكن مفتوحة، مثل الحديقة والملعب وغيرها. قد يكون التنّقل، في البداية، بين هذه الأماكن صعبًا، لكن تطوّر الفكر البشريّ سيوفر سبل تكيّف الطلّاب مع الوضع الجديد، ليعاينوا بأنفسهم كيف أن التعلّم عمليّة تطوّريّة موجَّهة بالخيال والعقل معًا.
كيف تصف تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟
لم يخُض المعلّمون جميعهم تجربة التعليم عن بُعد بالمعايير نفسها، لكنّ المسافة التي فرضتها أجهزة التواصل عن بُعد بين المعلّم والطالب قلّصت درجة التفاعل وصعبت إدارة عمليّة التعليم أكثر ممّا كانت عليه، مع أن المعارف كانت تُقدَّم للطلّاب بشكلٍ أكثرَ دقّة. وحين عدنا إلى الصفوف الدراسيّة، الواقعيّة، شعرنا بأن استخدام الوسائل الإلكترونيّة في التعليم بات ضروريًّا لتعلّمٍ أسهل وأكثر نجاعة.
اختر شيئًا واحدًا تودّ تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟
ما يحتاج إلى التغيير، انطلاقًا من تجربتي في التدريس، هو التمثّل الذي يحمله الطلّاب عن التفاضل القائم بين التخصّصات العلميّة والأدبيّة، فهذا قد يرسخ شعور الطلّاب بالتفاوت القيميّ.
برأيك، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟
لطالما اعتُبرت الفنون، ومنها الموسيقى، وسيلة للتعلّم الفعّال، فهي تساعد المتعلّمين على الاندماج في المواقف التعلّمية باعتبارها جزء من الحياة عامّة. قد يوظّف المسرح كفنٍّ لتعليم القيم، والموسيقى لتعليم المشاعر، والرسم لتنمية الحسّ الجماليّ. هكذا فطُرق التدريس باستخدام الفنون لا حصر لها، ويكفي أن نختار الطريقة الملائمة لتحقيق الأهداف المرغوبة.
إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟
طريقتي في التقييم ستكون وفق مؤشّرات الانخراط في مجتمع الصفّ الدراسيّ: العمل، والالتزام بالتعليمات، والحسّ القياديّ، والتنظيم، والحوار، والتجاوب مع المعارف، والمبادرة، وغيرها. وسينصب التقييم بهذا المعنى على حياة الطلّاب بكل أبعادها.
كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟
أحيانًا أثير انتباه الطلّاب إلى التفاصيل، التي تنطوي عليها بعض مواقف الحياة اليوميّة، ليفهموا أن الممارسة الفلسفيّة محايثة للواقع. فاستيعاب المسائل النفسيّة والاجتماعيّة، على سبيل المثال، لا يتأتّى لمن لم يكن مُدرّبًا على الانتباه إلى التفاصيل وقراءتها، ما سينعكس سلبًا على علاقاته بالآخرين. باختصار، يمكن أن نُعزّز الدروس بجوانب من حياتنا الواقعيّة ليكون للتعلّم معنى.
ما هو التعبير الذي تُحبّ أن تراه على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّ أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟
أحبّ أن أرى على وجوه طلّابي الرغبة في المزيد من المعرفة، وفي الوقت نفسه، تحقيق درجة من الثقة بأنهم بدّدوا بعضًا من قلقهم، وليس كلّه، فيما يخصّ الأسئلة التي شغلتهم لوقت ليس بقصير. وحين يغادرون المدرسة، أحبّ أن يشعروا بأن الوقت الذي قضوه في التعلّم لم يكن كافيًا لإرواء تعطشهم إلى المعرفة، وبأن رحلة التعلم لمّا تتوقّف بعد.
من هو الطالب المُلهم؟
الطالب المُلهم هو الذي لا يكفّ عن طرح الأسئلة، ومناقشة أفكار معلّمه وزملائه، وإنجاز الأبحاث في ميادين مختلفة. فحين يصمت الطالب ويكتفي بالاصغاء أو إنجاز المهام أو الانشغال بالعلامات لا يكون مُلهمًا. لذلك أُصرّ، دائمًا، على أن يأتي الطّالب إلى الصفّ مُحمَّلا بالأسئلة، ومنشغلًا بالقضايا الوجوديّة حتى يجد في الدّرس الفلسفيّ ضالّته، فيعمّق فهمه لذاته وللآخرين وللعالم المحيط به.
كصديقٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟
نصيحتي لهم كانت، دائمًا، أن يستغلّوا لحظات وجودهم في الصفوف الدراسيّة ليُطوّروا أكبر قدر من الكفاءة في ما يَدرُسُونه.
إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختار؟
سأختار المكان الذي سيرغب طلّابي في الذهاب إليه، لكني أُفضّل لو نتّفق على مكان نتعلّم فيه أشياء جديدة، قد نذهب في رحلة صيد إلى البحر، أو استكشاف مناطق أثريّة، أو نزور معارض فنّيّة، المهم أن نُغني تجربتنا في الحياة.