لو كنت طالبةً اليوم، كيف سيكون شكل التعليم الأحبّ بالنسبةِ إليك؟
لو كنت طالبة اليوم، سأفضّل تجربة تعليميّة تساعد على الإبداع والابتكار؛ أن يتيح لي الدرس المساحة الكافية للتعبير عن نفسي بطريقتي وأسلوبي الخاصّ، باستخدام الأنشطة التفاعليّة، والأنشطة العمليّة، والأساليب الفنّيّة المتنوّعة. سأحبّ الحصص التي تشجّع على التفكير خارج الصندوق، حيث يُمكنني التعبير عن أفكاري ورؤيتي الفنّيّة بحرّيّة.
إلى أي مدى يمكن التوفيق بين تعليم المهارات الاجتماعيّة وتعليم المعارف العلميّة وفق البرامج التعليميّة الحديثة؟
يمكن للطلّاب العمل ضمن مجموعات على مشروع فنّيّ كبير، يحتاج إلى التخطيط التعاونيّ، ومشاركة الأفكار والآراء، وتقسيم المهامّ فيما بينهم. عن طريق هذه العمليّة، يتعلّم الطلّاب كيفيّة التواصل بطريقة فعّالة وإبداعيّة معًا لحلّ المشكلات وتحقيق الأهداف. كما يحدث في معرض السنوات الابتدائيّة، إذ يعمل الطلّاب ضمن مجموعاتهم، بعد اختيارهم لمواضيع المعرض، على تقاسم أفكارهم مع بعضهم البعض، وهذا يعزّز المهارات الاجتماعيّة، مثل الاحترام المتبادل، والتفاعل الإيجابيّ من خلال العمل الجماعيّ.
كيف تحدّدين أهمّيّة دورك، معلّمةً، أمام ما يشهده عصرنا من ثورة الذكاء الاصطناعيّ؟
على الرغم من التقدّم التكنولوجيّ، إلّا أنّ الإبداع الشخصيّ ما زالت له الأهمّيّة الأكبر في عالم الفنون البصريّة. دوري كمعلّمة يركّز على تعزيز هذا الجانب الإنسانيّ والإبداعي لدى الطالب، عن طريق مساعدته كي يصل إلى مرحلة التعبير عن نفسه من خلال الفنّ، بشتّى الطرق والأساليب الفنّيّة. ومن هذه الأساليب، الانخراط في مجموعة متنوّعة من الأشكال والوسائط الفنّيّة، وتطويع الألوان، المساحات، الخطوط، والخامات، وغيرها لابتكار أعمال فنّيّة بأسلوبه الخاصّ، وذلك عن طريق إتاحة الفرصة لهم بالتعرّف إلى أنواع الفنون المتنوّعة، مثل النحت؛ الخزف؛ التصوير؛ الطباعة؛ الكولاج (فنّ التجميع)؛ فنّ إعادة التدوير؛ فنّ الوسائط المتعدّدة، وغيرها من أنواع فنون عدّة، ومدارس فنّيّة بأساليب مختلفة، مثل المدرسة الواقعيّة؛ السرياليّة؛ التجريديّة؛ التكعيبيّة، وغيرها.
دائمًا ما أشجّع طلّابي على التجربة، والخروج خارج الصندوق، وإيجاد حلّ للمشكلات، واستخدام خامات مختلفة متنوّعة، ما يساعدهم على تطوير مهارات الفنّان الفريدة، والرؤية الشخصيّة التي تميّزهم.
متى يكون الإشراف التربويّ مفيدًا للممارسة التعليميّة؟
يمكن للإشراف التربوي دعم المعلّمين في تطوير مهاراتهم الفنّيّة والإبداعيّة، وتعزيز العمل الجماعيّ بين الطلّاب في إطار مشاريع فنّيّة كبيرة. يسهم تعليم الفنون بهذه الطريقة في زيادة حبّ المعرفة، وتنمية قدرات الطالب الفنّيّة ومهاراته، وحثّه على الابتكار والإبداع. كما ينمّي هذا النشاط الفنّيّ خيال الطالب، ويساعده في التعبير عن نفسه بأسلوبه الخاصّ، واحترام الاختلاف والرأي الآخر، وزيادة ثقته بنفسه، حيث يصل إلى معرفة قدراته. من الطلبة من يبدأ العام بجملة (لا أعرف كيف)، وينتهي بابتكار عمل فنّيّ باستخدام فنّ المعجون الورقيّ بطريقته الخاصّة المبدعة، ما يعزّز التعلّم مدى الحياة من خلال الفنون. ومنهم من يختار الفنون البصريّة بالتحديد للتعبير عن موضوع ما لمادّة أخرى.
ما الأساليب الناجعة، في نظرك، لحلّ النزاعات بين الطلّاب داخل غرفة الصفّ؟ وما الأطراف التي ينبغي أن تشارك في هذه العمليّة؟
تشجيع الطلّاب على التأمّل والتفكير في المشكلة من وجهة نظره، والتأمّل في ممارساته، ومحاولة الوصول إلى حلّ المشكلات، أو العمل بشكل تعاونيّ لإيجاد حلول. خلال حصص الفنون البصريّة، نعمل على ابتكار مشاريع فنّيّة جماعيّة تعاونيّة، تعزّز التفاهم والتعاون بين الطلّاب، وتساعدهم على التفاعل بشكل أفضل.
هل استخدام الأدوات التكنولوجيّة في التدريس إيجابيّ دائمًا؟ وما حدود استخدامها؟
تتيح الأدوات التكنولوجيّة التفاعل الفعّال، والتشارك بين الطلّاب، سواء كان ذلك من خلال العروض التقديميّة، أو البرمجيّات التي تتيح التعاون الفنّيّ عن بُعد. وعلى الرغم من أنّ الاعتماد الكبير على التكنولوجيا، قد يؤدّي إلى تقليل الخيارات الإبداعيّة التقليديّة، والتعبير اليدويّ الذي يمكن أن تكون له قيمته الفنّيّة المميّزة.
هل يشكّل تدخّل الأهل مصدر دعم دائمًا في تعلّم ابنهم؟ وكيف؟ وهل هناك توقيت مناسب لهذا التدخّل؟
تدخّل الأهل يمكن أن يعزّز الاهتمام والدعم النفسي للطالب نحو مجال الفنون، وقد يكون له تأثير إيجابيّ في تحفيزهم على المشاركة والتعلّم، ويمكن للأهل توفير الفرص والموارد الفنّيّة لأطفالهم، مثل الدورات، أو الزيارات إلى المعارض الفنّيّة، ما سيسهم في توسيع آفاقهم الفنّيّة.
هل تجدين أنّه قد آن الأوان للتخلّي عن الكتاب المدرسيّ بشكل كامل؟ لماذا؟
من وجهة نظري، إن الحلّ الأفضل يكون في المساواة بين استخدام الكتاب المدرسيّ كمصدر للمعرفة الأساسيّة، مثل تاريخ الفنّ على مرّ العصور، وبين استخدام أساليب تعليميّة متنوّعة ومبتكرة؛ لتنمّي الفكر الإبداعيّ، والتفكير النقديّ، وتساعد الطالب في التعبير عن نفسه فنّيًّا بطريقته الخاصّة المميّزة. أعتقد أنّه قرار يحدّد حسب احتياجات الطالب، ومرحلته العمريّة، وأهداف التعلّم المحدّدة.
كم يجب أن تكون مدّة الدوام المدرسيّ اليوميّ برأيك؟
من منظوري كمعلّمة فنون بصريّة، أرى أنّ مدّة الدوام المدرسيّ تعتمد على الفئة العمريّة للطالب، وعلى احتياجاته التعليميّة، تبعًا للمحتوى العلميّ المقرّر تدريسه.
صِفي لنا تجربتك في التعليم مُستخدمًا عنوان رواية من الأدب العربيّ أو العالميّ، وأخبرينا عن السبب وراء اختيار هذه الرواية.
سوف أستعين هنا بمقولة للفنّانة جورجيا أوكيف "اكتشفتُ أنّني أستطيعُ التعبيرَ بألوانٍ وأشكالٍ عن أشياءَ لمْ أستطعْ التعبيرَ عنها بغيرِها، أشياءَ لمْ أجدْ لها كلماتٍ تُعبّرُ عنها".
دائمًا ما أجد الفنون البصريّة لغةً وشكلًا من أشكال التواصل الذي أستخدمه طريقةً لمشاركة أفكاري مع الآخرين، لمشاركتهم ما أشعر به، أو أفكّر فيه، لإيصال رسائل إلى العالم حولي، أو التعبير عن مشاعري بطريقتي الخاصّة، والسماح لهم برؤية كيف أشعر تجاه شيء ما، أو ما أفكّر فيه بشأن شيء ما.
من الممكن أن يساعد الفنّ الطالب على تحويل التجارب الإنسانيّة الصعبة إلى أعمال فنّيّة ملهمة، تعبّر عن الشجاعة والتفاؤل. وقد تمكّنت من أن أربط ذلك بتجربتي في التعليم، إذ استخدمت الفنّ وسيلةً لابتكار أعمال فنّيّة تعبّر عن موضوع الهجرة مع طلّابي في الصفّ الثالث، حيث يمكن للفنّ أن يكون وسيلة للتعبير عن المشاعر العميقة. بالنسبة إليّ كمعلّمة فنون بصريّة، دائمًا أحثّ طلّابي على استخدام الفنّ وسيلةً للتواصل والتعبير عنهم بطرق متعدّدة ومتنوّعة.