مشكلات الإدارة المدرسيّة وأهمية دور المدير
مشكلات الإدارة المدرسيّة وأهمية دور المدير
2025/02/02
خلود رجا مرعي | أستاذة وباحثة- لبنان

تُعرّف الإدارة المدرسيّة بأنّها عمليّة اجتماعيّة تعنى بتيسير العناصر البشريّة وتحفيزهم في كافة فروع الإدارة ومستوياتها، وتوجيه جهودها بصورة منظّمة نحو تحقيق أهداف اجتماعيّة. مدير المدرسة هو المسؤول عن تنفيذ الخطط والقيام بالمسؤوليّات والشؤون التربويّة والمدرسيّة للوصول إلى الأهداف التربويّة، باستخدام أفضل الطرق المتاحة في استثمار القوى البشريّة والموارد المتاحة بأقلّ ما يمكن من جهد ومال.

تعدُّ الإدارة المدرسيّة عنصرًا مهمًّا من عناصر العمليّة التربويّة، لأنّها تحفّز بقيّة العناصر الأخرى المادّيّة والبشريّة. يؤدّي المدير دورًا حاسمًا في تحفيز الطلّاب، وتعزيز رغبتهم في التعلّم. كما يعمل المدير الناجح على توفير بيئة تعليميّة إيجابيّة وتشجيعيّة للطلّاب، إلى جانب تحفيزهم وتنمية مهارات التفكير النقدي لديهم.

من الضروريّ أن يتحلّى مدير المدرسة بقوّة الشخصيّة، وذلك لضبط المدرسة وضمان سير أمورها على خير وجه. كما عليه تحقيق العدالة في التعامل مع المعلّمين، والحرص على عدم التمييز بينهم، وتقدير المعلّم النشيط والمنتج، وتوجيه المعلّم الجديد وإرشاده. وتعزيز الإخلاص في العمل، لأنّ العمل المدرسيّ أمانة في الأعناق. كما تقع على عاتق المدير مهمّة تحسين تنفيذ المناهج المدرسيّة.

مدير المدرسة الناجح هو الركيزة الأولى والأساسيّة لكلّ مدرسة؛ فهو القائد الذي يعي أهمّيّة المشاركة مع المعلّمين وطاقم الإدارة. وعليه يتوقّف نجاح المدير في هذا الدور على ما يمتلكه من كفاءات ومهارات قياديّة، تساعده على تحقيق الأهداف المرجوّة للمدرسة.

من أهم المشاكل التي ظهرت في عمل المؤسّسات التربويّة، التعاملُ مع وليّ الأمر باعتباره على حقّ دائمًا، وعدم جدّيّة فئة كبيرة من الطلّاب في الدراسة، وزيادة عدد الطلّاب في الصفوف، وكثرة تدخل أولياء الأمور في عمل المعلّمين التعليميّ. وتتلخّص أبرز المشاكل التي تواجه مدير المدرسة مع المعلّمين، في:

1. ضعف خبرة المدير لقلّة كفاءته المهنيّة.

2. نقص الكادر الإداريّ المعاون لمدير المدرسة.

3. قلة الحوافز المادّيّة والمعنويّة للمعلّمين.

 

من ناحية أخرى، من أصعب الظروف في العمل أن تعمل تحت أمرة مدير ضعيف الشخصيّة. ربما يتقبّل البعض زميلًا في العمل يتّصف بهذه الصفة، لكن أن يكون مديرًا لجميع الموظّفين كذلك، فهذا بحقّ معضلة كبيرة. وتجارب الموظّفين تثبت أن ليس كلّ موظف يصلح أن يكون مديرًا فعّالًا، بحيث يحتاج كلّ مدير بالحدّ الأدنى، إلى أن يتّسم بالحزم والقدرة على ضبط الموظّفين. مشكلة المدير الضعيف أنّه يخشى الموظّفين الأقوياء، فهو يعتقد أنّ أيّامه معدودة، ويشعر أنّ حياته الوظيفيّة مهدّدة من هؤلاء الذين يراهم أقوى منه. وربما يتطرّف هذا المدير في محاربة هؤلاء الموظّفين الذين يتفوّقون عليه من حيث تفانيهم وشخصيّاتهم القويّة، وهو لا يعي أنّ هؤلاء نعمة وليسوا نقمة، ولا يدرك أنّ محاولة إضعافهم وتهميشهم في نهاية المطاف، تزيد من ضعفه وتخلّف إدارته.

أكثر ما يخشاه المدير الضعيف سهامُ النقد. ليست المشكلة أن يكون أحدنا ضعيف الشخصيّة، فمن منا خالٍ من العيوب؟ لكن المشكلة أن يصرّ هذا النوع من المدراء على البقاء في مناصبهم. المدير الضعيف يحيط نفسه بالموظّفين الضعفاء الذين يقدّمون له الولاء والطاعة العمياء، لذا يقرّبهم منه. لكنّ الأهمّ في هذا العصر السريع، والتطوّر العلميّ والتكنولوجيّ بين المؤسّسات، أنّ القيادة العليا يجب أن تختار مديرًا قويًّا وصاحب فكر خلّاق، وقادر على اتّخاذ قرار؛ أي إنّه قادر على اتّخاذ قرارات صعبة وضروريّة لمصلحة العمل والعاملين معه.

أخيرًا، وانطلاقًا مما ذكرت في سياق التدوينة، أشدّد على دور المدير وشخصيّته القياديّة في تطوير الموارد البشريّة في مدرسته وتوجيهها للعمل بشكل إيجابيّ، لدفع العمليّة التعليميّة والتربويّة إلى الأمام. وهذا ما يضع المدير أمام مسؤوليّة كبيرة، حيث يجب أن يكون من أهل الخبرة، ويملك مقوّمات تستحق تعيينه في مركزه الإداريّ. ومن منطلق أهمّيّة التربية والتعليم في بناء الأمم وعقولها وتقدّمها، نشدّد على دور الإدارة الفعّالة الواعدة في مراكز القرار بكلّ مؤسّسة تربويّة، لما في ذلك من أهمّيّة وضرورة قصوى تستدعي العمل معًا لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب.