كيف تتخيّلين شكل التّعليم لو لم تكن هُناك مدارس؟ وكيف ترين مستقبل المدرسة كمكانٍ؟
لا بدّ لنا أن نستفيد من التجربة التي مررنا بها خلال جائحة كورونا، التي فرضت علينا التفكير بعدّة سيناريوهات وكانت فرصة للتأمل للعاملين في قطاع التربويّ، فالمدرسة ممكن أن تكون افتراضيّة، أو أن تتحوّل الأماكن، مثل الغابات والأماكن الطبيعيّة، إلى مدرسة ليلمس الطالب التعلّم الواقعيّ، فالمدرسة لم تعد محصورة بمكان أو زمان، لأنّ المتعلّم يمكن أن يحصّل المعلومة من واقعه وتجربته.
كيف تصفين تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟
التعليم الوجاهيّ ضروريّ، وخاصّة لأطفال رياض الأطفال. هذا النوع من التعليم يطوّر مهارات مختلفة وضروريّة للطفل كي ينمو ويحصل على فرص متنوّعة من خلال الاكتشاف مع الاقران. وأيضًا، هي التجربة تعدّ ضروريّة لبناء وإعداد جيل متواصل ومتوازن وسويّ.
أما عن التعليم عن بُعد فقد لوحظ بأن الأطفال قد فقدوا، أو بالأحرى تراجعوا، في مهارات اللغة والمهارات الاجتماعيّة، وبالتالي فقد سلبت منهم المتعة في إقامة التجارب وفرص التعاون مع أقرانهم.
اختاري شيئًا واحدًا تودّين تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟
إن أردنا أن نغيّر في المنظومات التقليديّة، ننصح بعدم اعتماد الكتب كمصدر رئيسٍ لتحصيل المعرفة، لأن الكتب والمناهج التقليديّة لا تراعي الفروقات الفرديّة، ولا تحفّز المعلّمين على الإبداع وتطوير مهارات الطالب وتعميق فهمه للعالم من حوله.
برأيكِ، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟
انطلاقًا من أن الفنون لغة للتعبير عن المشاعر، والموسيقى لغة للتواصل؛ بمثابة بوابة عبور نتوجّه بها إلى شريحة كبيرة من المتعلّمين، ومن تجربة شخصيّة، أعتمد على تأليف الردّيّات والأغاني ودندنتها مع طلّابي لتقديم مفهوم جديد عن الألوان أو الأفعال، وأيضًا نوظّف الموسيقى ونربطها بمهارات اللغة، كتقطيع المقاطع الصوتيّة ودندنة لكلمات تحملُ إيقاعًا في الردّيّات، وعلى سبيل المثال، عندما يقرع الطفل على آلات موسيقيّة، مثل الطبل، فهو يختبر عددًا من الإيقاعات، ويقوم بتجربة الأصوات مستخدمًا الموسيقى في سياق شيّق وممتع.
إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟
برأيي ليس هناك طريقة واحدة ناجحة للتقييم، فالتقييم عمليّة مستمرّة تحتاج إلى تفكّر وتأمّل دائمين لممارساتنا كتربويّين. وانطلاقًا من مبدأ التعليم المتمايز، ننصح باستخدام طرق واستراتيجيّات عدّة باعتمادنا على البيانات التي نجمعها من الشركاء الأساسيّين: المتعلّم، والمعلّم، والأهل.
وإن أردنا ابتكار طريقة جديدة للتقييم، يمكن أن نطوّر استراتيجيّات جديدة، كالتقييم الذاتيّ والبنائيّ، بحيث يكون لكلّ متعلّم دفتر مذكّرات يدوّن ضمنهُ فهمه للمادّة، ويقيّم هذا الفهم مستخدمًا أدوات التقييم الذاتيّ، مثل: استمارات تقييم المعرفة والمفاهيم. ومن الممكن البدء بالرسم في صفوف رياض الأطفال، وصولًا للتعبير بالرسم والكتابة في المراحل الأعلى، ويكون دور المعلّم هُنا تقديم النصح والتغذية الراجعة للمتعلّم للتطوير، بطبيعة الحال بالتعاون مع الأهل والمدرسة.
كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟
يستطيع كل معلّم ربط وتوظيف الحياة اليوميّة برحلة التعليم والتعلّم، عن طريق تصميم المشاريع القائمة على المشكلات وإشراك المتعلّمين بإيجاد حلول، بالاستعانة بأهلهم والخبراء من المجتمع المحلّيّ والعالميّ. ومن التجارب الناجحة والفعّالة استخدام الرحلات المدرسيّة كمصدر مهم لجمع المعلومات وربطها بالمفاهيم المراد فهمها، ونوصي أيضًا بتصميم مساحات تعلّم محفّزة تشبه البيئة المحلّيّة التي ينتمي لها المتعلّم. ومن المساحات التي نستخدمها في مدرستنا لمقاربة الواقع وجود مطبخ يكون بمثابة مختبر لعمل التجارب العلميّة، بهدف إشراك المتعلّم بأنشطة حسّيّة وعلميّة مشوّقة، أضف إلى ذلك وجود حديقة مدرسيّة ومزرعة مصغّرة تحاكي الواقع والبيئة التي يأتي منها الطالب، لإعطاء الطالب فرصة لاستخدام استراتيجيّات الملاحظة والتدوين لتحليل المعلومات وربطها بالواقع.
ما هو التعبير الذي تُحبّين رؤيته على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّين أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟
أرى بأن كل طفل له الحقّ في أن يعبّر عن مشاعره بطريقته، وبالتأكيد أحرص على أن أرسم الابتسامة على وجوه متعلّمينا، وأودّ أن أرى الدهشة على وجوههم عندما يكتشفوا ويتعمّقوا في المفاهيم، وأيضًا أحبّ أن أراهم يغادرون المدرسة وهم يتشوّقون للعودة إليها في اليوم التالي.
من هو الطالب المُلهم؟
الطالب الملهم هو الطالب الذي يعاني من صعوبات تعلّم وهو طالب ذكيّ ومختلف، ولكنّه بحاجة لمن يدعمه ويؤمن بقدراته ويعطيه الثقة بأنه قادر على تخطّي التحدّيات. ومن تجربة شخصيّة، فقد ألهمني طفلي الذي عانى في مرحلة رياض الأطفال والسنوات الابتدائيّة الأولى من صعوبات تعلّم متعلّقة بالوعي الصوتيّ، وتذكُّر أصوات الحروف، وبالتالي شكّلت هذه المشكلة صعوبة لديه في القراءة. لقد كان مصدر إلهام لي بأن أبحث وأقرأ وأتابع مع الأخصائيّين لدعمه في هذه الجزئيّة، وبفضل تشجيع وإيمان كلّ التربويّين بقدراته، استطاع اجتياز هذه المرحلة بنجاح وأضحى قارئًا متمكّنًا.
كصديقةٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟
أنصح كل متعلّم بأن يجازف ويستقصي المعلومات من عدّة وسائل، وأوصيه بزيارة المكتبة المدرسيّة ومكتبات المجتمع المحلّيّ ليطالع وليحصّن عقله بالمعلومات التي تجعله يفكّر ويحلّل، وأن لا يخجل من الاعتراف بمخاوفه لنتمكّن من دعمه بتطوير مهاراته.
إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختارين؟
أختار مدينة ريدجيو إميليا في إيطاليا ليتعلم الطلاب عن الفنون التشكيليّة، كالنحت والرسم، وأيضًا للتعرّف على أهل المدينة الذين يعملون بشكل منظّم لخدمة أطفال المدينة ودعمهم ورعايتهم للحصول على حقوقهم بحسب منظّمة اليونسكو.