كتاب المختار في اللغة العربيّة ومستوى متعلّم السنة الأولى من التعليم الثانويّ الإعداديّ أيّة علاقة؟
كتاب المختار في اللغة العربيّة ومستوى متعلّم السنة الأولى من التعليم الثانويّ الإعداديّ أيّة علاقة؟
2024/11/10
هاجر الحجّاوي | معلّمة لغة عربيّة- المغرب

يعد كتاب "المختار في اللغة العربيّة" أوّل حلقة في سلسلة كتب اللغة العربيّة للتعليم الثانويّ الإعداديّ في المغرب. ويكمن هدفه الأساسيّ في تطوير مؤهّلات المتعلّم التواصليّة والمنهجيّة والتعبيريّة، ومراقبة تفتّح شخصيّته حتّى تتفاعل بشكل إيجابيّ مع الثقافات الأخرى.

وجاء الكتاب مقسّمًا إلى ستّ وحدات، تتضمّن ثلاثة مكوّنات تتفاعل في ما بينها وتتكامل، لتنمية قدرات المتعلّم، وتأهيلهِ لاكتساب المواصفات المطلوبة:

1. مكوّن النصوص القرائيّة

2. مكوّن الدرس اللغويّ

3. مكوّن التعبير والإنشاء

 

1

 

عن المحتوى المعرفيّ

يقدّم الكتاب المدرسيّ الجيّد محتوى معرفيًّا يناسب مستوى المتعلّم واهتماماته. فما مدى ملاءمة المحتوى التعليميّ المقرّر في الكتاب المدرسيّ "المختار في اللغة العربيّة" مع مستوى متعلّمي السنة الأولى من التعليم الثانويّ الإعداديّ؟

نشير في هذا الصدد إلى أنّه عند تدريسنا للوحدة التعليميّة الأولى من الكتاب، لاحظنا أنّ النصوص القرائيّة التي اختيرت تفوق المستوى التعليميّ للمتعلّم، إذ وجد صعوبة في فهم مضمونها العام وتحديد أفكارها الأساسيّة، وتجلّى ذلك من خلال النصوص القرائيّة الآتية:

  • - قصة هود عليه السلام المقتطفة من سورة الأعراف.
  • - خطبة حجّة الوداع المقتطفة من كتاب "البيان والتبيين" للجاحظ.
  • - السلوك القويم لمحمّد بن محمّد العلمي المقتطفة من مجلة الإرشاد سنة 1998.

والملاحظ أنّ المصادر والمراجع التي أُخذت النصوص القرائيّة منها مصادر قديمة، فكيف لمتعلّم مستوى أوّل إعداديّ أن يستوعب المحتوى التعليميّ لهذه النصوص القرائيّة؟ ثم كيف يمكن البدء في الوحدة الأولى من الكتاب المدرسي بهذا المحتوى الصعب الذي يفوق قدرة المتعلّم؟ علمًا أنّ الوحدة الأولى من الكتاب المدرسيّ، نقطة بداية التعلّم والحجر الأساس لما سيأتي من وحدات تعليميّة. وبالتالي، إمّا ستعمل على تحبيب المتعلّم بالكتاب المدرسيّ أو نفوره منه.

والأمر نفسه نلاحظه من منحى القواعد اللغويّة، والتي تحتاج إلى كثير من التبسيط والتوضيح في ما يتعلّق بالمحتوى الصرفي للدروس اللغويّة. وتمثّل ذلك في الدروس الصرفيّة الآتية:

  • - مزيد الفعل الثلاثيّ والرباعيّ ومعاني صيغ الزوائد
  • - تصريف الفعل الصحيح: السالم والمهموز والمضعف
  • - تصريف الفعل المثال والأجوف

 

وبالتالي وجب في هذا الصدد العمل بمسألتين أساسيّتين:

الأولى: وتتمثّل في تقديم محتوى صرفي يُراعي المستوى التعليميّ للمتعلّم، وتبسيطه بشكل يتلاءم وقدراته العقليّة، وذلك من خلال الاستعانة بخطاطات ذهنيّة عند تقديم الاستنتاج العام في الدرس اللغويّ في الكتاب المدرسيّ. ونشير هنا إلى أهمّيّة الخطاطة الذهنيّة، لما لها من دور كبير في تيسير عمليّة الفهم والتعلّم. فضلًا عن الاقتصار على ما هو هام في الدرس الصرفيّ حتى لا يتشتّت ذهن المتعلّم أثناء الحصّة الدراسيّة، ولعلّ هذا ما نلاحظه في الدروس اللغويّة المقرّرة في الوحدة التعليميّة. إذًا، نجد الكثير من الجداول عند تصريف الأفعال، فنتساءل: لمَ لا نعمل على تصريف الأفعال التي تقتضي ذلك حسب القاعدة، لكي تترسّخ في ذهن المتعلّم أكثر، ولا يتشتّت تركيزه؟

الثانية: وتتجلّى في اختيار نصوص قرائيّة تُراعي مستوى المتعلّم، وتساعد على تنمية مهارة القراءة لديه. وكما يقول آيت أوشان علي، في كِتابه "معايير تصنيف النصوص- مقاربة ديداكتيكيّة" ص8-9، إنّ الاهتمام "بالقراءة هو المدخل الأساسيّ للكتابة بحكم تكاملهما، فالقراءة تمثّل نوعًا من التواصل الكتابيّ المؤجّل، فاستجابة المتعلّمين للمادّة المقروءة تكون أكثر فاعليّة عند استخدامهم للنشاطات الكتابيّة، حيث تتحسّن قدراتهم على التفكير والتفاعل مع المقروء".

 

ومن هُنا، فاختيار نصوص قرائيّة مناسبة لمستوى المتعلّم تساعد على تنمية مهاراته القرائيّة، ما يؤثّر إيجابًا في مهاراته الكتابية. وهُنا يكمن الدور الأساسيّ لمدرّس مادّة اللغة العربيّة، بحسب تعبير كتاب "التعبير الكِتابيّ لدى المتعلّم: بين صعوبات التعلّم ومنظور المدرّس" لمؤلّفيهِ بونتل وبوعناني وبنعيسى، والذي يشير في ص184 إلى المدرّس "باعتباره حلقة وصل بين المنهاج والتلميذ، في اختيار المناسب من المواضيع، وحذف ما عداه، وتنقيح أخرى، أو تعديلها بما يناسب، إلى جانب استحضار عناصر المتعة، وميولات التلاميذ، وقضاياهم الاجتماعيّة، والنفسيّة، والمادّيّة، والأسريّة... لعلّ ذلك يكون حافزًا قويًّا على التعبير والإبداع الكتابيّ".

ونستنتج في هذا السياق، أنّ للمدرس دورًا هامًّا وأساسيًّا في التصرّف بمحتويات الكتاب المدرسيّ، سواء على مستوى اختيار النصوص، أو اختيار الأمثلة المناسبة لمستوى المتعلّم في مكوّن الدرس اللغويّ، وتقديمها على شكل خطاطات ذهنيّة مبسّطة، شريطة أن يتماشى المحتوى المعرفيّ مع مقتضيات التوجيهات التربويّة لمادّة اللغة العربيّة.

وبالانتقال إلى مكوّن التعبير والإنشاء، نجد أنّ المحتوى المقدّم في مهارة " التفسير والتوسيع" يتناسب والمستوى التعليميّ لمتعلّم السنة الأولى من التعليم الثانويّ الإعداديّ. لكنّ الإشكال الذي وجدناه عند تدريس هذه المهارة، هو أن الكتاب المدرسيّ لا يقتصر على تحديد عنصر واحد يدرّس في هذه المهارة، وإنّما يركّز على تدريس مهارات متعدّدة كتفسير مقولة وتوسيعها؛ فكرة؛ موقف اجتماعيّ... وهذا ما يؤدّي إلى تشتّت ذهن المتعلّم وعدم اكتسابه لمراحل هذه المهارة، لكي يسهل عليه تطبيقها في أنشطة التطبيق والإنتاج.