دليل الدعم النفسيّ والتربويّ للأطفال النازحين في ظروف الحروب والكوارث
دليل الدعم النفسيّ والتربويّ للأطفال النازحين في ظروف الحروب والكوارث

 

"يُعدّ الرسم من الأساليب السهلة والمفيدة كثيراً في تحقيق أهداف المدربين والميسرين في عملية الدعم النفسي والتربوي. وهو وسيلة فعالة في التعبير الإبداعي عن حاجات ورغبات الأطفال وفي التعبير الرمزي عن المشاعر والأفكار، والتخيلات والمخاوف والصراعات والصدمات وغيرها من المشاعر السالبة التي تعوق تكيف الأطفال والمراهقين ونموهم النفسي السوي. ويمكن أن يسهم الرسم في مساعدة الأطفال الذين يجدون صعوبة في فهم مشاعرهم وأفكارهم والتعبير عنها بالكلمات، خصوصاً في حالة الصدمة، على نحو رمزي، لنزع فتيل التوتر الداخلي وتوفير الظروف المناسبة لبرامج وأنشطة الدعم.

 

إن أحد أهم أهداف الدعم النفسي والتربوي وإعادة التأهيل هو بالتحديد، إزالة المشاعر المؤلمة والتجارب الصادمة لتحرير الأطفال من آثارها، بما يضمن النمو الطبيعي لشخصياتهم دون أي انحراف أو تكدر. ولا شك في أن الرسم يسهّل هذه العملية. فهو وسيلة لتحفيز التعبير اللفظي ويشكل أداة تشخيصية فريدة، لأنها تكشف عن رؤى الأطفال وتمنح المدربين والميسرين والمتخصصين النفسيين فرصة تفهم عالمهم وعلاقاتهم وأفكارهم ورغباتهم ومشاكلهم؛ إذ أن محتوى الرسمة وأسلوبها يسمح بتفسير هذه الجوانب؛ كما يعتمد الأسلوب العملي في تحليل مضامين الصورة على تفسير الأطفال أنفسهم لمقاصد ودلالات الرسمة، آخذين بعين الاعتبار أن هذه الرسوم قد تتضمن بعض الدلالات البيئية والثقافية والاجتماعية الخاصة ببلدهم. وهنا لابد أن يكون المدرب والميسر على دراية بثقافة المجتمع الذي ينتمي إليه الأطفال. ومن المزايا الأخرى لاستخدام الرسم في عمليات الدعم النفسي، تحفيز وتشجيع ملكات الأطفال الإبداعية وتعزيز روح التعاون مع الأقران وتقدير الذات.

وعند استخدام الرسم في عمليات الدعم النفسي والتربوي، من الضروري ألّا نولي أهمية كبيرة للجانب الفني للرسوم، بل نشجع الجانب العفوي والمباشر في نشاط الأطفال في الرسم وألا يقيّم المدربون والميسرون الرسوم وفق المعايير الفنية (جيدة أو سيئة). فهم ليسوا مدرسين لمادة الرسم؛ كما لابد من تعليم الأطفال احترام رسوم أقرانهم وألا يستهزئوا أو يضحكوا من رسومهم. وعلى المدربين والميسرين تعلم آلية العثور على الجوانب الفريدة ودلالاتها من رسوم بسيطة.

يزود المدربون والميسرون الأطفال بالمواد الضرورية قبل البدء بنشاط الرسم مثل: الأوراق بمختلف المقاسات وأقلام الرصاص أو أقلام التلوين أو الألوان المائية أو ألوان الباستيل والطباشير والفحم وغيرها. ويمكن للأطفال أن يرسموا على ورق مقوى أو على الأسفلت أو القماش. ويمكن أن ينفذ الأطفال أنشطة الرسم فردياً أو زوجياً أو في مجموعات. ويهيئ الميسر المساحات المطلوبة. ويراقب عملية الرسم. ويمكن أن تترافق عملية الرسم بالموسيقى.

 

ويمكننا التمييز بين أنموذجين رئيسين من الرسم في مجموعة: يتضمن النموذج الأول رسومات حرة. والنموذج الثاني رسومات مقصودة حول موضوع معين. وهذا يمنح المدربين والميسرين المعطيات الخاصة عن كل شخصية من شخصيات الأطفال والمراهقين. ويتضمن النموذج الثاني من أنشطة الرسم تنمية الاتجاه نحو التعاون، من خلال انخراط الأطفال في عملية الرسم المشترك".

 

 

دليل-الدعم-النفسي-والتربوي.pdf (alecso.org)

 

الكتاب: دليل الدعم النفسي والتربوي للأطفال النازحين في ظروف الحروب والكوارث ص 30-31

مؤلف الكتاب: أ. د. عبد الله المجيدل

الناشر: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، إدارة التربية

سنة النشر: (2019)