لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟
في ظلّ التغيّرات المتسارعة التي يعيشها عالمنا اليوم، والأحداث الكثيرة والمتتالية؛ يكون شكل التعليم الذي أتوخّاه مرتكِزًا إلى ما يلي:
- - ربط التعلّم بالواقع والتركيز على المهارات الحياتيّة التي يحتاج إليها الطلّاب، بهدف الاستعداد لمواجهة الواقع الحياتيّ عامّة، والعمليّ خاصّة.
- - التعلّم القائم على المشاريع، والذي من شأنه أن يدرِّب الطلّاب على تطبيق المهارات الضروريّة وربطها بالمفاهيم الأساسيّة.
- - استخدام التقنيات المتقدِّمة، حيث ستدعم تعلّم الطلّاب دعمًا فعّالًا، وتتيح لهم، في الآن نفسه، فرصة استخدام أحدث الأجهزة والتقنيّات التعليميّة لتطوير تعلّمهم وجعله أمتع وأشوق.
- - تعزيز التفاعل والمشاركة الصفّيّة التي تشجِّع الطلبة وتبثّ فيهم روح الحماس داخل الصفّ.
- - الدعم الشخصيّ، ويشمل وجود معلّمين متفهّمين وداعمين ومشجِّعين، بالإضافة إلى خدمات الإرشاد النفسيّ والأكاديميّ.
إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟
يعدّ التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة قضيّة مهمّة في مجال التعليم. كما يشكِّل التحدّي الأوّل أمام المعلّمين في عصرنا الحاليّ، حيث يتطلّب التوفيق بينهما إحداث نوع من التكامل والتناغم في عمليّة التعليم؛ ويشمل ذلك عمليّة التخطيط وتصميم البرامج التعليميّة المناسبة على مستوى الاستراتيجيّات التعليميّة، وتطوير عمليّة التقييم، وتدريب المعلّمين على مواكبة المستجدّات في مجال التعليم... وغيرها من الطرق التي من شأنها تحقيق التكامل بين تعليم المهارات الاجتماعيّة والعلميّة، بناءً على البرامج الحديثة.
كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟
في ظلّ ما يشهده العصر من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؛ أصبح دورنا نحن- المعلّمين- أن نكون مطّلعين على التطوّر التكنولوجيّ الهائل الذي نعيشه وطلابنا، بالإضافة إلى أنّ دورنا يظلّ أساسيًّا وضروريًّا في تطوير المهارات الحيّة مثل التفكير الناقد، وحلّ المشكلات، والتعاون، والاتّصال، فضلًا عن تعزيز الجانب الأخلاقيّ والقيميّ. وكذلك التوجيه والإرشاد، ولا سيّما في ما يخصّ استخدام التكنولوجيا بطرق مناسبة ومسؤولة. وكلّها مهمّات يعجز الذكاء الاصطناعيّ عن تأديتها.
متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟
يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسات التعليميّة حينما يتمكّن المشرفون التربويّون من تحديد احتياجات المعلّمين بدقّة؛ بمعنى أن تكون عمليّة الإشراف التربويّ تعاونيّة بين أطراف العمليّة التعليميّة كافّة، وشاملة جميع الجوانب الخاصّة بالبيئة التعليميّة، وإنسانيّة كذلك، تعترف بقيمة الأفراد ودورهم في العمليّة. وأخيرًا أن تكون مستمرّة ودائمة على امتداد السنة الدراسيّة.
ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟
من وجهة نظري، تختلف الأساليب الناجعة لحلّ النزاعات بين الطلاب حسب طبيعة النزاعات ودرجة حدّتها. فهناك نزاعات قد تُحلّ بالتوجيه والإرشاد من المعلّم، أو بالنقاش بين الأطراف المتنازعة كنوع من التأمّل في الحادثة أو الموقف. وهناك حوادث قد تحتاج إلى تدخّل أطراف أخرى داخل المجتمع المدرسيّ، ولا سيّما بعد تكرّر الحادثة أكثر من مرّة، كالاختصاصيّة الاجتماعيّة أو مسؤول السلوك، وأحيانًا أولياء الأمور.
هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟
استخدام التكنولوجيا أصبح ضروريًّا ولا يمكن الاستغناء عنه، غير أنّ الأمر يحتاج طبعًا إلى ضوابط، وتبنّي مقاربة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار الحدود اللازمة للاستخدام، مثل أن تكون هناك مراقبة دائمة، وكذلك تحديد الأمان والخصوصيّة، والاستخدام المفرط وغير المعقلن للتكنولوجيا. لذلك، فاستخدام التكنولوجيا يظلّ إيجابيًّا طالما يتمّ وفق ضوابط محدّدة وواضحة.
هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟
عادةً ما يكون الأهل مصدر دعم لتعلّم أبنائهم، غير أنّ هذا لا يحدث دائمًا. فإذا كانت متابعة الأهل إيجابيّة ومعزِّزة لجهد الطفل مهما كانت النتائج فهذا أمر إيجابيّ؛ أمّا إذا كان التدخّل عامل ضغط نفسيّ تكون فيه العلامة هي الهاجس الأوّل والأخير، فالأمر يأخذ منحى سلبيًّا، وينعكس أحيانًا على الطالب انعكاسًا سلبيًّا. لذلك، تدخّل الأهل يكون مناسبًا حسب حاجة الطفل وحالته، فإن كان الطفل، مثلًا، يواجه تحدّيات تعلّميّة فقد يكون تدخّل الأهل ومتابعتهم ضروريّة لتجاوز تلك التحدّيات، شريطة أن يكون التدخّل مبنيًّا على تشخيص مناسب لنوعيّة التحدّيات التي يوجهها الطفل، وأن يكون مقرونًا بقدرة الأهل على تقديم الدعم المناسب.
هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟
لا أتّفق مع هذا الطرح، فالحاجة إلى الكتاب تظلّ ملحّة مهما تطوّرت وسائل التعليم الحديثة، فالدمج بين التكنولوجيا وقراءة الكتب أمر ضروريّ في الوقت الحاليّ، وهناك تجارب في هذا المجال، فالسويد، مثلًا، قرّرت العودة إلى الاعتماد على الكتب بعد انقطاع. وبالتالي، فالدمج بين الطريقتين التقليديّة واستخدام الوسائط التكنولوجيّة يظلّ الطريقة الأسلم لخلق توازن على مستوى المصادر وطرق التدريس.
كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟
تتوقّف مدّة الدوام المدرسيّ على المراحل الدراسيّة، وكذلك النظام التعليميّ المتَّبع. لكنّ معدّل 20 إلى 30 ساعة أسبوعيًّا يعدّ كافيًا من وجهة نظري. وذلك بناء على تجارب عالميّة رائدة في مجال التعليم، كتجربة دولة فنلندا.
صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.
ربّما أختار رواية "مئة عام من العزلة" لكاتبها غابرييل غارسيا ماركيز، وذلك لعمق معانيها ورسائلها التي تبحث في أعماق رحلة الحياة ومساراتها المتناقضة، حيث تبحث الرواية في العزلة والوحدة والعلاقات الإنسانيّة المعقّدة. وهذه الموضوعات يجب أن تكون محطّ اهتمام الطلبة، والرسائل المتضمّنة فيها قد تكون مهمّة لتوجيه الطلّاب لفهم أعمق لذواتهم والعالم من حولهم، كما من شأنها أن تعزِّز فهمهم العلاقات الإنسانيّة وأثرها في تجربتهم في التعليم عامّةً ونموّهم الشخصيّ خاصّةً.