يعبِّر الأطفال، عادةً، بصراحة عن أنفسهم، سواءً أكانوا يشعرون بالحبّ أم الحزن أم الغيرة أم غير ذلك من المشاعر. وتعدّ الغيرة من المشاعر الشائعة جدًّا عند الأطفال، والتي تنشأ نتيجة خوف من فقدان حبّ والديهم وانتباه مقدّمي الرعاية لهم. فتُرى، هل الشعور بالغيرة أمر طبيعيّ عند الأطفال؟ وكيف يمكن التعامل مع هذا النوع من المشاعر؟
ما الغيرة عند الأطفال؟
تعرَّف الغيرة عند الأطفال، نفسيًّا، بأنّها ردّ فعل دفاعيّ معقَّد، ومركَّب من مشاعر مختلفة، مثل حبّ التملّك والغضب. تنشأ عندما يشعر الطفل بتهديد فقدان الامتيازات التي يتمتّع بها، كأن يشعر، مثلًا، بمشاركة حبّ والديه وعاطفتهم مع فرد آخر، كأخ جديد، أو بدونيّة إزاء طفل آخر غريب يمتلك شيئًا ليس لديه، أو بالغيرة لحصول صديقه على درجات أفضل في الفصل الدراسيّ، أو أيّ موقف آخر لا يكون الطفل فيه محور الاهتمام.
كيف تسهِم تصرّفاتك في توليد مشاعر الغيرة عند طفلك؟
قد يكون سلوك الوالدين سببًا رئيسًا في توليد مشاعر الغيرة عند طفلهم. إليك أهمّ مظاهر التربية التي يفضَّل تجنُّبها:
- - مقارنة طفلك بغيره.
- - خلق بيئة تنافسيّة غير صحّيّة.
- - الاهتمام بطفل أكثر من غيره.
- - التحكّم غير المبرَّر لقراراته.
- - الحماية الزائدة.
- - الدلال المفرط.
كيف يشعر الطفل الغيّور؟
تحكم عدّة عواطف مختلفة مشاعر الغيرة عند طفلك. من أبرزها:
- - تدنّي شعور الثقة بالنفس.
- - العدوانيّة تجاه أقرانه.
- - الشعور بالعجز.
- - الميل إلى التسلّط.
- - العزلة.
ما أشكال الغيرة عند الأطفال؟
هناك عدّة أشكال للغيرة عند الأطفال. أهمّها:
الغيرة المادّيّة
عندما يشعر طفلك بالغيرة من امتلاك طفل آخر شيئًا أو لعبة لا يملكها.
الغيرة الأكاديميّة
قد يشعر طفلك بالغيرة، أحيانًا، من طفل متفوِّق عليه في الفصل الدراسيّ. لهذه الغيرة جانب إيجابيّ قد يدفعه إلى المنافسة، ولكن إذا لم توجَّه توجيهًا صحيحًا تصبح عادةً سيّئة.
الغيرة الاجتماعيّة
يستطيع طفلك، حتّى في مراحل نموّه المُبكِرة، أن يميِّز بين مستويات أقرانه الاجتماعيّة، من خلال العناصر التي تساعده في التعرّف عليها. يشعر الطفل، مثلًا، بالغيرة من نمط حياة صديقه الذي يسكن في منزل كبير، مقارنةً بمنزله الأصغر حجمًا.
غيرة الأخ
هذه الغيرة من أكثر أنواع الغيرة شيوعًا بين الأطفال، إذ من الطبيعيّ أن يشعر طفلك بالغيرة عندما يشاركه طفل جديد الحبّ والاهتمام والحنان.
هل الغيرة أمر طبيعيّ عند الأطفال؟
الغيرة عند الأطفال من بين أكثر المشاعر شيوعًا، والتي تختفي بمرور الوقت. لذلك، إذا لاحظت أنّ طفلك يتصرّف تصرّفات مشابهة لما ذُكِر، فاعلم أنّه أمر طبيعي لا يستدعي أن تتّخذ تجاهه إجراءً حازمًا.
كيف تتصرّف مع طفلك الغيور؟
يمكنك اتّخاذ إجراءات بسيطة لمساعدة طفلك على التخلّص السريع من مشاعر الغيرة. أهمّها:
شجّع طفلك على التركيز على نفسه
عندما يشعر طفلك بالغيرة من زميله الذي حصل على درجات أعلى منه في الفصل الدراسيّ مثلًا، احتوِه وأعد توجيه تركيزه نحو ذاته. علّمه أنّ تفوّقه في الدراسة يعنيه وحده، وأن لا مجال للمقارنات في مثل هذه الحالات.
حثّه على محبّة الآخرين
عندما يتوجّه تركيز طفلك نحو ذاته، تتغيّر نظرته إلى من حوله تلقائيًّا، حيث تقلّ عنده مشاعر المنافسة معهم، وتزداد بينه وذاته. يصبح بذلك متصالحًا مع الاختلافات التي يشهدها، من دون أن تثير مشاعر الغيرة في داخله، كما كان يحصل في السابق.
تعرّف إلى سبب الغيرة الأساسّ
تحدّث إلى طفلك واعرف سبب غيرته من شخص معيّن، ثمّ استمع إليه من دون إصدار أيّ حكم. قد تكون هناك حالات يشعر فيها طفلك بعدم الثقة بنفسه، وعليك أن تبدأ بمساعدته على تعزيز ثقته بنفسه.
لا تقارن طفلك بغيره
لا تقارن أبدًا طفلك مع أشقّائه أو أصدقائه، لأنّ ذلك لا يساعد طفلك على العمل بجدّيّة، وإنّما يزيد من استيائه وتدنّي احترامه ذاته.
ركِّز على نقاط قوّة طفلك
الحديث عن نقاط القوّة الخاصّة بطفلك يغذِّي احترامه ذاته. يمكنك تركيز انتباهك على جهود طفلك أيضًا، بدلاً من مقارنة أدائه بأداء الآخرين. علِّم طفلك أنّ الهدف لا يكمن في أن يكون أفضل من الآخرين، بل في محاولته أن يكون النسخة الأفضل من نفسه.
* * *
الغيرة من المشاعر الشائعة جدًّا في مرحلة الطفولة، ولا سيّما عند الأطفال الذين لديهم أشقّاء. لكن، تذكّر أنّه بإمكانك تحويل انتباه طفلك نحو المشاعر الإيجابيّة التي تجعله فردًا أفضل تجاه نفسه، ومع من حوله، وأنّ تجاهلك المشكلة قد يفاقمها، ويؤدّي إلى تأثيرها السلبيّ في صحّته العقليّة في المستقبل.
اقرأ أيضًا:
أبرز أسباب الكذب عند الأطفال | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)
كيفيّة التعامل مع الطفل العنيد | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)
المراجع
https://www.momjunction.com/articles/simple-ways-to-deal-with-jealousy-in-children_0022841/
https://parenting.firstcry.com/articles/jealousy-in-children-causes-and-tips-to-deal-with-it/
https://www.linkedin.com/pulse/how-help-your-child-cope-jealousy-arlette-shohmelian/