التعليم في غزّة أثناء الحرب: تحدّيات وأمل
التعليم في غزّة أثناء الحرب: تحدّيات وأمل
2024/11/26
شيماء محمّد الددا | معلّمة/ فلسطين

أنا معلّمة من غزّة. أعملُ في وكالة الغوث منذ أكثر من عقد من الزمن. ومع الظروف الصعبة التي نعيشها، كنت دائمًا ملتزمة بتقديم أفضل تجربة تعليميّة إلى طلّابي. لكن بعد الحروب المتتالية التي عانتها غزّة، أصبح التعليم في خطر حقيقيّ.

في أعقاب الحرب الأخيرة على غزّة، توقّفت العمليّة التعليميّة بشكل كامل، وتحوّلت المدارس من مراكز تعليميّة إلى مراكز إيواء للنازحين. دُمّرت العديد من المدارس بشكل شبه كامل، وأقلّ ما يمكن وصفها به هو الحطام. تلك المباني التي كانت يومًا مراكز علم ومعرفة، ولعب وترفيه، تحوّلت إلى أماكن تأوي العائلات التي فقدت منازلها.

في هذه الظروف القاسية، كنّا نناشد باستمرار لتوفير مكان آمن يمكن للطلّاب أن يتعلّموا فيهِ. وعلى الرغم من صعوبة الأوضاع، أُنشئت خيمة تعليميّة في معظم المدارس، وهي مكان يفتقر إلى أبسط مقوّمات البيئة الصفّيّة الآمنة والجذّابة؛ فهي لا تقي الطلّاب حرّ الشمس ولا برد الشتاء، يجلس الطلّاب على الأرض بلا مقاعد، ولا توجد حتّى مساحة كافية للكتابة أو التعلّم بطريقة مناسبة. كما أنّ الأدوات الدراسية الأساسيّة، مثل الكرّاسات والأقلام أصبحت صعبة المنال، ولا يمكن للطلّاب الحصول عليها إلّا في أحلامهم السعيدة.

كان ولي الأمر زائرًا للمدرسة، ولكنّه أصبح نازحًا مقيمًا. هذه الجملة تعكس واقعًا مؤلمًا يعيشه الأهالي في غزّة، والذين لم تعد لديهم منازل أو أماكن آمنة. كان هذا لهذا التغيُّر الجذريّ في حياة العائلات أثر بالغ على الطلّاب، حيث شعروا بأنّهم ليسوا وحدهم في مواجهة التحدّيات، بل يشاركونها مع أسرهم.

توقّف التعليم لفترة طويلة، ما أثّر بشكل مباشر في الطلّاب، وتسبّب في تراجع مستوى تحصيلهم الدراسيّ بشكل كبير. لكن، وسط هذه الظروف الصعبة، بدأنا في وكالة الغوث بإعادة تأهيل بعض المدارس المتضرّرة. مع أنّ تلك العمليّة كانت صعبة للغاية بسبب محدوديّة الموارد والمخاطر الأمنيّة المستمرّة.

وعلى الرغم من كلّ هذه التحديات، فإنّ الأمل لم ينطفئ. نحن المعلّمون مصمّمون على إعادة بناء التعليم في غزّة، مهما كانت الصعوبات. فالتعليم لا ينحصر في جدران الفصول الدراسيّة فقط، بل في قدرتنا على العطاء والمثابرة في ظروف لا تُحتمل، وبإيمان طلّابنا بقدسيّة مواصلة التعليم. نحن جميعًا نؤمن بأنّ الأمل يمكن أن يولد من بين الركام، وأنّ كل خطوة نخطوها نحو إعادة التعليم، خطوة نحو بناء غدٍ أفضل لطلّابنا.

نأمل أن يعود التعليم إلى غزّة بشكل أقوى، وأن تبقى المدارس أماكن لبناء الأمل، على الرغم من كلّ الظروف.