المهارة تَعني القدرة على أداء عمل أو مهمّة بطريقة مُتقنة. والمهارة تلعب دورًا كبيرًا في نجاح الفرد بما يقوم به، أمّا مهارة طرح الأسئلة فهي القدرة على طرح الأسئلة الموجّهة والهادفة لأنّها تعتبر مكمّلة لمهارة التّواصل.
وإن تساءل أحدنا لماذا نتعلّم مهارة طرح الأسئلة؟ ومن يستخدم هذه الأسئلة؟ وكيف يستخدمها؟ وهل بالإمكان الاستغناء عن الأسئلة؟ أقول لهُ أوّلًا وآخرًا، لا يمكن إطلاقًا الاستغناء عن هذه المهارة، لأننا بحاجة ماسّة إليها في الحجرات الصفّيّة لإتمام العمليّة التّعليميّة، إلى جانب كونها تُثير اهتمام الطلّاب للبحث عن إجابات أو لإبراز مشاكل تهمّنا أو لإيجاد حلول لمشاكل تعترض سبيلنا.
إنّ الأسئلة ضرورة ملحّة داخل الحجرة الصّفيّة، لأنها تجذب انتباه المتعلّم، وتقوده إلى البحث عن المعلومات، ولأنّها تثير التّفكير الجماعيّ كما الفرديّ، هذا إن كانت تراعي المقاييس الصّحيحة. ولا يجب أن ننسى ما للأسئلة من دور فعّال في عملية قياس المهارات وتقييمها، وفي توجيه تفكير المتعلّم وفهمه وإدراكه. وللأسئلة أغراض كثيرة تتمثّل في إثارة عنصر الاهتمام والمحافظة عليه، وإثارة تفكير المتعلّم وتوجيهه للوصول إلى الهدف المراد، والأهمّ دورها في عملية التّقييم والتقويم. ولعلّ أهمية الأسئلة تتجلّى في فتحِ باب النقاشات وكسب مشاركة المتعلّمين في النقاش، وتحديد موقف كلّ متعلّم بعد التّدرج في الموضوع وصولًا إلى نهايته.
لذا، علينا معرفة أن السّؤال الجيّد يجذب انتباه المتلقّي أو المتعلّم، ويحثّه على التّفكير بطريقةٍ تُساعدهُ على بدء النّقاش صعودًا مع أسئلة المتابعة، لاستمرار الحوار المُعدّ مُسبقصا من قِبل المعلّم تِبعًا للمحاور والأهداف المُراد تحقيقها.
ومن خصائص الأسئلة نذكر أنّه يجب أن تكون:
أوّلًا: هادفة، أي مرتبطة بشكل وثيق ومباشر بالأهداف للوصول إلى الغاية المرجوّة.
ثانيًا: صياغتها جيّدة سواء طرحت مشافهة أو كتابة، وفي وقت معيّن لشخص أو طالب معيّن، (طالب لا يشارك).
ثالثًا: مناسبة ومحفّزة وترفع من الرّوح المعنويّة، وأن تكون إيجابيّة كتلك التي تستخدم (أين - كيف - متى - عدّد - لماذا... إلخ). وفي معرض كلامنا، من الضّروريّ أن نشير إلى بعض المفردات التي يجب ألا نستخدمها إلّا في الأسئلة التّمهيديّة، مثل "هل" لأنّ الإجابة عليها محدّدة ب "نعم" أو "كلّا"، أي أن السؤال مغلقٌ، ولا يمكن استكمال الحوار بعد الإجابة كمثل استخدام "كيف - لماذا - أين - اشرح... إلخ).
رابعًا: مختصرة وواضحة، ليتمكّن الطّالب من التّعبير بوضوح، فعلى المعلّم النزول إلى مستوى الطّالب ليرفعه تدريجيًّا.
خامسًا: متعلّقة بالموضوع وأهداف الدّرس.
سادسًا: مقتصرة على فكرة واحدة، فلا يضع الطّالب أمام حيرة وضياع، ذلك أنّ الأسئلة أدوات قياس لنواتج الطّالب أو المتعلّم.
ولا بدّ للمعلّم أن يُلمّ بأنواع الأسئلة وبأساليب طرحها حتى يمتلك فنّ استخدامها، فمن الأسئلة:
1. ما يوجَّه إلى جميع الطلّاب وهي الأكثر شيوعًا وتسمّى مُباشرة، إذ يطرح المعلّم السؤال وينتظر قليلًا قبل تلقّي الإجابات، على أن يكون قد خَطّط، لسبب ما، من سيجيب، بعدها يحدّد الطّالب للإجابة وبذلك يكون قد منح الجميع فرصة التفكير والمشاركة.
2. ما يوجَّه لجميع المتعلّمين دون الإشارة إلى أحد بالتحديد، ويسمّى سؤال غير مباشر، على أن يكون المعلّم قد أعطى التعليمات المسبقة بعدم المقاطعة واحترام قوانين النقاش، واتباعها بأسئلة المتابعة.
3. ما يوجَّه في المحاضرات وهدفه شدّ الانتباه والتّهيئة للموضوع المطروح. فيطرح المعلّم السّؤال ويجيب بنفسه، والغاية منه إبعاد الملل عن المحاضرة، وغالبًا ما تستخدم في قاعات الجامعات أو المحاضرات العامّة.
4. ما يُردّ للطالب نفسه لأن السؤال قد يكون مُستفزًا للمعلّم، أو لعدم معرفة المعلّم الإجابة، أو لأنّه سؤال محرج، أو لأنّ المعلّم يريد تحفيز الطالب وحثّه على البحث والاستفسار والاستقصاء، فيُردّ السّؤال إلى السّائل.
5. ما يكون مُحوّلًا من متعلّم إلى متعلّم آخر بهدف الحفاظ على مناقشة مثيرة لاهتمام الطّالب وتفتح باب النقاش بمستوى عالٍ. وهذا ما يحب حثّ المعلّم دائمًا على القيام بهِ في حال تسنّى له ذلك؛ أي تحويل السؤال إلى نقاش وإلى فرصة تعلّم لجميع الطلاب.
وأخيرًا، هناك أسئلة على المعلّم أن يتفادى استخدامها لأنها لا تعتمد على الصّدق والحقائق، أو التي تقود إلى الإجابة مثال على ذلك، " لا تحبّ السّفر برًّا أليس كذلك"؟ كذلك الأسئلة التي تحتاج وقتًا طويلًا أو استفاضةً أو تلك الغامضة.
فلنتذكّر دائمًا أنّ السّؤال النّاجح هو السّؤال الهادف، وأنّ المعلّم النّاجح يجب أن يتقن فنّ طرح الأسئلة.