كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترين مستقبل المدرسة كمكانٍ؟
أعتقد أنّ المدرسة هي الوعاء الجامع الذي يقوم بترتيب جميع عناصر العمليّة التعليميّة بشكل منظّم ومنطقيّ واجتماعيّ. وبرأيي، التعليم من دون وجود مدارس سيكون تعليمًا مُجرّدًا غير قادر على صقل شخصيّة الطالب من النواحي الثقافيّة والاجتماعيّة، حيث يقوم الطالب بالتفاعل مع الطلّاب الآخرين، ويتبادلون المواقف والخبرات والمعارف والعادات والثقافات والذكريات مع معلّماتهم ومعلّميهم، ومع كافّة أفراد الطاقم في المدارس. كما أنّ المدرسة تعطيهم فرصةً للمشاركة في المسابقات والمنافسات على عدّة مستويات، وغير ذلك من اكتشاف للمواهب وتنمية للقدرات والجوانب الشخصيّة والاجتماعيّة. وأعتقد أنّه لو حصل، في المستقبل، أيّ تغيير في منظومة التعليم، فسيكون تغييرًا صعبًا، كون غياب المدرسة سيتسبّب بغياب عناصر مهمّة في العمليّة التعليميّة.
كيف تصفين تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟
من وجهة نظري، التعليم الوجاهيّ يتفوّق على التعليم الإلكترونيّ بامتياز، كونه تفاعلًا بين المعلّمة/ المعلّم والطلبة، يخلق جوًّا من المودّة؛ إذ لا يقتصر التعليم على نقل معلومات أكاديميّة للطلبة فقط، بل هو جسر تقوم المعلّمة/ المعلّم من خلاله بتفعيل القيم، وتطوير الطلبة من جوانب تربويّة اجتماعيّة، ومساعدتهم في كثير من جوانب الحياة اليوميّة والصعاب التي يواجهون.
الحصّة الصفّيّة ليست مجرّد 45 دقيقة من التدريس وحسب، بل فيها دائمًا فترة لنقاش جوانب اجتماعيّة حياتيّة بعيدة عن الموضوع الأكاديميّ، وفي الوقت نفسه، لتنفيذ أنشطة لامنهجيّة بهدف بناء علاقات إيجابيّة بين الطلبة، والكشف عن مكنونات مُعيّنة في شخصيّاتهم، وتفعيل قيم متنوّعة بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وهذا ما لا يستطيع التعليم الإلكترونيّ توفيره.
اختاري شيئًا واحدًا تودّين تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟
أودّ تغيير نظام التقييم في تعليم اليوم، لأنه لا يُنصف الطلّاب ولا المعلّم ولا يطوّر أي جانب سوى الجانب التلقينيّ البحت لدى الطلّاب، ما يُنتِج طلبة غير متمرّسين في النواحي العمليّة واللغويّة والاجتماعيّة والبحثيّة، وبالتالي ضياع في مرحلة التعليم العالي بعد إنهاء المرحلة المدرسيّة. من هنا، يتخرّج الطالب من المدرسة وهو يفتقر إلى مهارات التعلّم الحديثة، والبحث العلميّ، والنقاش الفعّال.
برأيكِ، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟
أعتقد أنّ الفنون والموسيقى جوانب هامّة جدًّا في العمليّة التعليميّة، ويمكن استثمارها في تعليم عدّة مواضيع بطريقة غير مباشرة؛ إذ يمكن استخدام الموسيقى في تعليم اللغات بطريقة جميلة ومشوّقة وممتعة للطلّاب. وكذلك، توظيف مهارات الفنون في تعليم العلوم المختلفة، واستخدام الموسيقى والفنون لتنمية مهارات مُختلفة لديهم، من خلال الحركات والإيقاع والمهارات الفنّيّة المتنوّعة، حتّى يكونوا مستعدّين لتعلّم المواضيع الأخرى بهمّةٍ أعلى، وبحالة نفسيّة أكثر راحة.
إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟
من الممكن ابتكار طرق جديدة للتقييم تواكب متطلّبات العصر الحاليّ، وذلك من خلال عمل زيارات ميدانيّة، وكتابة تقارير بحثيّة بمعايير يتم إعدادها مسبقًا، وتحضير الطلّاب لها من مراحل مبكّرة. وكذلك، من المُمكن طرح فكرة المشاريع الطلّابية في نهاية كلّ مادّة تعليميّة، بحيث يقوم الطلّاب بابتكار مشروع يُحاكي المواضيع الرئيسيّة للمساقات. ويمكن تقييم اللغات، على سبيل المثال، من خلال بناء عمل مسرحيّ، أو حوار يعتمد على أُسس محدّدة يركّز على مفردات وموضوعات منشودة ومتنوّعة في كلّ مرحلة.وبرأيي، يجب تطوير مهارات البحث العلميّ الحديثة، واعتمادها في آليّة التقييم في المدارس.
كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟
من أهمّ طرق جعل التعليم أكثر فعاليّة، ربطُ التعليم بالحياة الواقعيّة. ويمكن ذلك من خلال طرح أمثلة من حياة الطلّاب، وربط كلّ موضوع يُدرَّس بالحياة الواقعيّة وبكيفيّة استخدامه وأهمّيّته، حتّى نجذب انتباه الطلّاب إلى أهمّيّة تعلّم هذه المواضيع وكيفيّة استخدامها على أرض الواقع. يمكن أيضًا ربط المواضيع التعليميّة بواقع الطلّاب، من خلال مشاهدة أمثلة حيّة، سواء من خلال الزيارات التعليميّة، أو مشاهدة الفيديوهات، أو استضافة متحدّثات أو متحدّثين من المجتمع المحلّيّ.
ما هو التعبير الذي تُحبّين رؤيته على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّين أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟
أكثر ما أحبّ رؤيته على وجوه طالباتي، هو تعبير الرضا.
حين تشعر الطالبة براحةٍ نفسيّة في الحصّة تكون مستعدّة للتعليم واستقبال كلّ شيء. وهناك عامل مهمّ جدًّا هو الحبّ؛ فالطلّاب، في أحيان مُختلفة، هم ضحايا مجتمع ظالم وقاسٍ. لذلك يجب أن يجدوا في المدرسة بيئة مليئة بالحبّ والدفء والأمان. من جانب آخر، علاقة الطالب بالمعلّم ليست علاقة ندّيّة، بل هي علاقة محبّة واحترام، ومن هُنا، أُحبّ أن تشعر طالباتي بالمحبّة، وعندما يرَينني يفرحْنَ ولا ينفرْنَ، وهذا أهمّ من كلّ التعليم الأكاديميّ.
من هو الطالب المُلهم؟
الطالب الملهم بالنسبة إلي هو الطالب الأكثر مشاكسة، باللغة العامّيّة "كثير الغلبة". والطالب الذي يمتلك جوانب غريبة تجعلُ المعلّمة تدخل في تحدٍّ لحلّ لغز هذا الطالب، ومحاولة الوصول إلى طريقة تفكيره، من أجل إحداث تطوّر لديه، سواء تطوّر أكاديميّ أو اجتماعيّ أو ثقافيّ أو علميّ.
كصديقةٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟
نصيحتي دائما للطلبة هي أن يعيشوا هذه المرحلة بكافة تفاصيلها، وأن لا يستبِقوا أعمارهم، وأن يشاركوا في أي فعاليّة لامنهجيّة يُمكن أن تُطوّر مهارات مُعيّنة لديهم؛ سواء كتابة أبحاث، أو قراءة كتب خارج المنهاج، أو تبادل ثقافات، أو مسابقات لامنهجيّة، أو دبكة، أو دورات قيادة. أدعوهم إلى استثمار أيّ فُرصة من هذا القبيل.
إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختارين؟
سوف أختار القرى المهجّرة في فلسطين، لأنّ فيها أماكن خياليّة وجميلة. ولأنّها تمنحنا شعورًا غريبًا وأفكارًا مُختلفة عند تخيُّل كيف كانت تلك القرى عامرة بأهلها، وكيف أصبحت خاوية على عروشها برغم جمالها. وأختار مدينة الملاهي أيضًا، لأنّها مكان مناسب لتفريغ طاقات الطلّاب، عبر الصراخ والغناء واللعب والضحك.