"تقوم مهامّ المعلّم في النظام التربويّ التقليديّ على التخطيط للتدريس من خلال اختيار الدروس والأنشطة من الكتاب المدرسيّ، ويحدّد غالبًا بشكل فرديّ الوقت الذي يستغرقه كلّ موضوع، ومتى وكيف يختبر الطلّاب فيما تمّ تدريسه، وكذلك تحديد المحكّات المستخدمة لتحديد جودة العمل الذي ينتجه الطلّاب. ويعتمد ما يقوم المعلّم بتدريسه، وما يتوقّع من الطلّاب تحصيله على ما يعرفه عن المادّة التي يقوم بتدريسها، وما يرغب في تدريسه، وما يعتقده عن قدرات وإمكانات الطلّاب، وغالبًا ما ينتهي به الأمر إلى التركيز على عدد محدود من الطلّاب ممّن يراهم أكثر قدرةً على الفهم ويتجاهل البقيّة، فضلًا عن تحديده متى ينتهي الدرس أو الوحدة وينتقل إلى أخرى.
ومن وجهة نظر الطلّاب فإنّ ما يتعلّمونه، وما يعدّ مهمًّا، ويدخل في نطاق الاختبارات يحدّد بوساطة المعلّم، ومن ثمّ يمكن أن تتباين وجهات نظر المعلّمين حول ما ينبغي التركيز عليه، وتوصيله للطلّاب حتّى داخل المدرسة الواحدة. وفي الأنظمة التي تتوقّع أنّ عددًا قليلًا من الطلّاب هم القادرون على تحقيق مستويات تحصيليّة عالية، فمن السهل التوقّع بهؤلاء الطلّاب. ومرّةً بعد أخرى ومن عام دراسيّ لآخر يطبع بعض الطلّاب بضعف الإمكانات، وقلّة التحصيل، ممّا يحرمهم من فرص تتاح لأقرانهم ممّن يوصفون بالمتميّزين سواء على مستوى الأنشطة المنهجيّة أو اللّامنهجيّة. وقد أدّت مثل هذه الممارسات التي كان ينظر إليها على أنّها معقولة وتتّفق مع طبيعة القدرات البشريّة إلى مشكلات لم يلتفت إليها إلّا مؤخّرًا مع ظهور حركة المعايير؛ مثل: الرسوب، والتسرّب، وهدر فرص استثمار، وصقل إمكانات الطلّاب ومهاراتهم.
وبالمقابل فإنّ ما يتوقّع من الطالب معرفته وأداءه في نظام التربية المعتمد على المعايير لا يترك تقريره للأفراد، ولكن يقرّره مجتمع أكبر يضمّ المتخصّصين والمعنيّين على المستوى الوطنيّ على أن يطبّق على جميع الطلّاب من دون استثناءات. ولا يقتصر التعليم المعتمد على المعايير على وصف ما ينبغي على الطلّاب القيام به (معايير المحتوى) بل يصف جودة الأعمال التي سوف يقوم بها كلّ طالب (معايير الأداء). ومن ناحية مثاليّة ينبغي أن تكون المعارف والمهارات والسلوكيّات التي تصفها المعايير انعكاسًا للمتطلّبات الفعليّة خارج أسوار المدرسة، وأن تكون مصادر التدريس معدّةً لتهيئة الفرصة لكلّ الطلّاب لتحقيق مستويات عليا على المعايير.
ولضمان تحقيق الطلّاب لمستويات تحصيليّة عالية ينبغي أن يكون لدى المعلّمين رؤية واضحة عن مستوى الأداء المطلوب لتحقيق المعايير: ماذا ينبغي على الطلّاب فعله لإثبات إنجازهم أو إتقانهم للمعايير؟ وما صفات الأداء المطلوبة لاعتبارها جيّدةً بما فيه الكفاية لإبراز إنجاز مرضيّ أو متقن. الإجابة عن مثل هذه الأسئلة تقود عمليّات تصميم الدروس والقرارات المتعلّقة بالتخطيط للتدريس وتنفيذه (AFT, 2009)."
السعدوي، عبد الله. والشمراني، صالح. 2016. التعليم المعتمد على المعايير: الأسس والمفاهيم النظريّة. مكتب التربية العربيّ لدول الخليج. الرياض. صفحة 62-63.