الواجب المدرسيّ عبء أم متعة؟
هل مللتم من الواجبات المدرسيّة المألوفة؟ هل فكّرتم في تحويل الواجب المدرسيّ من عبء إلى متعة؟ ما رأيكم باختيار قصّة وقراءتها وكتابة استجابة حولها؟ تعالوا معنا لنخبركم عن مبادرة قسم اللغة العربيّة تدعى "ملفّ المطالعة"، في مدرسة ابتدائيّة.
انطلاقًا من خبرتي مدرّسةً للّغة العربيّة، وكأمّ لطفلتين في المرحلة الابتدائيّة، لاحظت أنّ الواجبات التي اعتدنا عليها هي إملاء، أو واجب نحو، أو واجب نسخ، أو قراءة نصّ موحّد للجميع وغيرها من هذا القبيل. لكنّي لم أجد فيها ما ينمّي حبّ الطفل للقراءة، أو مخزون الطفل اللغويّ، أو يحسّن طلاقته في القراءة، أو يطلق العنان لخياله. الحلّ لم يكن بعيدًا من دائرتنا، فقد وجدت وزملائي في قسم اللغة العربيّة ضالّتنا في قراءة القصص، فمكتبة مدرستنا غنيّة بأدب الأطفال، والقصص المتدرّجة. لذا، قرّرنا أن يكون واجب اللغة العربيّة هو المطالعة. المطالعة للقراءة، والمطالعة للمتعة والتّرفيه.
اختيار القصص يكون من قِبَل المدرّس والمتعلّم، فتارةً يكون الاختيار موجّهًا من قِبَل المدرّس، كون المدرّس على دراية بالمستوى القرائيّ لكلّ متعلّم، وطورًا تعطى للمتعلّم القوّة المحرّكة، ويختار بمفرده القصّة الّتي يرغب في قراءتها.
هل واجب قراءة القصّة كافٍ لتنمية اللّغة العربيّة؟
بصفتي مدرّسًا كيف سأتأكّد من أنّ المتعلّم قد قرأ القصّة وحقّق الفائدة المرجوّة منها؟
لتحقيق الهدف الذي نصبو إليه كقسم، ارتأينا تجهيز ملفّ مطالعة لكلّ صفّ. ملفّ المطالعة عبارة عن استجابات كتابيّة حول الكتاب أو القصّة المقروءة. الملفّ يتضمّن أنشطة متنوّعة، تراعي التعلّم التمايزيّ على مستوى الصفّ، وبين الصفوف الأخرى. كلّ نشاط يبدأ بملء بطاقة تعريفيّة للكتاب (اسم الكتاب، اسم الكاتب، الرّسّام، ودار النّشر). أمّا الأنشطة فنذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: لو كنت الكاتب ماذا تغيّر في القصّة؟ لو كنت البطل، كيف تتصرّف؟ ااكتب نهاية مختلفة للقصّة. لخّص القصّة بأسلوبك. اُكتب رسالة إلى الكاتب تشكره فيها على كتابه، وغيرها الكثير.
أليست هذا الأنشطة تنمّي عنصر الخيال لدى متعلّمينا؟ ألا تزيد حصيلتهم اللّغويّة؟ ألا تحسّن الطّلاقة لديهم؟ ألا تجعلهم يشعرون أنّهم جزء من الكتاب أو القصة؟ ألم تساعد هذه الأنشطة في تنمية مهارات اللغة العربيّة بطريقة غير مباشرة من نسخ وإملاء وتعبير؟
لم نتوقّف عند هذا الحدّ، بل قرّرنا أن نخصّص جزءًا من حصّة اللغة العربيّة لكلّ متعلّم لاختيار فقرة من القصّة وقراءتها أمام أقرانه في الصفّ، أو تقديم ملخّص عن مضمون القصّة. أليس بهذا الأسلوب تُعزّز القراءة والتعبير الشفهيّ؟
مع قراءة القصص، بدأ الآن المتعلّمون يتسابقون لإنهاء ملفّ المطالعة والمطالبة بواحد آخر؛ فكلّما قرأ أطفالنا أكثر، أصبح تفكيرهم أعمق. فقُل لي كم كتابًا تقرأ، أقُل لك مَن أنت!