التعليم المُسْتدام نموذجٌ تعليميّ، يهدفُ إلى إرساء قانون الاستدامة لدى الطلّاب، ونشر القيم بين المدارس والكلّيات والمُجتمعات، وإحداث تحوّل في الثّقافة التّعليميّة عبر تطوير نظرية الاستدامة وممارستها بطريقة ناقدة. من هنا، يُعتبر التّعليم المُستدام نموذجًا تحويليّا، يُقدّر الإمكانات البشريّة ويحافظُ عليها، ويُمكّنُها من تحقيق الرّفاهيّة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والبيئيّة (Sterling, 2001).
تتميّزُ كلمة مُستدام في "التعليم المستدام" بأربعة توصيفات، هي: استدامته التفكيرَ والممارسةَ التعليميّين، وقابليته للدّفاع عنه، وأنّه صحّي، وهو دائم. فالاستدامة تساعد على بقاء الناس والمجتمعات والنُّظم الإيكولوجيّة؛ وتفيد قابليّة التعليم المستدام للدّفاع عنه إمكانيةَ تبريره تعليميًّا وأخلاقيًّا، وأنّه تمكن ممارسته بتكامل وعدالة واحترام وشموليّة؛ وهو صحّي لأنّ التّعليم المُستدام في حدّ ذاته نظامٌ قابل للتكيّف والحياة، يُجسّد ويُغذّي العلاقات الصحّية، ويَبرُزعلى مستويات النّظام المُختلفة؛ كما أنّه دائم كونه يعمل بشكل جيّد بما يكفي من النّاحية العمليّة، ما يجعل هذا النوع من التعليم مرشحا للاستمرار (Sterling, 2003).
عُدّ التّعليم المُستدام نموذجًا مُتقدّمًا من أنواع التّعليم المُعاصر المُتمركِز حول البيئة، ظهر بعد مفهومَي "التّعليم للحفاظ على الطّبيعة" (Nature conservation education) و"التّعليم البيْئي" (Environmental Education). وهو يركّز على زيادة إشراك المُواطنين في قضايا التّنمية المستدامة، وزيادة فهم الروابط بين البيئة والاقتصاد والثقافة، وكيفية تأثير الممارسات اليوم في الأجيال القادمة (التقرير العالمي لرصد التعليم لليونسكو عام 2016).
مفهوم "التّعليم المُستدام" ليس مُجرّد "إضافة" بسيطة لمفاهيم الاستدامة إلى المناهج الدراسيّة، لكنّه تحوّلٌ ثقافيّ في الطّريقة التي نرى بها التّعليم والتّعلّم، بناءً على رؤية أكثر إيكولوجيّة أو علائقيّة للعالم (El-Haggar & Samaha, 2019). فضلًا عن ذلك، هو تعليم ديمقراطيّ، يسعى إلى وضع التعليم في يد المعلّمين والمُتعلّمين والمجتمعات بدل الحكومات والشركات، ويدعم القيم الأساسيّة وحقّ تكافؤ الفرص للجميع، ويؤكّد على جعل التعلّم ذا معنى، وجذّابا، وتشاركيًّا، بدل أن يكون تنفيذيًّا، وسَلبيًّا، وتقريريًّا (Sterling, 2001).
نتج التّعليم المُستدام عن تلاقح عدد من تيّارات الفكر والممارسة عرفها تاريخ التّعليم، من بينها: التّعليم الإنسانويّ، والنّزعة التّقدمية، والتّعليم الشّموليّ، والتّعليم التّحرّريّ. وأسهمت فيه شخصيّات بارزة من أمثال مُنتِسوري (Montessori)، وشتاينر (Steiner)، وديوي (Dewey)، وروجرز (Rogers)، وفريري (Freiri).
المراجع
- - El-Haggar, S., Samaha, A. (2019). Roadmap for Global Sustainability – Rise of the Green Communities. Springer Nature Switzerland AG Retrieved from
https://doi.org/10.1007/978-3-030-14584-2
- - Sterling, S. (2001). Sustainable Education: Re-Visioning Learning and Change. Green Books, Totnes.
- - Sterling, S. (2003). Whole System Thinking as a Basis for Paradigm Change in Education. Explorations in the Context of Sustainability. Ph.D. Thesis, Bath: University of Bath.