ما الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة التي استخدمتها في الغرفة الصفّيّة، وكيف تجاوب الطلبة معها؟
في واقع الأمر، اختياري للاستراتيجيّة ليس مبنيًّا على مدى فعّاليّتها فحسب، بل هناك عوامل تفرضها عليّ، مثل: كثافة عدد الطلّاب، وضيق وقت الحصّة الدراسيّة، فضلًا عن ضخامة المحتوى، وكثرة العطلات الرسميّة التي تعوق تنفيذ خطّة المنهاج. لذا، رأيت من الأفضل تقسيم الطلّاب إلى مجموعات صغيرة (أربع مجموعات، كلّ منها تضمّ 20 طالبًا)، للعمل على مهام محدّدة، بدلًا من محاولة التفاعل مع 80 طالبًا في الوقت ذاته. بعد ذلك، كنت أعطي كلّ مجموعة مهمَّة معيّنة للعمل عليها خلال الحصّة، مع تقديم التوجيه والإرشاد اللّازميْن لضمان فهم الطلّاب للمهمَّة وتنفيذها.
كانت استجابة الطلّاب لهذه الاستراتيجيّة إيجابيّة بشكلٍ عامّ. لم تعد كثافة عدد الطلّاب في الصفّ عائقًا بعد تقسيمهم إلى مجموعات صغيرة، وتمكّنت من توجيههم ودعمهم بشكل أفضل. كما أنّ الطلّاب استفادوا من التعلّم التعاونيّ والعمل الجماعيّ، ما زاد من حماسهم ومشاركتهم في الحصّة.
كيف توازن بين توظيف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ، والحفاظ على الجوانب الإنسانيّة والتفاعل الشخصيّ في التعليم؟
في رأيي، تُعدّ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعيّ أدوات تعليميّة مساعدة لتعزيز تجربة التعلّم للطلّاب. وهي تتيح فرصًا تفاعليّة وتعليميّة محسّنة. لذا، يجب التنويع بينها وبين الوسائل التقليديّة، لكي يحافظ المعلّمون على التفاعل الشخصيّ مع الطلّاب، وعلى الجوانب الإنسانيّة في التعليم، من خلال إجراء النقاشات، وتوجيه الطلّاب، وتقديم الدعم العاطفيّ والاجتماعيّ.
في بداية المسار المهنيّ في التعليم، يكتشف المعلّمون ممارسة خطأ يرتكبونها عن حسن نيّة، فماذا اكتشفت؟ وماذا فعلت في ذلك؟
الاستماع إلى نصائح المعلّمين الزّملاء الأقدم وتنفيذها من دون مراجعتها قد يكون غير مُجدٍ. اكتشفت أنّ بعض الزملاء قد يكونون غير مستعدّين لمشاركة تجاربهم الخاصّة، ويميلون إلى الحفاظ على معلوماتهم وخبراتهم ميزةً تنافسيّة. لذا، كان من الضروريّ القيام بالتحليل النقديّ لكلّ نصيحة، واتّخاذ القرارات المناسبة بناءً على ذلك. بالإضافة إلى ذلك، يجب الاعتماد على تجربتي الشخصيّة والتصرّف وفق قيمي ومبادئي، مع الاهتمام بتنميتي المهنيّة الذاتيّة.
افترض أنّك تقوم بإعداد ورشة عمل للمعلّمين، ما الموضوعات التي تشعر بأهمّيّتها لتطوير مهاراتهم التعليميّة، والتفاعل مع الطلّاب؟
الأمر يعتمد على احتياجات المعلّمين وبيئة عملي، إذ نحتاج إلى تعلّم فنون التواصل الفعّال مع الطلّاب، وكيفيّة التعامل مع التحدّيات السلوكيّة. كما أنّ أساليب العمل الجماعيّ والتعاون بين المعلّمين، لتبادل الخبرات والممارسات الناجحة، تُعتبر ضروريّة. وهذا ما نفتقده حقًّا.
هل ترى أنّ التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين في العالم العربيّ مهمّ في خضمّ ما يمرّ بهِ التعليم من أزمات؟ وهل تقترح مبادرةً لتحقيق التشبيك بينهم؟
أرى أنّه الوقت المناسب لتفعيل التشبيك والحوار بين المعلّمات والمعلّمين، ولا سيّما في ظلّ التحدّيات التي يمرّ فيها التعليم في فلسطين والسودان. يمكن أن يساعد هذا النوع من التبادل في تطوير أساليب التدريس، وإيجاد حلول للمشكلات التعليميّة التي تواجه المعلّمين والطلّاب في البلدين، كما يعزّز المرونة والقدرة على التكيُّف مع التغييرات الحاصلة.
أقترح تنظيم ورش ومحاضرات تدريبيّة مشتركة، بالإضافة إلى إنشاء منصّات تواصل اجتماعيّ خاصّة بالمعلّمات والمعلّمين لمشاركة الخبرات والأفكار. كما يمكن تنظيم فعّاليّات ومناسبات اجتماعيّة تجمعهم وتعزّز التواصل بينهم.
كيف تتعامل مع أولياء الأمور وتشجّعهم على المشاركة في تعليم أطفالهم؟
يُعتبر التواصل الفعّال المنتظم بين المعلّمين وأولياء الأمور ضروريًّا، من خلال دعوتهم إلى المشاركة وحضور الاجتماعات والفعّاليّات المدرسيّة. يساعدهم ذلك على التعرّف إلى البيئة التعليميّة التي يتعرّض إليها أطفالهم. ومع ذلك، تجب الإشارة إلى أنّ العديد من أولياء الأمور لا يولون اهتمامًا كافيًا لهذه الأمور، فالبعض قد ينشغلون بسبب ضغوط الحياة، بينما يعتقد كثيرون أنّ التعليم مسؤوليّة المعلّم والمدرسة فقط، كما هو الحال في الاعتقاد بأنّ العلاج مهمّة الطبيب وحده.
كيف تُحافظ على عافيتك وصحّتك النفسيّة في ظلّ التحدّيات المستمرّة؟
أحاول الاهتمام بنفسي خلال عطلة نهاية العام، حيث يكون هذا الوقت خاصًّا للاسترخاء واستعادة الطاقة. أخصّص وقتًا لممارسة أنشطة تساعدني على الاسترخاء، مثل القراءة، وممارسة الرياضة، وقضاء وقت ممتع مع عائلتي. هذا الانفصال الإيجابيّ عن بيئة العمل يساعدني على استعادة التوازن والتفكير بإيجابيّة.
ما استراتيجيّاتك الشخصيّة لتنظيم الوقت عند تغطية الأعباء المتزايدة؟
أقوم بتحديد أولويّاتي الأساسيّة والمهامّ الضروريّة التي يجب إنجازها، وأنشئ جدولًا زمنيًّا يوميًّا يساعدني على تحديد الأوقات المخصّصة لكلّ نشاط، مثل الإعداد للدروس، والاجتماعات، والمراجعة. أخيرًا، أحاول تقسيم الوقت بين العمل والاستراحة والنشاطات الشخصيّة التي تساعدني على الاسترخاء.
اذكر أثرًا إيجابيًّا لمهنة التعليم في حياتك الشخصيّة، وآخر سلبيًّا.
الأمر الإيجابيّ هو الفرصة التي أتاحها لي التعليم للتأثير الإيجابيّ على حياة طلّابي. من خلال تقديم المعرفة والإرشاد والدعم، أساعدهم على تحقيق أهدافهم، وتطوير إمكانيّاتهم. والحقيقة، يُسعدني تواصل طلّابي معي حتّى اليوم، على الرغم من ارتيادهم الكلّيّات وانتهاء المرحلة المدرسيّة، فهم ما يزالون يودّون التواصل معي. ومن جانب آخر، تمكن كتابة دواوين عن السلبيّات، لكنّني أكتفي بالإشارة إلى الضغط النفسيّ الناجم عن الأعباء الوظيفيّة، سواء أكانت تدريسيّة أو إداريّة.
ما أطرف حادثة حصلت معك في مسيرتك التعليميّة؟
أتذكّر موقفًا طريفًا يميل إلى الكوميديا السوداء خلال امتحان الصفّ الأوّل الثانويّ، حيث توقّفت خدمة الإنترنت أثناء استخدام الطلاب للأجهزة اللوحيّة "التابلت" لأداء الاختبار. حاولنا طباعة الامتحان على ورق كبديلٍ تقليديّ، لكن في الوقت نفسه انقطعت الكهرباء فجأة، ولم نتمكّن من طباعة أي شيء، وبالتالي لم نستطع إجراء الامتحان.