كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وكيف ترى مستقبل المدرسة كمكانٍ؟
الذي أوجد المدارس، من وجهةِ نظري، بإمكانه أن يجد بديلًا لها يتناسب وطبيعة ما يحمل من فكر وإرادة. أمّا مستقبلها كمكانٍ فربما ستختفي المدرسة من طابعها التقليديّ كما اختفت مهن كثيرة، من منّا يتذكر ساعي البريد اليوم الذي حمل رسائل الحبّ والموت، مع أن الرسائل لم تنقطع، بل وجدت لها قنوات أخرى، كفيسبوك وواتساب، وهذا يمكن أن ينطبق على المدرسة.
كيف تصف تجربة التعليم الحضوريّ/ الوجاهيّ، بعد تجربة التعليم عن بُعد؟
التعليم عن بُعد علّمنا أن هناك فرقًا بين الحضور والغياب، بين إنسان من لحم ودمّ، وبين صورة من بعيد وصوت متقطّع، علّمنا كم نحن بحاجة لبعضنا البعض أساتذة وطلبة. التعليم الحضوريّ أعاد للتعليم عمومًا اللحم والدمّ الذي نزعه عنه التعليم عن بعد دون أن ننكر حسنات الأخير.
اختر شيئًا واحدًا تودّ تغييره في تعليم اليوم؟ لماذا؟
أن أغير نفسي أولًا، ما يجعل الكثير من الأشياء تتغير من حولي، وأن أجعل كل من ألتقي بهم من المتعلّمين يحبّون الحياة وكلَّ الناس ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا. وقد كتبت في قصيدة لي تعبيرًا عن هذا، وأغنّيها معهم أحيانًا:
نحبُّ النّاسَ كُلَّ النَّاس
وعينُ الله تَرعانا.
برأيك، كيف يُمكن توظيف الفنون أو الموسيقى في التعليم؟
لا أتصوّر شخصًا يدرس الشّعر ليست له علاقة بالموسيقى بغض النظر عن نوعها، ربما أشار "إدغار الان بو" أن الشعر فكرة ممزوجة بموسيقى، والنثر فكرة بلا موسيقى، ولكنّني لا أتصوّر حياة دون فنّ. إذا علَّمنا الطلاب هذا، فقد تمّ توظيف الثنائيّ ضمنيًّا. أما ظاهريًّا فالموسيقى أثبتت اليوم، على سبيل المثال، ضرورتها في تعلُّم الكثير من الأشياء كاللغات، وفي المعالجة النفسيّة، والأنشطة الرياضيّة.
إذا طُلب منك ابتكار طريقة جديدة لتقييم الطلبة، ماذا ستكون هذه الطريقة، وعلى ماذا ستعتمد؟
أعلم أن الامتحان أو التقويم شرّ لابد منه؛ ولذا فطريقتي أن أخرج التقويم من حجرات مغلقة تحوّل المعلّمين الحارسين إلى "سجّانين"، والطلبة إلى سجناء، سأخرجه إلى فضاء يرحب بالإبداع والابتكار، سأعول على أن الإنسان حرٌّ وقادرٌ على الفعل.
كيف يُمكننا توظيف تفاصيل الحياة اليوميّة في التّعليم؟
يمكن توظيفها كوضعيات للانطلاق والبناء، التعليم يجب أن يواكب الحياة ويعكس نبضها، لا أريد للمدرسة أن تكون كمساجد اليوم، تؤدّى فيها الصلوات وتغلق، ويمنع فيها اللغو يوم الجمعة.
ما هو التعبير الذي تُحبّ أن تراه على وجوه الطلبة؟ وكيف تحبّ أن يكون شعورهم وهم يغادرون المدرسة؟
أحب ألّا يسألوا في همسٍ كما كنتُ أفعل وأنا مُتعلّم، وما زلت أتعلم حتى الآن، "كم السّاعة؟"، وأن يقولوا كما قالوا ذات يوم، بعد أن درّستهم قصيدة محمود درويش وهم يخرجون، "أما أنا فأقول لاسمي دعكَ منّي..."، أحبّ أن أرى عيونهم تقول لي "يا ليت الجرس لم يرن...".
من هو الطالب المُلهم؟
من يقول لكَ بأفعاله شكرًا على كل حرف علّمتنيهِ، الملهم بقدر ما يترجم من معرفة إلى فعل وأسئلة أخرى.
كصديقٍ، ما هي نصيحتك المُتكرّرة للطلبة؟
بيتٌ شعريّ لتميم البرغوثي:
"ولنا نبيٌّ أفضى لكلِّ فَتًى... بأنَّ فيه نبيًّا إن هو اجتهدَ".
وآخر لدرويش:
"سأصير يوما ما أريد...".
إذا طُلب منك اختيار وجهة الرحلة السنويّة لطلّابك، أيّ مكان تختار؟
أن يسافروا في أنفسهم أولًا، ومن بعدها يستطيعون الذهاب إلى أي مكان، فكلّ الأمكنة غنيّة، "الفقر يكمن فينا" بحسب الشاعر الألمانيّ رِيلكه.