إضراب تلاميذ الجزائر عن الدراسة: الحكومة تتحرك لاحتواء الأزمة
إضراب تلاميذ الجزائر عن الدراسة: الحكومة تتحرك لاحتواء الأزمة
2025/01/23

سارعت الحكومة الجزائريّة لإعلان خطّة لتخفيف الحجم الساعي (عدد ساعات الدروس) في المدارس وتقليص البرامج التعليميّة، في خطوة لاحتواء أزمة تظاهر التلاميذ في الجزائر، وخروجهم إلى الشارع وإضرابهم عن الدراسة ورفعهم مطالب لإصلاح المقررات الدراسيّة و"تخفيف البرنامج التعليميّ المُرهق"، بحسب الطلّاب.

ويواصل تلاميذ المتوسطات والثانويّات في عدد من المدن الجزائريّة، لليوم الثالث على التوالي، الإضراب عن الدراسة، فيما بدأت جمعيّات أوليّاء التلاميذ جهودها لاحتواء الموقف ومخاطبة التلاميذ وطلبة الثانويّ، للعدول عن التظاهر والعودة إلى الدراسة "إلى حين تحقيق إصلاح متدرج للنظام التعليميّ". 

وصدر أول تعليق حكوميّ في خضمّ أزمة خروج التلاميذ إلى الشارع، بتصريح صحافيّ لوزير التربيّة الوطنيّة محمد صغير سعداوي، مساء أمس، خلال زيارته إلى تندوف أقصى جنوبي الجزائر، مشيرًا إلى أنّ الوزارة لم تنتظر خروج التلاميذ إلى الشارع لبدء خطّة الإصلاح، قائلًا: "نحن في منتصف الموسم ويجب الحفاظ على هدوء تلاميذنا وتركيزهم، لا تشتيتهم، ونطمئن التلاميذ أنّه سيتم دراسة تخفيف الحجم الساعي".

وحول منع السلطات، قبل أيام، الدروس الخصوصيّة، قال: "التلاميذ بإمكانهم مزاولة دروس الدعم الإضافيّة للاستزادة داخل المؤسّسة أو خارجها، حيث سيتم فتح المؤسّسات التعليميّة لدعم التحصيل العلميّ في الأسبوع الأول للعطل"، مشيرًا إلى أنّ "الحكومة تعمل على تنظيم الدروس الخصوصيّة وليس توقيفها، وهدفنا ليس إلغاءها".

وردًا على أبرز مطالب التلاميذ بشأن خفض الحجم الساعي للدراسة والبرنامج المرهق، أكدَّ الوزير سعداوي: "خففنا البرامج في السنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائيّ، وفي انتظار إصلاحات للسنة الثالثة من نفس الطور، ونعمل على تخفيف الحجم الساعي للأستاذ والتلميذ في كلّ المراحل، وسنطوّر برامجنا دوريًّا في مختلف الموادّ والآليّات العلميّة"، كاشفًا عن تقرر إنشاء "لجنة وطنيّة تتولى إعداد خطّة لجودة التعليم، وإعادة توزيع البرامج والحجم الساعي للبرامج والموادّ بما يتماشى مع مصلحة الأستاذ والتلميذ على حد سواء، وهذه اللجنة ينتظرها عمل كبير، وهدفها البناء من الأساس إلى المراحل الثلاث، من خلال تطوير المعارف بما يناسب تطوّر الموادّ على غرار العلوم الفيزيائيّة والرّياضيّات والتقنيّات التي يعتمد عليها تلاميذنا، وهي قديمة، وسنعززها ونوفرها للقيام بتجارب وتحقيق نتائج جيدة".

 

وفي السياق، بدأت السلطات الجزائريّة إجراء تحريّات من قبل الأجهزة لمعرفة خلفيّات هذا التحرك المفاجئ للتلاميذ إلى الشارع، والبحث في مصدر دعوات تحريضيّة كانت نشرت على فيسبوك، في 19 يناير الجاري، تحرّض التلاميذ للتحرك والتظاهر والإضراب عن الدراسة. وتشكك السلطات في وجود أطراف كانت مستفيدة ماديًّا من الدروس الخصوصيّة الموجَّهة للتلاميذ، قد تكون وراء استغلال التلاميذ والدفع بهم إلى الشارع.

وأخذ خروج التلاميذ للتظاهر بهذا الشكل غير المسبوق في الجزائر طابعًا سياسيًّا بفعل مواقف الأحزاب السياسيّة التي دخلت على خطّ الأزمة، وعبّرت عن قلقها من احتجاجات تلاميذ الثانويّات في مختلف الولايات، والتي تطوَّرت إلى خروج التلاميذ إلى الشارع ورفع بعض المطالب المرتبطة بالمنظومة التعليميّة والتربويّة، والتعبير عن رفض بعض الإجراءات المتّخذة من طرف الجهات الوصيّة في الشأن التعليميّ.

وطالبت الحكومة بـ "سرعة استيعاب المشاكل التعليميّة والبيداغوجيّة المطروحة ضمن أُطر الحوار والنقاش المؤسّساتيّ بين أبناء الجماعة التربويّة الوطنيّة، وعدم اللجوء إلى ضغوط الشارع واستعماله لمعالجة المشاكل، والتي محلها الحقيقيّ المدرسة والمؤسّسة التعليميّة"، ودعت إلى "طرح خطّة إصلاح جذريّ ومدروس بعيدًا عن الارتجال والاستعجال الذي سيتسبب في تراكم الاختلالات وترحيل المشكلات واستمرار الأزمات وتفاقم الأعباء التعليميّة".

 

المصدر: (العربيّ الجديد).