تُمثّل الإدارة حجر أساس لدعم للمُعلّم، وعلى الإدارات المُختلفة التعرّف على نقاط تدعم المعلّم. في هذا السّياق يقع على الإدارة عاتق فهم دورها جيّدًا، كما أدوار باقي عناصر المُجتمع المدرسيّ، لما لهذا الفهم من مساهمةٍ بالتّأسيس لبيئة تعليميّة صحّيّة، حيثُ يلعبُ كلّ من هذه العناصر دورهُ بتشاركيّة وانفتاح وتحرّر.
تسلك بعض الإدارات سلوكًا غير بنّاء باتّباع أساليب التوبيخ والنّقد العلنيّ، بما يُسيئ للمُعلّم ومجهوده، في الوقت الذي انتبهت فيهِ مُجتمعات، كالصّين واليابان، إلى دور المعلّم الجوهريّ والمركزيّ في العمليّة التعليميّة، فمنحتهُ مكانةً وتقديرًا، سواء داخل المؤسّسة أم خارجها، ذلك بناءً على موقعه في المربّع الديداكتيكي، (معلّم + متعلّم + معرفة + سيناريو بيداغوجيّ).
هُنا، أذكرُ نقاطًا أساسيّة يُمكن تنفيذها من قِبل الإدارة لدعم المعلّم:
- تقديم نقدًا بنّاءً للأداء، مع توفير إمكانات لسدّ حاجات المُعلّمين من تدريبات تُطوّر أدائهم.
- تفعيل مجالس أولياء الأمور، لدورٍ تشاركيّ يدفع عجلة التطوّر، ويخلق صيرورة تربويّة متكاملة.
- تحسين بيئة وجودة العمل للمُعلّم.
- تحقيق توزان في الإعداد، وتقييم الأداء بطرقٍ تربويّة.
- فتح مساحات تشجّع الإبداع والابتكار.
في البدء حرّيّة المعلّم
بناءً على النّقاط السّابقة، وبما يؤسّس لعلاقة مُتماسكة منفتحة على التقبّل والنّقد، على الإدارة أخذ نقطة مركزيّة بعين الاعتبار هي حرّيّة المعلّم، دون تقييده بخطوط حمراء وقوعد. تُشكّل الحرّيّة أحد أهمّ الأساسات بعلاقة المعلّم مع محيطهِ ومُجتمعه المدرسيّ، بما يُعكس على الطلبة؛ فيصبح الصفّ مساحة مفتوحة للحوار الحُرّ، وبما يُعكس على طريقتهِ ومضامينه المُختلفة، والأهمّ، القيم المتينة، الثّقة، على سبيل المثال لا الحصر، التي تُبنى بين الإدارة والمعلّم، ما يساعد على الوقوف على أرضيّات مُشتركة ويُعزّز سير المؤسّسة.
العلاقة كمبنى للتطوير
أعتقد أنّ أي ثغرة أو فجوة بالعلاقة بين الإدارة والمعلّم ستكون بمثابة مقدّمة لسوء فهم سيكون سيضرّ بِبُنية المؤسّسة. ينبغي البدء بتوطيد العلاقة والتواصل بين الإدارة والمعلّم، ما يخلق، ما أُسمّيه، مساحةَ أمانٍ بين الإدارة والمعلّم.
إنّ هذه المساحة من شأنها أن تلعبُ دورًا فارقًا في أنساق المهام وتجانسها، وفي ربط أسس المعاملات والتواصل بمبادئ تتماشى والرّوح الجمعيّة. يقع على عاتق الإدارة والمعلّم الوصول دائمًا لهذه الرّوح، إذ تُمهّد الطّريق أمام بناء نموذج تربويّ يقوم على علاقات تشاركيّة وفهم أدوار وانفتاح على النّقد؛ نموذجًا متينًا يولّد طاقة مُستمرّة، ويشكّل داعمًا لكلّ من يحتاجه.
فهم السّياق جيّدًا
على الإدارات فهم ظروف كلّ عناصر العمليّة التعليميّة جيّدًا، خصوصًا بعد فترة الجائحة، والتي أثقلت المُعلّمين، وأثّر سلبًا على صحّتهم النفسيّة. يتجلّى في مثل هذه السّياقات الدّور الدّاعم الذي على الإدارة القيام بهِ، بتقديم مُختلف أنواع الدّعم للمعلّمين، وتطوير بيئات العمل باستمرار، بالاستفادة من التجارب المحلّيّة والعربيّة والعالميّة.
على الإدارة فهم السياقات التي يمرّ بها المعلّم، والعكس صحيح، بما يخلق توازنًا ضروريًّا للتعامل مع مؤثّرات وأحداث وتقلّبات تؤثّر بشكلٍ مُباشرٍ في العمل. بهذه التوازنات يُمكن للإدارة والمعلّم على حدٍّ سواء ابتكار أساليبًا جديدة تطوّر من حلول المُشكلات ومُعالجة أيّ أزمات تمرّ بها المؤسّسة، حلول ومعالجات مبنيّة بدقّة على فهم دقيق للسياق.
وفي الخِتام، إنّ علاقة الإدارة بالمعلّم تلعبُ دورًا فارقًا في التأثير على مسيرته، وفي التأثير على الجوّ العام في المؤسّسة، هُنا، علينا خلق الرّوح الجمعيّة والاعتماد عليها لبناء وتكوين جوّ يُمكّن كلّ عناصر العمليّة التعليميّة من التعلّم بأمانٍ وانفتاحٍ ومساحات حُرّة.