ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
من أكثر الاستراتيجيّات التي أحبّها الخطوات الثلاث، لأنّها تساعد على إعادة تشكيل المجموعات وفقًا لاهتمامات التلاميذ. نقدّمُ للتلاميذ، من خلال هذه الاستراتيجيّة، خيارات متعدّدة تُثير اهتماماتهم وفضولهم، ما يدعم قوّتهم المحرّكة (agency)، ويساعدهم على تحمّل مسؤوليّة تعلّمهم.
كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
أخصّص الوقت الأطول في بداية العام الدراسيّ، ومع بداية كلّ فصل، لإنشاء الروابط والعلاقات بيني وبين التلاميذ، وبين التلاميذ أنفسهم. بناء الروابط الإنسانيّة، بالنسبة إليّ، أحد الأسباب المهمّة في يومنا هذا للذهاب إلى المدرسة، فكلّنا يعلم أنّه مع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، لن تكون بحاجة إلى الخروج من المنزل، ومن الممكن أن يصلك كل شيء بكبسة زرّ. أمّا العلاقات الإنسانيّة، فنحنُ بحاجة إلى مجهود لتكوينها والحفاظ عليها؛ كلّنا لدينا صديق مفضّل من أيّام المدرسة علاقتنا به لم تنقطع مع مرور الزمن.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
بالعودة 20 سنة إلى الوراء، قد يكون الخطأ الذي ارتكبته أنّني أردت إنجاز كل شيء وبسرعة. تعلّمت أنّ المدرّس الجيّد يعلّم ببطء كما يقول Trevor Mackanzie في كتابهِ عقليّة التساؤل الذي ترجمتُه وصدرَ عن إصدارات ترشيد التربويّة. التعليم ببطء بكلّ بساطة لأنّنا نبحث عن النوعيّة لا الكمّيّة.
افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
كلّ ورشة مهمّة بالنسبة إليّ. وقد تكون ورش العمل المتمحورة حول علم الدماغ، وكيف نتعلّم، من المواضيع المهمة، لأنّنا ما زلنا نمارس ونطبّق استراتيجيّات مضى عليها الزمن، وصفوفنا بحاجة إلى جعل التلميذ هو المحور لا المعلّم، صفوفنا بحاجة إلى تدريس الطلّاب كيف نتعلّم، وليس فقط المحتوى والمنتج. يجب تسليط الضوء على عمليّة التعلّم، والتي ستساعدنا على جعل التلاميذ متعلّمين مدى الحياة.
هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
بالطبع، فأنا أدعوهم باستمرار إلى ذلك بالمشاركة في الكتابة لمنصّة منهجيّات، أو الاشتراك بمنصّة تشبيك التي أديرها برفقة الزميلة الدكتورة نورما غمراوي. المنصّتان تقدّمان ندوات شهريّة، وفرصًا للمشاركة في منتديات، وبالطبع روابط لأهم المواقع التي من الممكن الاستفادة منها.
كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
أولياء الأمور جزء أساسيّ من عمليّة التعلّم والتعليم. ونصيحتي الوحيدة لهم هي القراءة، ثم القراءة، ثم القراءة، والتحدّث باللغة العربيّة مع أولادهم، أو تقسيم الأدوار في المنزل، فمثلًا أنا لا أتكلّم إلّا بالفرنسيّة مع ابنتي، وزوجتي تخاطبها بالعربيّة فقط.
كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
النوم باكرًا والاستيقاظ باكرًا، ومتابعة كلّ جديد من خلال قراءة الكتب التربويّة، أو المشاركة في المؤتمرات، وكتابة التدوينات، وممارسة اليوغا، أو المشي في الطبيعة، أو بالطبع إجازة مطوّلة بعيدًا عن كلّ التكنولوجيا لمدّة أسبوع سنويًّا.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
التنظيم من خلال إنشاء جدول والالتزام به. لديّ جدول ورقيّ وآخر إلكترونيّ أنظّم بهما كلّ متطلّبات الشهر: من التحضير للورش، إلى سفرات العمل، إلى الوقت المخصّص للعائلة، وصولًا إلى تحديد مواعيد للقاء الأصدقاء، أو الذهاب لمشاهدة عروض فنّيّة في دار الأوبرا.
اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
الأثر الإيجابيّ: التعرّف إلى أصدقاء من كلّ دول العالم، والقدرة على إلهامهم. الأثر السلبيّ: مهنة التعليم ترتبطُ بالمدينة الفاضلة بالنسبة إليّ، وهي التي ما زلتُ أبحث عنها في العالم العربي مع كلّ المصاعب التي تواجهنا، وبالطبع أوّلها الحروب التي تدمّر كلّ شي. ولكن الأمل بغدٍ أفضل ما زال موجودًا وبقوّة.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
أحدّثكم عن تجربة جميلة جدًّا عندما كنت معلّمًا للصفّ الرابع، قرّرنا تقديم مسرحيّة قصيرة باللغة الفرنسيّة تجمع كلّ شخصيّات قصص الأطفال كالذئب وليلى، وبياض الثلج، والأميرة النائمة وغيرها... وقرّرت مشاركة التلاميذ بهذه المسرحيّة، وأدّيتُ دور مؤلّف هذه القصص الذي يتفاجأ بتغيير القصص مع مرور الزمن. جعلت منّي هذه التجربة شريكًا في عمليّة التعلّم والتعليم، وليس فقط معلّمًا يجلس خلف مكتبه لينقل بعض المعرفة للتلاميذ.