كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟
التعليم الحضوريّ قديم قدم الإنسانيّة، والحضور الفيزيقيّ ضروريّ في تلقّي الرسالة وإرسالها، ذلك لأنّ التعليم يتضمّن جانبين، هما: التربية والتعليم، لذلك فغياب المدارس يعني غياب التربية والتأطير الاجتماعيّ معًا، ما سيؤثّر مستقبلًا على التعليم نفسه.
يتّجه حضور المدرسة والمدرّس إلى الزوال، وهذا راجع لانتشار وسائل مختلفة للتعليم، كالوسائل والتكنولوجيّات الحديثة، لكنّ هذه الوسائل، نفسها، تحتاج إلى تتبع من طرف الراشد، للحيلولة دون استخدامها في غير موضعها. هذا هو الإشكال الذي طرحه التعليم عن بُعد في غياب المدرسة، ولو بشكل جزئيّ، وهذا ما يؤكّد لنا الدور المحوريّ للمدرسة والمدرّس.
ما هي أوّل نصيحة تنصح بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟
أنصحُ المعلّم الجديد بالقراءة وبتطوير ذاته المهنيّة، لأنه سيواجه، في كل مرّة، مشكلات جمّة، وهذا التطوير من شأنه أن يجعل منه مرجعًا وقدوة لمتعلّميه ومتعلّماته. والسبب هو تجاوز التقليدانيّة في التدريس، والمشاكل التي تخبّطت بها أسرة التعليم في العالم العربيّ من جهة، ومن جهة أخرى لتطوير كفاياته المهنيّة لتعميم الاستفادة والفائدة.
ما هو تعريفك للدهشة؟ وكيف وصلت إلى هذا التّعريف؟
الدهشة أُسمّيها انفعالًا ذهنيًّا، لكن لماذا؟ وكيف؟
هي حالة النفس الإنسانيّة عندما تحسّ ضمنها بخرق للمألوف، ولما هو طبيعيّ، وهي تكون عند الطفل، والتلميذ، والفيلسوف، والفنّان، وأهمّيتها أنها تؤدّي إلى القطيعة مع ما قبلها، ما يؤدّي إلى التغيُّر الذهنيّ.
وصلت إلى هذا التعريف، الذي يمزج بين الانفعال والذهن، من خصوصيّات البناء المعرفيّ عند الإنسان، والذي تحدَّثت عنه الكثير من المقاربات في علم النفس والعلوم الإنسانيّة.
ما هي مصادر الإلهام في مسيرتك التعليميّة؟ لماذا؟
الإلهام في نظري مرتبط بالبيئة، ومصدر الإلهام في نظري هو الأسرة والمدرسة والمدرّس؛ فهُم الأقرب إلى الطفل والراشد معًا.
من هو الطّالب المُتميّز برأيك؟ لماذا؟
الطالب المتميّز هو الذي يتفاعل مع محيطه المدرسيّ والمهنيّ، ويضع لنفسه مشروعًا معرفيًّا يحقّقه، وهو الذي يحدّد مكامن القوّة والضعف في المحيط ولا يسعى لتقبّل نقاط الضّعف إنّما يسعى للتغيير.
حسب معاييرك، كيف تصف المُعلّم المُلهم؟
هو المعلّم الذي يفتح الآفاق أمام متعلّميه بالتوجيه والنصيحة والعون، لأنّ دورَ المعلّم لا ينحصر في التدريس فقط، بل يمتدّ ليشمل تقديم الدعم النفسيّ والفنّيّ لمتعلّميه.
ما هو الموقف الذي تندم عليه في مسيرتك التعليميّة؟
النظر إلى التدريس بوصفه ينحصر في الفصل الدراسيّ فقط، وهو منظور يحتاج مراجعة عميقة، كون التدريس يحتاج إلى الانفتاح أكثر على الحياة المدرسيّة خارج الفصول الدراسيّة.
برأيك، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟
الإدارة تلعب دورًا مهمًّا في رفع أو خفض مستوى أداء المدرّسين والمدرّسات، من خلال القيادة أولًا، ثم إشراك المدرّسين في تدبير الشأن العامّ المدرسيّ. لكن للأسف عالمنا العربيّ، والمغربيّ خصوصًا، يشهد العكس، ويُعاني من اختزال عمل الإدارة في تعليمات مُجرّدة وشبكات للتقويم وبيروقراطيّة الرئيس والتابع.
ما الذي تُريد أن تمحوهُ من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟
طريقة التدريس اليوم يجب أن تكون ملائمة لطبيعة التغيُّرات الاجتماعيّة والثقافيّة المحلّيّة والعالميّة، ما يقتضي انفتاح المناهج، عوضًا عن اختزالها في برامج دراسيّة جاهزة، أو في طرائق مُحدّدة للتدريس، مع إعطاء الأهمّيّة الكُبرى للحُرّيّة البيداغوجيّة في اختيار طرق التنشيط الملائمة، وإشراك المدرّسين والمدرّسات في بناء البرامج والمناهج التربويّة إلى جانب المؤطّرين التربويّين واللجان المتخصّصة في هذا الأمر.
ومنظومة التقويم والتقييم التي تحتاج لأكثر من مراجعة، ليس فقط من ناحية الأطر المرجعيّة، ولكن، كذلك، من ناحية الممارسة العمليّة، لما يعتريها من سرعة وغياب الدقّة والموضوعيّة والشفافيّة في القياس. كما أن التقويم في المدرسة بحاجة للانفتاح أكثر على التراث العلميّ والأدبيّات المرتبطة بعناصر ومكوّنات التقويم في العلوم الإنسانيّة. وأخيرًا، يعاني التقويم من غياب الترصيد والتراكم والاستثمار والأرشفة داخل المدرسة، باستثناء ملفّات جامدة لا يمكن وصفها إلا بالأرشيف الإداريّ فقط.
ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليك وعلى تجربتك في الحياة؟
1. الأيديولوجيا العربيّة المعاصرة- عبد الله العرويّ.
2. أضواء على مشكلة التعليم في المغرب- محمّد عابد الجابريّ.
3. العلم والثقافة والتربية رهانات استراتيجيّة للتنمية للأستاذ المغربيّ الغالي أحرشاو، فاس، المغرب.
4. صورة المرأة عند الطفل- علي أفرفار، فاس، المغرب.
وكتب مختلفة في الفلسفة وحول الفلسفة وتاريخها، لجورج طرابشي وأميرة حلمي مطر.
وفي علم النفس كتاب: الذاكرة واللّغة: مدخل إلى الذاكرة المعجميّة من وجهة نظر معرفيّة- بن عيسى زغبوش وهو باحث وأستاذ مغربيّ.
هذه الكتب سمحت لي بأن أفكّر داخل العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة والفلسفيّة والتعليميّة بمنظورٍ ألغيت فيه المطلق، وأعطيت فيه قيمة كبرى للإنسان وللطفل.