أماني مصلح- معلّمة لغة إنجليزيّة- فلسطين
أماني مصلح- معلّمة لغة إنجليزيّة- فلسطين
2024/06/22

لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟

ليس هناك شكل محدّد للتعليم، فأسلوب التعليم المستخدم يجب أن يتناسب مع المحتوى التعليميّ الذي سنقوم بتدريسه.  وعلى المعلّم أن يوظّف استراتيجيّات التعليم حسب ما يتوافق وموضوعه، وما يلبّي حاجات طلبته. أنا من مؤيّدي التعلّم النشط والتفكير الناقد والمحاكاة، بما أنّ الطالب هو محور العمليّة التعليميّة، فإنّ أيّ وسيلة للتعليم يجب أن تتمركز حوله، في حين يكون دور المعلّم ميسّرًا وموجّهًا لسير العمليّة التعليميّة. وقد وجدت أنّ الطلبة يميلون كثيرًا للتطبيق، فهم يحبّون التعلّم من خلال تمثيل الأدوار، وتسجيل الفيديوهات، والألعاب التربويّة المختلفة، والمجموعات. فهذه الأساليب تخلق جوًّا من المنافسة النزيهة بينهم، والتي تحثّهم على محاولة الوصول إلى أقصى إمكانيّاتهم.

 

إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟

يعدّ اكتساب المهارات الاجتماعيّة أحد أكثر المهارات أهمّيّة، والتي لا يمكن أن ينجح الإنسان من دونها. صحيح أنّ المعرفة العلميّة مهمّة جدًّا، لكنّها لا يمكن أن تنجح من دون مهارات اجتماعيّة؛ فإذا امتلك أحدهم المعارف العلميّة، وكان منطويًا بغير مهارات اجتماعيّة، سنجد أنّه مع الوقت، فشل في النجاح. نحن نعيش في عصر العلاقات الاجتماعيّة، وإذا كنت من الأشخاص الذين لديهم مهارات اجتماعيّة ستكون قادرًا على التواصل مع مختلف الأشخاص باختلاف ثقافاتهم. أعتقد أنّ أحد أكبر الأسباب التي كانت تخرّج لنا جيلًا يمتلك مهارات معرفيّة من دون المهارات الاجتماعيّة، كان ارتكاز التعليم على التلقين: الطالب يُلقّن المعلومة من دون أن تتاح له الفرصة في أن يكون جزءًا منها. في حين أنّ الأساليب التعليميّة الحديثة التي تركّز على جعل الطالب محور العمليّة التعلّميّة، نمّت لديه المهارات الاجتماعيّة.

 

كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟

المعلّم ليس فقط مصدر المعلومات للطالب، بل هو المربّي والمرشد، وبل الأمّ والأب وقت الحاجة. هو من يزرع القيم ويعلّم الأخلاق، وينمّي شخصيّة الطالب، ويبني جيل المستقبل. مهمّة المعلّم لا تقف عند تلقين معلومة أو تعليم معرفة، بل هي أسمى وأكبر من ذلك. نحن في عصر الذكاء الاصطناعيّ، لكن من يسيّر هذا العصر هو الإنسان نفسه، من يصنع هذه التكنولوجيا هو الإنسان نفسه، لا نستطيع الاستغناء عنه. نستخدم التكنولوجيا بما نحتاج إليه، وبالقدر الذي يساعد في إيصال المعرفة إلى الطالب وفي حين الحاجة إليها، وليس في كلّ وقت.

 

متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟

عندما تكون العلاقة بين المشرف التربويّ والمعلّم مبنية على الثقة والتعاون والتوجيه، وألّا يكون دور المشرف اصطياد هفوات المعلّمين، بل توجيههم ومساعدتهم في الوصول إلى التميّز.

 

ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟

الموقف هو الحكم في هذا الأمر. نحن كمعلّمين ومعلّمات نواجه بشكل يوميّ المشاحنات بين الطلبة، أو حتّى بين الطلبة والمعلّمين أنفسهم. يعتمد أسلوب حلّ النزاعات على الموقف نفسه، وأرى بدايةً أنّ أهمّ سلوك هو الحوار. وللمعلّم دور كبير في التأثير في سلوك الطلبة، وكيفية تعامله معهم تساعد في حل النزاعات بينهم، والتي غالبًا ما تكون نابعة من الغيرة، وليست مشاحنات كبيرة، وحلّها يكون في محاولة فهم كلّ طرف وسماعه. ويمكن أن تخصّص جلسات إرشاديّة للطلبة مع المرشد التربويّ، فدوره في متابعة سلوك الطلبة أساسيّ وضروريّ. 

 

هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟

لكلّ ما هو موجود في حياتنا إيجابيّات وسلبيّات، لكنّ الأمر يعتمد على كيف نوظّفها، وكيف نستخدمها. الأدوات التكنولوجيّة مهمّة في العمليّة التعلّيميّة، لكنّ استخدامها مرتبط بتحقيق هدف معين، ويجب ألّا تستخدم بعشوائيّة لمجرّد أن نوظّفها.

 

هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟

أعتبر أنّ جند المرء أهله، هم السند والسدّ الحصين. وإذا ما كنّا نسعى للنجاح، فذلك لأنّنا نريد أن نكبر في عيون ذوينا. وللأهل الدور الأكبر في تعزيز الطفل وتشجيعه، ومتابعته في الأمور التعليميّة والسلوكيّة والاجتماعيّة؛ فالطفل ظلّ والديه، يقلّدهم ويخطو خطواتهم.  لذلك، كأهل علينا أن ننتبه في أيّ طريق نسير.

 

هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟

لا يمكن التخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل، فكما نحن بحاجة إلى أن نتعلّم التقنيات والتطبيق والمراحل العمليّة. نحن بحاجة بداية، إلى أن نتعلّم المراحل النظريّة والمعرفيّة، وإلى أن يكون أمامنا شيء ملموس نستطيع أن نبحث من خلاله. وعلى الصعيد الشخصيّ، أستمتع كثيرا حينما أمسك كتابًا بيدي، أتصفّحه وأدرسه، ولا أفضّل أن أقرأه من خلال الشاشات.

 

كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟

ليست هناك مدّة أو وقت معيّن لعدد ساعات الدوام. فبالنسبة إليّ الأهمّ هو ماذا نقدّم إلى الطالب خلال هذه الساعات، ما المهارات التي سيكتسبها الطالب؟ وما مقدار الفائدة التي حصل عليها؟

 

صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.

كشخص يعشق القراءة ويتابع دائمًا الروايات والكتب، يصعب عليّ أن أحدّد رواية أو كتابًا معيّنًا، لكنّي أرى أنّ الخيار الأقرب هو رواية الخيميائيّ لباولو كويلو، والتي تدور حول شاب يريد الذهاب في رحلة استكشاف، لكنّه يكتشف بعدها أمور العالم والحياة والإنسان. ومن الجمل التي لفتت انتباهي في الرواية "ولكن كيف يمكنني التنبّؤ بالمستقبل؟ بفضل إشارات الحاضر، ففي الحاضر يكمن السرّ". وعلاقة هذه الرواية بالتعليم، أنّنا كلّما خضنا في رحاب المعرفة وتوسّعت دائرة البحث لدينا، تعلّمنا أكثر واكتشفنا أكثر. هذه الرواية تعلّمنا الصبر والعمل الجادّ والسعي، والكثير من القيم التي نحتاج إلى أن ندرّسها لطلبتنا.