على الرغم من صعوبة المرحلة التي نعيشها إلّا أنّنا في وضوح، وفي مرحلة متقدّمة أكثر في إدارة الأزمات مقارنةً مع العام الماضي. ولا شكّ أنّ طول أزمة الجائحة ساهم في تغلغل التغيير في مجال التربية والتعليم أكثر. فلم تمرّ تلك الأسئلة الكبرى التي ظهرت جليًّا في المرحلة السابقة من إعادة النظر في التعليم، ودور المدرسة، وأهمّيّة الجانب الاجتماعيّ والنفسيّ للطفل، وأهمّيّة الشراكة مع الأهل، وآليّة التقييم وتعديل المناهج، وغيرها مرورًا سريعًا لا يتعدّى طرح هذه الأمور والتنظير في أهمّيّة تغييرها.
إنّ طول هذه الجائحة فرض تغييرًا جذريًّا، عمليًّا وتحوّليًّا، بات حتميًّا في مجال التربية والتعليم، فأيقظ هذا الأخير المارد الذي فيه، ونفض الغبار عنه، وثار على واقعه. نعم، إنّنا نعيش بسبب هذه الجائحة ثورةً تربويّةً حقيقيّةً في وطننا العربيّ، بل وفي العالم أجمع، لكنّنا نختلف في كيفيّة تعاملنا معها، وتحقيق التغييرات المطلوبة بحسب خصوصيّة كلّ بلد، وظروفه الاجتماعيّة والثقافيّة والاقتصاديّة وغيرها.
المهمّ من هذا كلّه التمسّك بهذا التغيير والسعي دومًا، بحسب قدراتنا ومواردنا، إلى تحقيق التغيير التربويّ الذي طال حلمنا به. ولا يتحقّق هذا كلّه إلّا مع إعادة تفعيل دور التربويّ، وإبراز طاقاته وقدراته القياديّة الدفينة.
فأيّها التربويّ، خذ هذا التغيير بقوّة. استثمر طاقاتك. ارفع صوتك الذي لم يُسمع سابقًا. تعاون مع غيرك من الزملاء. عزّز علاقتك مع الطلّاب وأهلهم. حوّل مطالبك إلى أهدافٍ عمليّةٍ تسعى إلى تحقيقها واحدًا تلو الآخر.
أيّها التربويّ، هذه فرصتك لكي تفكّ عُزلتك، وتقود هذه الثورة التربويّة، وتُظهر خبرتك وأفكارك وأداءك الرائع الذي لم يكن يراه أحدٌ غير تلاميذك في الصفّ.
هذه فرصتك لتخفيف "الشخصنة"، وتعزيز الشفافيّة مع زملائك التي كانت أصعب في السابق، فالكلّ في هذه المرحلة بحاجة إلى تبادل الخبرات، والتعاون المهنيّ.
أيّها التربويّ، هذه فرصتك لإحياء دورك القياديّ، وإعادة دور المدرسة الإنسانيّ والمجتمعيّ.
أيّها التربويّ، هذه فرصتك، وأنتَ لها.