"لا شك في أنّ للكتاب أهمّيّة كبيرة بالنسبة إلى الطفل، ونحتاج – لنتعرف إلى هذه الأهمّيّة – إلى كثير من البحوث والدراسات، ولكن يمكننا القول إنّ كتاب الطفل يعوّد الطفل على التأمل والتفكير في نفسه وفيما حوله، ويدفعه إلى طرح الأسئلة عن كلّ شيء، كما أنّ الغاية المرجوّة من الكتاب هي الحفاظ على الارتباط الدائم بين نموّ الطفل الجسديّ ونموّه العقليّ والإدراكيّ، بما يضمن حمايته من أيّ انقطاع قد يصيب نموّ شخصيّته وهو ينتقل من مرحلة إلى أخرى، فالكتاب يغرس في قلب الطفل السمات الإنسانيّة النبيلة ويمكّنه من تطوير قدرته على تذوّق الجمال ويمنحه كثيرًا من المعرفة والأخلاق، إضافة إلى ترفيهه وإدخال السرور على قلبه. وإذا اعتاد الطفل على صحبة الكِتاب فإنّ خياله سيتوسّع ويتخطّى الظروف الراهنة، فهو عندما يقرأ قصّة مثلًا فإنّه يتابع البطل الذي يواجه المصاعب ويتخطّاها فيطمئن الطفل عندما يرى مصاعبه الخاصّة تحلّ من خلال هذا البطل، كما يعدّ الكتاب بالنسبة إلى الطفل وسيلة للتعبير عن النفس تأخذ أشكالًا عديدة فنيّة وكتابيّة وجسديّة وشفويّة ونفسيّة، والطفل أمام الكتاب يتصرّف كيفما يشاء، يحلم ويتأمّل وهو يتنقّل بين فصول الكتاب، ويقرأ متى يشاء كخطوة أولى نحو الاستقلالية.
صفات كتاب الطفل
علينا أن نجعل الطفل يحب الكتاب ويعتاد القراءة، ولكن بموازاة ذلك علينا أن نحسن اختيار الكتاب الذي سنقدّمه إليه من حيث مناسبته للمرحلة العُمريّة التي يعيشها الطفل، بما يضمن أن نثير داخله التشويق والجاذبيّة والتفاعل مع محتويات الكتاب، ويمكن أن نقول أنّ انتقاء كتاب الطفل النموذجيّ محكوم بعدّة صفات يجب أن يتحلى بها هذا الكتاب.
أوّلًا: الموضوعيّة
يجب أن تكون مادة الكتاب موضوعيّة كأن تتضمّن فكرة أو موقفًا أو تجربة أو معلومات مفيدة تتسم بالواقعيّة والصدق، كما يجب أن يكون لدى المؤلّف شيء ذو قيمة يريد أن يوصله إلى الطفل، بحيث يرضيه ويجذبه ويجعله يتفاعل مع مادّة الكتاب مهما كان شأنها، ونؤكّد هنا على سمة الصدق التي سيكون لها أثر كبير في نظرة هذا الطفل إلى العالم الذي نقدّمه إليه في الكتاب كما هو، دون أقنعة ودون ادعاءات لا يمكن تحقيقها، كما يجب أن ينبع الكتاب عمومًا من صلب العمل التربويّ، الذي يهدف إلى تنمية معارف الأطفال، وتقوية محاكماتهم العقليّة، وإغناء حسّهم الجماليّ والوجدانيّ.
ثانيًا: المرحلة العُمريّة
لا بد أن يكون كتاب الأطفال مناسبًا للمرحلة العُمريّة التي يمرّ بها الطفل، حتى يتمكّن هذا الطفل من قراءة الكتاب بيسر واستيعاب مضامينه وأهدافه وإسقاطها على حياته الخاصّة والحياة العامّة حوله، وبهذا يكبر حبُّه للكتاب والمطالعة ويميل إلى اقتناء الكتب، فلكلّ مرحلة عُمريّة سمات وخصائص معيّنة لغويّة وعقليّة واجتماعيّة وغيرها، فالكتاب الذي يناسب طفلًا في السابعة لا يناسب آخر في العاشرة مثلًا، وبعض الناشرين يضعون السن الموجّه إليها الكتاب على الغلاف، لذلك لا بدّ من أخذ كلّ ذلك بعين الاعتبار عند الكتابة للأطفال وعند اختيار الكتاب المناسب للطفل.
ثالثًا: الجانب الماديّ والفنيّ
في ما يتعلّق بشكل الكتاب من حيث الطباعة والرسوم والإخراج والألوان الزاهية ليكون هذا الكتاب مثيرًا لذائقة الطفل ويبعث الثقة في نفسه، ولاسيما الرسوم التي تجذب الأطفال وتتيح لهم فهم العالم بصورة أفضل، كما تسهم في تنمية الذائقة الجماليّة والفنيّة عند الأطفال".
الكتاب: معايير قياس جودة كتب الأطفال ص 26-28
مؤلفي الكتاب: د.اسماعيل عبد الفتاح -رانيا حسن أبو العينين
الناشر:العربي للنشر والتوزيع
سنة النشر (2011)