عقدت منهجيّات ندوتها لشهر أيلول 2023، بعنوان "بداية العام الدراسيّ: خطوط واضحة لعودة هادئة". وركّزت على محاور ثلاثة رئيسة، هي:
1. هل يكره الأطفال العودة إلى المدرسة؟
2. الإدارة المدرسيّة والمدرسة الواحة.
3. المعلّمون، بين البسمة والحزم شعرة.
استضافت الندوة مجموعة من المتحدّثات، هُنّ: د. ريام كفري أبو لبن، مستشارة تربويّة؛ أ. دلال حمّودة، مديرة المرحلة الثانويّة في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة؛ أ. روزين رزق، معلّمة ومنسّقة لمادّة اللغة العربيّة في إحدى مدارس مؤسّسة قطر؛ أ. عبير حمصي، مديرة مدرسة رياض الصلح الرسميّة في بيروت.
أدار الندوة أ. محمّد تيسير الزعبي، خبير تطوير أساليب تدريس اللغة العربيّة، والذي أكّد في بداية الندوة على أهمّيّة التكاتف لجعل بداية العام الدراسيّ مميّزة ومختلفة. مُشيرًا إلى أنّ بداية العام حدث يحظى باهتمامٍ كبيرٍ من المجتمع التربويّ بأركانه المتعدّدة، خصوصًا أنّ بداية العام هي الوقت الذي يحرص فيه أفراد هذا المجتمع على جعله حدثًا مميّزًا وقويًّا، مُضيفًا أنّ هذا الحرص ينبع من قلق المعلّمين على معايير ومقاييس يسعون إلى بلوغها وتحقيقها. وأكّد الزعبي أنّ البداية القويّة تُصبح، مع مرور العام الدراسيّ، نقطة للمُقارنة مع بقيّة العام، لتكون النتيجة، بالتالي، عامًا دراسيًّا يرفد الطلبة بما هو مثمر وبنّاء.
المحور الأوّل: هل يكره الأطفال العودة إلى المدرسة؟
كيف يتفاعل الأطفال مع العودة إلى المدرسة؟
بدأت أ. حمودة حديثها بالإشارة إلى مشاعر الأطفال المُتراوحة، عند العودة إلى المدرسة، بين الاشتياق والبهجة والقلق والخوف والرفض. وعن السبب وراء هذا التراوح، أوضحت أنّه يعود إلى تجارب الطفل خلال السنوات الماضية، أو تجاربه خلال الإجازة الصيفيّة، أو انتقاله إلى مرحلة أُخرى. مشيرةً إلى أنّ جميع الطلبة يبحثون عن مكان آمن، مكان ينتمون إليه ويكوّنون صداقات ويعيشون فيهِ تجارب متنوّعة جميلة، ذلك لكون الجانب الاجتماعيّ جانبًا مركزيًّا في حياة الطفل في المدرسة.
أمّا أ. رزق فداخلت حول عوامل مختلفة تؤثّر في عودة الطلبة إلى المدرسة، منها: التغيير في الروتين، خصوصًا أنّها عودة من عطلة لا روتين واضحًا لها، وسيدخل الطلبة إلى المدرسة وهم يفكّرون بالجدول الدراسيّ، والنوم المبكر. وتحدّثت عن الأطفال الذين يلتحقون بصفوف الدراسة لأوّل مرّة، وينسلخون عن عائلاتهم؛ عن منطقتهم الآمنة، ما يؤثّر فيهم وفي دخولهم المدرسة. كذلك، أشارت إلى انتقال الأطفال من مدرسة إلى أُخرى، وهذا يولّد قلقًا وتوتّرًا عندهم، خوفًا من البداية الجديدة. إلى جانب معاناة بعض الأطفال تجارب مُختلفة تؤثّر في تفاعلهم وعودتهم، كالتنمّر، أو الصعوبة في تكوين صداقات جديدة. وأضافت نقطة أخيرة، هي أنّ تجربة الطالب وشخصيّته وثقته، تؤدّي دورًا إيجابيًّا في العودة إلى المدرسة.
ماذا عن ارتباط تفاعل الطلّاب بالعودة إلى المدرسة مع مراحلهم العُمريّة؟
داخلت أ. حمصي حول المرحلة العُمريّة كعامل مهمّ يؤثّر في تفاعل الطلبة وردود أفعالهم وعودتهم إلى المدرسة. كما أشارت إلى أنّ عودة طلبة المرحلة الثانويّة تكون عادةً عودة مليئة بالحماس والتحفيز، خصوصًا أنّهم يعودون إلى بيئة يعرفونها، وتفاعلوا معها مسبقًا، بطبيعة الحال، مع وجود بعض الاستثناءات تعود إلى طلبة يعانون ظروفًا اجتماعيّة أو اقتصاديّة صعبة.
وضمن هذا السياق، أشارت أ. حمصي إلى سعي المعلّمين الدؤوب لإشراك الطلبة كفاعلين ومسهمين في الأنشطة والفعاليّات الترحيبيّة، لتوظيف هذا الحماس، والحفاظ عليه، ومحاولة نقله إلى طلبة آخرين من مراحل مُختلفة.
هل هُناك دور للوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ للطفل بحيث يحدّد موقفه من العودة؟
أجابت أ. رزق عن هذا الجانب بالإشارة إلى أمرين مهمّين: الأوّل: المكانة الاجتماعيّة، وهي ما تُترجم بضغط من قِبل الأهل على الأطفال لتحقيق نتائج مُعيّنة، تشبيهًا بأحد أفراد العائلة، أو فرض طموحهم كعائلة على الطفل، دون النظر إلى ميوله واهتماماته، وهذا لا شكّ يؤثّرًا سلبًا عند عودته إلى المدرسة. الثاني: التغييرات الاجتماعيّة الاقتصاديّة التي تطرأ على العائلة، وهي الأحداث المُختلفة التي تحصل ضمن العائلة، والتي لا يُمكننا معرفتها من دون إجراء حوارات مع الأطفال، ومساعدتهم لئلّا يطول أثر هذه الأحداث عليهم.
وأضافت أ. حمصي أنّ الظروف الاقتصاديّة عند العائلة تؤثّر في عودة الطالب، ما يولّد داخله شعورًا بأنّ أقلّ مستوى من زملائه، ويؤثّر في رغبته بالعودة إلى المدرسة. يمتدّ أثر الظروف الاقتصاديّة إلى ما هو أبعد من ذلك، فالعائلات التي لا تتوفّر لديها المقوّمات البسيطة الأساسيّة للحياة، لا تعتقد أنّ التعليم أولويّة. وأكّدت على إسهام ضغط الأهل في تشكيل ضغط يوميّ على الطالب، إلى جانب التغييرات، مثل تغيير المدرسة أو المدينة أو البلد.
هل يؤثّر الجندر أو نوع المدرسة (مختلطة، أو أحاديّة) في جعل بداية العام قويّة؟
استهلّت د. كفري أبو لبن مداخلتها بالتفريق، جندريًّا، بين الإناث والذكور في الاستعداد للمدرسة، فهُناك فروق في التطوير والإدراك تختلفُ من طفلة أو طفل إلى آخر، وتظهر مع تطوّرهم عُمريًّا في الجانب اللغويّ وفي التطوّر الاجتماعيّ- العاطفيّ، وهو ما يؤثّر على استعداداتهم الفرديّة للتواجد في المدرسة. وأشارت إلى اختلاف التوقّعات، كما التحضيرات، لبداية العام بين المدرسة المختلطة والأحاديّة. وكذلك إلى العلاقات بين الذكور والإناث، وكيفيّة تعامل الطلبة مع هذه العلاقات، والتي تجدر الإشارة إلى أنّ التعامل معها يختلف باختلاف المرحلة. ففي المرحلة الابتدائيّة لا تشكّل تحدّيًا واضحًا، أمّا في مرحلة المراهقة، فنجد أنّ هُناك تحدّيات من نوع بناء العلاقة، وإدارة هذه العلاقة لتكوين علاقات صحّيّة، وملائمة للوضع الاجتماعيّ والثقافة التي ينحدرون منها، سواء كانت ثقافة العائلة أو البلد أو المدرسة. الواضح أنّه من مهمّة المدرسة التحضير لبداية عام قويّة سواء كانت المدرسة مختلطة أو أحاديّة.
أضافت أ. حمصي من تجربتها، أنّ هُناك فرقًا كبيرًا في العودة بين نوعي المدارس؛ فالمُختلطة فيها حماسٌ أعلى من الأحاديّة، حماس يعود إلى تبادل الطِباع المميّزة عند الذكور والإناث، وتفاعلاتهم الإيجابيّة في المكان، وتبادل القيم.
ما المؤشّرات التي يجب أن يبحث عنها المعلّم لتقدير مواقف الأطفال الانفعاليّة؟ ومتى يجب التدخّل عند تنبئ الانفعالات عن انفعالات زائدة؟
أشارت أ. حمّودة أنّ الانفعال إذا أدّى إلى خوف أو رفض، لا بدّ أن يكون هناك تدخّل. وعرضت مجموعة أمثلة لحالات علينا التدخّل فيها، مثلًا، انعزال الطفل، وانخفاض صوته إلى حدٍّ كبير، أو طلبه المستمرّ للقاء المرشد الاجتماعيّ، أو التوقّف عند باب المدرسة. إضافةً إلى ضرورة الانتباه إلى ملامح الطفل، وسلوكه، فهي كلّها مؤشّرات إلى أنّ الطفل لا يجد المكان آمنًا لهُ، ولا يعتبره ملاذًا للثقة والتعبير عن ذاته. وأكّدت على أنّ عدم قدرة الطفل على التعبير هي أيضًا من المؤشّرات الهامّة، والتي علينا التدخّل فورًا عندَ حدوثها، بالشراكة مع الأهل، ومؤسّسات المجتمع. وتحدّثت عن دور المدرسة التوجيهيّ في بداية العامّ للطلبة، وأيضًا دور الطلبة القدماء مع الجُدد، بحيث يقدّمون دعمًا ومساندةً ضروريًّا، تجعل الطلبة أكثر راحةً وقدرة على التعبير.
أمّا د. كفري أبو لبن، فتحدّثت عن اقتران بداية العام الدراسيّ مع الخوف والتوتّر عند الطلبة. من هُنا، نحتاج إلى تعريف الطلبة إلى بيئتهم، وتهيئتهم جيّدًا، كون هذا الأمر عامل تخفيف لغالبيّة التوتّر الحاصل مع بداية العامّ. وأكّدت د. كفري أبو لبن على كون المعلّم المُرشد يمثّل أساسًا في عمليّة التهيئة، ليس فقط الطلبة، إنّما أيضًا المعلّمين؛ كتهيئتهم للإسعاف النفسيّ الأوّليّ، وبرنامج الاستشارة والتحويل النفسيّ داخل المدرسة، لمعرفة الأوقات الصحيحة لتحويل الطالب إلى المرشد، وبالتالي القرار بالتدخّل من عدمه. وعلينا النّظر عند ظهور المؤشّرات عند الطفل، إلى الخلفيّات الاجتماعيّة التي مرّ بها، أو التغيّر في الحالة الاقتصاديّة، إضافةً إلى أسباب أُخرى. ومن هُنا، يجب أن يكون لدى الإدارة جهاز وإجراءات واضحة، تبدأ من المعلّم وتنتهي بالمرشد وإدارة المدرسة، وتوضيح موعد التدخّل المناسب.
المحور الثاني: الإدارة المدرسيّة والمدرسة الواحة
ما التحضيرات التي تقوم بها إدارة المدرسة لإيجاد انطباع إيجابيّ لدى الطلبة العائدين إلى المدرسة؟
أكّدت أ. حمصي على ضرورة تحضير بيئة إيجابيّة داخل المدرسة، بيئة مادّيّة تهيّئ أجواء جميلة للعودة المدرسيّة، محبّبة للطلّاب، وذلك لتخفيف توتّر العودة. وعلينا أن نكون واعين للتغيُّرات الاجتماعيّة، إضافة إلى ضرورة التواصل الاستراتيجيّ بين الأهل والإدارة المدرسيّة، من أجل احتضان الطلبة، والعمل على نشاطات ممتدّة ومنهجيّة، من أجل أن تكون المدرسة واحة على مدار العام الدراسيّ، وموازنة النشاطات التعليميّة مع التعليم في المدرسة.
هُنا داخلت أ. حمّودة حول فكرة أنّ الأنشطة مهمّة لتعزيز بناء مُجتمع صغير داخل الغرفة الصفّيّة، يكون جزءًا من المجتمع الأكبر. وشرحت عن إدخال منهج التعلّم الاجتماعيّ العاطفيّ في الأكاديميّة العربيّة الدوليّة، لتكوين روح واحدة بين المعلّمين والطلبة والأهل، من أجل القيام بأدوارنا في الانتباه إلى الطفل نفسيًّا واجتماعيًّا وأكاديميًّا وتعلّميًّا.
أمّا د. كفري أبو لبن فتحدّثت عن أنّ التحضيرات تبدأ مع الإجازة الصيفيّة، فقالت: "نصيحتي هنا للمعلّمين هي ارتاحوا، ومارسوا هواياتكم، واستمتعوا بإجازتكم". وأكّدت على الحرص في الفترة التحضيريّة للعام الدراسيّ، على راحة المعلّم النفسيّة، ورفاههم، وتهيئتهم من أجل الانخراط في عامٍ دراسيّ مُنتج، إلى جانب ضرورة ارتباط التدريبات التي يتعرّضون إليها مع أهداف العام الدراسيّ.
بماذا تنصحين المعلّمين لتكون مدارسهم واحة طيلة العام الدراسيّ؟
أشارت أ. رزق إلى أنّ المعلّمين يمرّون بمرحلة تهيئة مُختلفة: الأسبوع الأوّل، يدخل المعلّمون الجُدد في مرحلة تعريف بالمدرسة، مرافقها وسياساتها. الأسبوع الثاني، ينضمّ المعلّمون القدامى ليتعارفوا إلى الجُدد، ونعمل من أجل بناء الفريق، وتوطيد العلاقات الاجتماعيّة، كون غياب العلاقات الاجتماعيّة الجيّدة مع الزملاء يؤثّر سلبًا على التعاون وعلى المسيرة التربويّة في المدرسة. بعد بناء الفريق، نراجع المنهاج بشكلٍ أفقيّ وعموديّ من أجل التحضير والتخطيط للوحدات. وأكّدت على أهمّيّة الإدارة الصفّيّة، وتعزيز سلوك إيجابيّ عند التلاميذ، ووضع اتفاقيّة الصفّ مع التلاميذ لتكون حجر الأساس للعام الدراسيّ. نصيحة أُخرى قدّمتها هي كيفيّة استقبال الطلبة، والتواصل المستمرّ مع الأهل، وتجهيز الصفّ من ناحية المصادر، وكيفيّة توفير الدعم العاطفيّ والنفسيّ للتلميذ.
ما النصائح للأهل؟
تحدّثت أ. حمّودة عن تهيئة المدرسة الطريق أمام الأهل للوصول إلى المعلومات التي يودّون الحصول عليها، إلى جانب تعرّفهم إلى المدرسة ورؤيتها وفلسفتها. والتأكُّد من سهولة وصول هذه المعلومات إلى الأهل من خلال منصّة المدرسة، أو التواصل معهم لتعريفهم ببرامج المدرسة. ودعوة الأهل إلى أيّام مفتوحة، لزيارة المدرسة، والمشاركة في يوم دراسيّ لتوطيد العلاقة والشراكة بين المدرسة والأهل، ومنح الأهل الشعور بالأمان. وأشارت إلى دور الأهل المهمّ في ضبط روتين الأبناء قبل بداية العام بفترة، من أجل التقليل من شعورهم تجاه الروتين الذي سيدخلون فيهِ مع بداية العام.
هل المعلّم سعيد بالعودة إلى المدرسة؟ وما علينا أن نفعل لنجعل المعلّم سعيدًا بذلك؟
شاركت أ. رزق فكرة الانتباه إلى كون المعلّم عائدًا من إجازة بلا روتين أيضًا، والقلق من العودة إلى الروتين هو جزء من الطبيعة البشريّة. أمّا عن سعادتهِ فعلينا أن نكون جزءًا من رفاه المعلّم، خصوصًا أن جزءًا كبيرًا من سعادة المعلّم قد تكون مرتبطة بتجارب سابقة في المدرسة ذاته. وعلينا أن نحاول إنهاء العام الدراسيّ بحلّ المشاكل جميعها، وألّا نترك المشكلة قائمة، حتّى يدخل بصفحة جديدة وقلب جديد. وأيضًا الانتباه إلى الجدول الأسبوعيّ، وهو أمر علينا دراسته من أجل ترك مساحة للإبداع والعطاء عند المعلّم، ولمراعاة وقت المعلّم للتحضير والاجتماعات. أمّا عند الظروف المادّيّة، فهي أيضًا عامل مهمّ، خصوصًا أنّ بعض المعلّمين في بعض الدول، لم يتقاضوا رواتبهم عن الأشهر الفائتة، فأيّ بداية تلك؟ وأريد مشاركتكم مقولتي ضمن هذا السياق، هي: "معلّم سعيد، صفّ سعيد".
ما الاقتراحات لجعل المدرسة واحة دائمة؟
شاركت أ. حمصي ضرورة تكوين بيئة إيجابيّة في المدرسة، حيث علينا البدء بنشاطات كسر الجليد، سواء بين الطلبة أو بين المعلّمين، لجعل المجتمع المدرسيّ أكثر لُحمةً وقُربًا، والعمل على تقدير المعلّم والتلميذ بهدايا رمزيّة وتحفيزات معنويّة أو مادّيّة. أمّا عن النشاطات الدائمة، فعلينا تصميم أنشطة تخفّف عن التلاميذ والمعلّم، وتعيدهم بحماس وفرح إلى مسيرتهم.
وأضافت د. كفري أبو لبن أنّ المدرسة تأخذ شخصيّة مديرها، ولجعل المدرسة واحة على المدير أن يكون مُحبًّا وكريمًا، مع وجود الحزم أكيد، ولكن مع كرم النفس والجود المُمرّر من المدير إلى المعلّم، سيُترجم ذلك بعلاقة المعلّم للطالب. وأكّدت على أهمّيّة الشُّكر والعطاء المعنويّ، خصوصًا أنّ التعليم مهنة كريمة، وعلينا مكافأة المعلّمين بكرم معنويّ وشكر متواصل.
المحور الثالث: المعلّمون، بين البسمة والحزم شعرة.
ما النصيحة للمعلّمين لبداية مريحة في المراحل الأوّليّة؟
قدّمت أ. رزق مجموعة نصائح، هي: ضرورة بناء العلاقات بين الفريق التربويّ لكونها مساعدة في التخطيط التربويّ، ومشاركة أفضل الأساليب التربويّة؛ التخطيط الجيّد للحصص لجعل الموادّ ممتعة، وهُنا دعت إلى قراءة تدوينة علي عزّ الدين مع منهجيّات بعنوان "الأسبوع التحضيريّ للعام الدراسيّ"، وفيها استراتيجيّات وأنشطة مفيدة تساعد على توطيد العلاقة بين المعلّم والتلاميذ، مثل تزيين الصفّ، فمن واجبنا كمعلّمين أن يكون الصفّ نظيفًا، ولكن علينا ألّا نزيّن الصفّ ونعطيه اسمًا قبل وصول الطلبة إليه، فمن حقّهم المُشاركة في اختيار اسم الصفّ والمحور وأن يكونوا فاعلين في تزيينهِ، وبالتالي يشعرون بانتماء إلى الصفّ؛ اتفاقيّة الصفّ، أن يكون التلميذ جزءًا من وضع هذه الاتّفاقيّة، وهناك سيناريوهات وأنشطة مختلفة لوضعها، ومن ثمّ يوقّع التلاميذ عليها لإعطائهم مسوؤليّة؛ والاختبارات التشخيصيّة، لمعرفة مستويات الطلبة، ومن ثمّ الطلب من التلاميذ وضع أهدافهم التعليميّة خلال العامّ، ومشاركة الخطة الثلاثيّة، المعلّم والأهل والطالب، من أجل مساعدة الطالب على تحقيق أهدافها. وعلى المعلّمين أن يضعوا أهدافهم أيضًا.
أضافت د. كفري أبو لبن أنّ التخطيط المسبق للعام الدراسيّ أمرٌ ضروريّ، ووضع هدف لما أريد تحقيقه مع الطلبة كمعلّم أيضًا أمر جوهريّ، بما يمنح خارطة واضحة للعامّ، لئلّا ندخل إيقاع المدرسة العالي وتضيع مخطّطاتنا. الطالب أذكى منّا جميعًا، وهو يعلم متى يكون المعلّم غير جاهز، وهُنا أهمّيّة التخطيط للحصص، وأيضًا أن يكون لدى المعلّم كنز من الاستراتيجيّات التي يستطيع توظيفها بشكلٍ ممتع يلفت نظر الطلبة، مع عدم الاستهانة بقدراتهم العقليّة، لتمرّ السنة الدراسيّة بأمان.
متى نستوعب رفض عودة الطلبة؟ متى الابتسامة ومتى الحزم؟
هُنا تحدّثت أ. حمصي عن أهمّيّة معرفة أسباب رفض العودة للطالب، هذه المعرفة تساعدنا في التخفيف عنه واحتضانه. وأشارت إلى أنّ الحزم مهمّ في هذا السياق، ليفهم الطالب أنّ هُناك نظامًا واضحًا علينا الالتزام بهِ جميعًا، ولهذا من المهم عقد اتّفاقات الصفّ. ومن الضروريّ أن ننتبه إلى المشاكل النفسيّة التي تقف أحيانًا خلف رفض الطالب العودة إلى المدرسة، علينا أن نكون على علم بحيثيّثات المشكلة، للتشارك في حلّها.
متى يجب التدخّل؟
أمّا أ. حمّودة فشاركت معطيات إدخال مختصّ لحلّ المشكلة. إذ بعد التحدّث مع الطالب، وحاجته إلى متخصّص، على شركاء العمليّة التعليميّة: الإدارة والمعلّم والمرشد والأهل أن يتعاونوا معًا لفحص خياراتهم، والبحث عن مختصّ، والتأكّد من وضع خطّة ستساعد الطالب في التغلّب على مشكلته، وعلينا في المدرسة الواحة أن نكون مساندين لكلّ طالب، خصوصًا أنّنا نقف على الصفحة ذاتها، تهيئة الطالب إلى الحياة، وجعله متعلّمًا مدى الحياة، وهُنا علينا الحزم بابتسامة.
أسئلة الجمهور
- حول كيفيّة تأهيل الطفل في مناطق الأزمات.
أجابت أ. حمصي بضرورة نشر ثقافة احترام الآخر في المدرسة، وتقبّله ومساعدته. بالإضافة إلى أهمّيّة عمليّة الاحتضان، احتضان الفريق التعليميّ للطالب، والانتباه إلى نقاط القوّة عند كلّ شخص من أجل بناء الثقة وتعزيز مسيرته.
- كيف أنسّق بين دور المرشد والمعلّم لجعل البداية قويّة؟
أجابت أ. حمّودة بالإشارة إلى أهمّيّة تأهيل المعلّم، ليصبح معلّمًا مُرشدًا يساعد ويثري عمل المرشد، يمتلك معرفة لمراقبة الطلبة، والاستفادة من الحوارات مع المرشد، للتركيز على جوانب معيّنة عند الطلبة، وأيضًا تعزيز نظام واضح بالتواصل بين المعلّم والمرشد، وأيضًا وليّ الأمر والمرشد.
هُنا أكّدت أ. رزق على ضرورة تعرّض المعلّمين لورشة سياسة حماية الطفل، كما تطبيق الرعاية النفسيّة في الصفّ: كالاستماع، والاهتمام بأفكاره، ومناقشته.
- ما الورش التي تنصحون بتدريب طلبة المرحلة الثانويّة عليها؟
أجابت د. كفري أبو لبن أنّه في هذه المرحلة هناك مهارات واضحة يجب ان تكون قد تطوّرت عند الطالب، إدارة الوقت وإدارة النفس، قدرة الطالب على التحكّم بردّات فعله، والصحة النفسيّة والرفاه المدرسيّ للطالب. هُنا، علينا الانتباه إلى المهارات الاجتماعيّة والعاطفيّة إلى جانب المهارات الأكاديميّة، إلى جانب القدرة على التعامل مع الصدمات والمشاعر، ووجود منهاج للتعلّم العاطفيّ الاجتماعيّ، فهذه المناهج باتت مرافقًا للمنهاج الأكاديميّ، وليسَت من مهام المرشد نفسه.
في الخِتام: ممارسات عمليّة أثّرت بكم
النشاطات اللّامنهجيّة، كانت مُشاركة أ. حمصي، والتي أكّدت على أنّ هذه النشاطات التي ينظّمها التلميذ يإشراف المعلّم، تحظى بمشاعر جميلة وبدايات قويّة للعام الدراسيّ. وقدّمت أ. حمصي شكرًا للمعلّمين، خصوصًا للمعلّمين الذين يعانون ظروفًا صعبة في لبنان.
أمّا د. كفري أبو لبن فشاركت أنّ الممارسة التي أثّرت بها هي "محاكاة الأمم المتّحدة"، إذ كانت نشاطًا أساسيًّا بقيادة الطلبة، من دون تدخّل إلّا ضمن ظروف محدّدة. إلى جانب تجربة مجلس الطلبة.
وشاركت أ. حمّودة نشاطين هُما: التعلّم بلا جدران، بحيث تحدث جميع الأحداث التعليميّة خارج أسوار المدرسة. وبرنامج الإثراء، وهو الذي يثير حماس الطلبة للأنشطة والبرامج.
واختتمت أ. رزق بأنّ أكثر نشاط أثّر فيها هو "تعليم اللغة العربيّة في المدارس: مداخل واستراتيجيّات"، ومداخلة د. هنادي ديّة عن الأصالة والتجديد في اللغة العربيّة، وأذكر مقولتها "علينا أن ندخل إلى الغرفة الصفّيّة بعقل أصيل وقلب متجدّد". إلى جانب نشاط آخر هو معرض فنّيّ كان بالنسبة إليّ رحلة تعلّميّة ممتعة.