برأيك، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟
سياسة المدرسة وبرنامجها التعليميّ وإدارتها الحصيفة، هي مكونات أساسيّة لخلق بيئة تعليميّة مشوّقة ومحفّزة وجاذبة، تُحقّق التكامل والشموليّة، وتبتعد عن الإفراط في تجزئة اللوحة الفسيفسائيّة للطالب. يمهّد ذلك لتحضير الطالب لاستيعاب رؤية شاملة تحيط بالجوانب المتعدّدة له وللعالم، من أجل تخطّي تجزئة المعرفة. إنّ سياسات المدرسة المنشودة هي التي تسهّل العمليّة التعليميّة ضمن أجواء المودّة والمحبّة، والتواصل الفعّال، وشموليّة المهارات والاتّجاهات والمعارف، بالإضافة إلى تأهيل معلّمين أكفّاء لتذليل هذه المهمّات الجسام.
بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم عن بُعد وأبقيت عليها الآن؟
لقد استخدمت تقنيّات إلكترونيّة عدّة كانت هي الوسائل الوحيدة للتواصل مع الطالب وذويه. وما زلت أستخدمُ بعضها بشكل أقلّ، مثل تطبيق زووم، وغيره للتواصل مع الطالب وذويه في بعض الظروف الخاصّة.
كيف تخاطِب الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟
تعدّد الوسائل وتنوّعها ومراعاة الفروق الفرديّة، وأخصّ أيضًا مراعاة الأمزجة والتفضيلات، بخاصّة في قسم الإرشاد. الفنون جميعها والرياضة وسائط لا غنى عنها في الإرشاد، فهي ليست إضافة أو عمل تكميليّ؛ إذ لا يمكن الوصول إلى الطالب الموهوب أو العاديّ، أو الطالب من ذوي الظروف الخاصّة إلّا من خلال الفنون. استخدم الإرشاد فنّ الرسم والتشكيل، على غرار فنّ الماندلا، وفنون الأشكال الهندسيّة، لتطبيق حملات ضدّ التنمّر على سبيل المثال لا الحصر. واستخدم ووظّف أيضًا تطبيقات إلكترونيّة من خلال الموسيقى لرفع الوعي الذاتيّ وتخفيض التوتّر.
تكمن المتعة الحقيقة في عملي كمرشد في أنّ العالم بكامله وإمكاناته ومصادره متواجد بين يدي، أستطيع تطويعه لخدمة أبنائي الطلبة.
هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟
بالطبع لا، مواكبة علوم التربية ليست الشرط الوحيد للمعلّم الناجح أو المعلّم النموذج. هناك العديد من الشروط أو المواصفات، مثل أن يكون معلّمًا متواصلًا ومستمعًا فعّالًا يزوّد الطلبة بالإلهام نحو تعلّم موجّه ذاتيًّا ليكون تعلّمًا مدى الحياة. على المعلّم أن يثق بالطلّاب، ويدعم اتّخاذ المبادرات، ويقدّر الجهد لا النتيجة. المعلّم الناجح هو المعلّم الذي يضبط الصفّ من خلال اللطف والحزم والتشجيع، ما يُشعر الطالب بالانتماء والكفاءة والاتّصال، ويدعوه إلى تعلّم المهارات الحياتيّة والاستكشاف. المعلّم الناجح هو المعلّم الصبور والمتسامح والمتواضع. وهو أخيرًا من يظهر بصورة لائقة محافظًا على نظافته الشخصيّة، مرتديًا الملابس المناسبة التي تبني نموذجًا مريحًا ومرموقًا في عقول الطلبة.
ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمر هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟
هناك العديد من التغيّرات الإيجابيّة، منها المعرفة والمهارة المتقدّمة في الاستخدام الأكثر فعاليّة للتطبيقات الإلكترونيّة، بالإضافة إلى المهارات الاجتماعيّة الخاصّة بالتواصل عن بُعد، والذي يزودني بالأدوات المساعدة لشرح مفاهيم مثل الاحترام والاهتمام، والشجاعة، والشموليّة، والنزاهة. وبطبيعة الحال، هناك بعض التأثيرات السلبيّة، والتي ظهرت بعد تجربة التعليم عن بُعد، مثل ضعف أساليب التواصل بين الطلبة، والإدمان على الألعاب الإلكترونيّة.
من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّف هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟
الطالب المتسائل هو الطالب الشغّوف. في حصص الإرشاد المدرسيّ يساعدني الطالب المتسائل في البحث أكثر في مصادر التعليم الخاصّة بالإرشاد، وذلك للاستفاضة أكثر بمواضيع متجدّدة، و/ أو التعمّق في الجوانب الاجتماعيّة النفسيّة للطالب.
ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟
الزيّ المدرسيّ يوفّر النظام والتماثل ويقلّل الطبقيّة والفئويّة، ويعزّز الشعور بالانتماء للمدرسة ليعمّمه الطالب للانتماء للوطن نحو مواطن عالميّ لاحقًا، ويوفّر الوقت والجهد للاستعداد الصباحيّ للمدرسة. وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون مُملًّا للطالب أحيانًا، ويصبح رتيبًا لا يسمح بالإبداع والتفرّد. بعض الأمور يصعب حسمها بالمطلق، ولكنّني أميل أكثر نحو الزيّ المدرسيّ غير متجاهلٍ لبعض سلبيّاته.
ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟
دفع الطلبة لإدراك الإيجابيّات في المدرسة، وبالتالي سيشعرون بالأمان داخل المدرسة الخالية من الإساءة، وتطوير مشاعر الامتنان والانجاز والكفاءة، بالإضافة إلى تحفيزهم على البحث عن الهدف ومحاولة تحقيقه، وتزويد الطلبة بنشاطات وحملات جديدة باستمرار، ليشعروا بالتجديد وحبّ البحث باستمرار، وتعريف الطلبة بقيم الجمال والصدق، بالإضافة إلى استخدام الموسيقى والفنون من أجل مساعدة الطالب للتعلّم بابتهاج لتحقيق الازدهار الذي يؤدّي إلى الرفاه.
ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمح أن تشارك بها؟ لماذا؟
العلاج النفسيّ بالفنّ والموسيقى، هذا المجال غير موجود بكثرة في عالمنا العربيّ وما زال في بداياته، ولأنني أعتقد بشموليّة الإنسان، فإن المجالات جميعها تشكّل في النهاية الطالب المتمتّع بالصحّة النفسيّة، فلا يوجد صحّة نفسيّة من دون الفنون كما أعتقد.
بماذا تنصح شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟
أن يكون صبورًا وقادرًا على التواصل بحُبٍّ وودٍّ مع الأطفال. إنّها مهنة ممتعة لمن يتقنها بشموليّتها، ومهنة صعبة لمن يفتقد إلى التعاطف والصبر والتواصل الفعّال، خاصّة المرشد المعلّم. العلوم متواجدة في كلّ مكان، والتعلّم سهل المنال نوعًا ما، لكنّ الوصول إلى الطالب ما بعد المعرفة هو الأهم والأصعب، بالإضافة إلى أنّ المدرسة هي المكان الأفضل للمعلّم نفسه ليتعلّم جنبًا إلى أن يُعلّم.