النمذجة هي تقنيّة تُستخدم في عمليّة التدريس، يُنفّذُ من خلالها المُعلّم أمام المتعلّمين، عبر مَجمُوعة من الإجراءات، مهمّة كما لوْ كان في مَوْقِعهم، من أجل إيصال فهمهم إلى أعلى مستوى. وتتمثّل إجراءات تطبيق النمذجة في: تقديم موضوع التعلّم إلى المُتعلّمين، بطريقة واضحة ودقيقة وموجزة، واستخدام الأمثلة والأمثلة المضادّة في العمل، وإقامة روابط بين المعرفة الجديدة والسابقة، والتعبير الصريح عن التفكير المنطقيّ الذي يحدث في ذهن المُعلّم، فضلًا عمّا يُفكّر به (على سبيل المثال: أسئلة المُعلّم الداخليّة، واستراتيجيّات تنفيذ المهمّة، والموارد المُعبّأة للمهمّة، وما إلى ذلك)، والتسلسُل من البسيط إلى المُعقّد، ومن السهل إلى الصعب، مع احترام الحدودِ المفترضة لذاكرة الطلّاب (Bissonnette et al., 2006). وترتبط النمذجة، من خلال هذ المعنى، بالإتقان الناجح، فهمًا وممارسة، لمجموعة دقيقة من المطالب، والمهمّات، والمشكلات، والأهداف، التي يرتبط بعضها ببعض في إنجاز عمل ما (Constantinou et al.,2019).
قد تكون النمذجة حيّة أو مصوّرة، مقصودة أو غير مقصودة، فرديّة أو جماعيّة (الصيفي، 2009). وتُصنّف لدى بعض التربويّين كأوّل مرحلة لما يُسمّى التّعليم الصريح (Explicit Teaching)، تليها مرحلة التّطبيق المُوجَّه الذي يشترك فيه المُعلّم والطالب لتنفيذ مهمّات مشابهة لما قُدّم في مرحلة النمذجة، بمساعدته وبإشرافه، للتحقّق من فهم الطلّاب، ومرحلة التطبيق المُستقلّ، التي ينقُل فيها المعلّم إلى الطالب مسؤوليّة التعلّم، بعد التأكّد من قدرته على إنجاز المهمّات بمفرده (Bissonnette et al., 2006).
وتجعلُ النمذجة التعليم الصريح متميّزًا عن التعليم التقليديّ، ففي حين يستهدف هذا الأخير مجرّد نقل المُحتوى إلى الطلّاب، فإنّ التعليم الصريح، بفضل تقنيّة النمذجة وما يتلوها من مراحل، يعملُ على إفهام المادّة للطلّاب والاحتفاظ بها في ذاكرتهم ليصبحوا مسؤولين عن تعلّمهم. وبينما تسمح طرائق التدريس التقليديّة للطلّاب، فقط، بالتحقّق ممّا إذا كانوا قد فهِموا الموادّ في أثناء التصحيح، بعد حلّ التمارين، فإن التعليم الصريح يسمحُ للمُعلّم بالتحقّق من درجة فهم الطلّاب في مرحلتَي التطبيق المُوجَّه والتطبيق المستقلّ، مباشرة بعد إتمام عمليّة النمذجة (Bissonnette et al., 2005).
لا يقتصر أداء النمذجة على المُعلّمين، فالطلّاب أيضًا يمكنهم تقديم نمذجة لبعضهم البعض، بأداء مهمّة في البيئة الصفّيّة، تُتيح لهم فرصة التعبير عن آرائهم وأفكارهم، عبر عمليّات تمثيل الأدوار والمهمّات ومحاكاتها، فيكتسبون القدرة على التمييز بين أنماط مختلفة من التفكير، ويحكمون على النمط الملائم من بين تلك الأنماط، ويُطوّرون مهارات ما وراء المعرفة لتنمية تفكيرهم وتحسين جودته. وتزداد الحاجة إلى النمذجة، في التعليم، في المراحل الدراسيّة الأوّليّة والابتدائيّة والمتوسّطة، إذ يبدأ تطبيق برامج تعليم مهارات التفكير، ما يؤكّد ضرورة استخدامها في المراحل التي يجب أن يتعلّم فيها الطلبة كيف يُفكّرون (عطية، 2014).
المراجع
- الصيفيّ، عاطف. (2009). المعلّم واستراتيجيّات التعليم الحديث. دار أسامة للنشر والتوزيع.
- عطيّة، محسن علي. (2014). استراتيجيّات ما وراء المعرفة في فهم المقروء. دار المناهج للنشر والتوزيع.
- Bissonnette, S., Richard, M., & Gauthier, C. (2006). Comment enseigne-t-on dans les écoles efficaces? Efficacité des écoles et des réformes. Les Presses de l’Université Laval.
- Bissonnette, M., Richard, M., & Gauthier, C. (2005). Échec scolaire et réformes éducatives: Quand les solutions proposées deviennent la source du problème. Les Presses de l’Université Laval.
- Constantinou, C. P., Nicolaou, C. T., Papaevripidou, M. (2019). A Framework for Modeling-Based Learning, Teaching, and Assessment. Springer link. https://link.springer.com/chapter/10.1007/978-3-030-30255-9_3