تتشابه مشاعر الطلبة والأهالي والمعلّمين وقادة المدارس وعواطفهم، بداية كلّ سنة دراسيّة جديدة. إذ تتمحور كلّها حول الإجهاد والفرح والخوف والقلق والسعادة والرغبة بالإنجاز والتغيير. وكي تُوضع تلك المشاعر في طريقها الصحيح، فإنّنا جميعًا بحاجة إلى التخطيط المسبق، والإعداد الجيّد كي تكون بداية العام الدراسيّ مُشجِّعة مميّزة. والعام الدراسي كلّه مهمّ، لا بدايته فقط؛ فالمعلّمون والمعلّمات يعتقدون أنّ الاختلاف والتغيير يكون في الأسبوع الأوّل من السنة، ثمّ يكملون بقيّة الأيّام بالطرق التقليديّة العاديّة، الأمر الذي يقلّل مستويات تحفيز الطلبة ودافعيتهم بقيّة أيّام العام الدراسيّ.
تقع على عاتق قائد المدرسة مسؤوليّة مهمّة في جعل العام الدراسيّ مختلفًا، للطلبة وللمعلّمين والمعلمات على حد سواء، فهو قلب المدرسة النابض، ومُلهم الفريق بالأفكار النوعيّة طيلة العام.
التأكّد من جاهزيّة المرافق لاستقبال الطلبة والمعلّمين من المهمّات الأساسيّة، والتي لن يحتاج إلى من يُذكّره بها، لذلك فإنني أدعو قادة المدارس إلى اتّباع نهج مختلف هذه السنة يقوم على:
1. الطلب من المعلّمين والمعلّمات إعداد خططهم الدراسيّة للفصل الدراسيّ الأوّل.
2. مناقشة خطّة كلّ معلّم، والتأكّد من عدم تكرار الأنشطة على الرغم من اختلاف الوحدات الدراسيّة.
3. الاتّفاق على مواعيد الأنشطة التطبيقيّة والرحلات العلميّة وفق أعلى درجات الاستفادة منها.
4. ضمان تنويع أدوات التقييم التي سيتأكّد بها المعلّمون من تثبّت التعلّم في أذهان الطلبة.
5. الاتّفاق على اجتماع دوريّ لمناقشة ما اتّفق عليه، وليكن كلّ أسبوعين مرّة.
مثل هذه الأمور تُخرج قائد المدرسة من المهمّات الروتينيّة التقليديّة لليوم المدرسيّ، مثل المناوبات وجدول الإشغال أو الإعداد للامتحانات، وتضعه في دور جديد يتعلّق بالمهمّات التعليميّة الفنّيّة، بحيث يصبح له دور فاعل في تعلّم الطلبة، وطريقة جديدة لملاحظة أداء المعلّمين والمعلّمات.
ربما يقول قائل إنّ للمدير تخصّصًا قد يكون بعيدًا عن المعرفة الكافية بتخصّصات المعلّمين والمعلّمات. وبناء على هذا الفهم، فإنّ قائد المدرسة لن يتمكّن من تأدية متطلّبات هذا الدور الجديد على أكمل وجه.
هذا الافتراض صحيح من الناحية النظريّة، ويمكن التغلّب عليه بالاستعانة بمنسّق كلّ مادّة. فقائد المدرسة المبدع هو الذي ينظر إلى العام الدراسيّ باهتمام متساو لأسابيعه كلّها، ولا يكتفي بالتركيز على أوّله فقط؛ فمن غير المنطقي أن تنتهي الأنشطة التفاعليّة، والمهمّات الأدائيّة بين الطلبة والأهل والمعلّمين بعد أسبوع من الدوام المدرسي، ثمّ نعود إلى الرتابة والروتين القاتلين لدافعيّة الطلبة والمعلّمين على حدٍّ سواء. ومن جهة أخرى، تقع على عاتق المدير تنمية مواهبه ومعارفه للإلمام بأعلى درجات الجدّيّة بأساليب التدريس النوعيّة، وأدوات التقييم الفاعلة الحقيقيّة، ويكون بذلك قدوة للمعلّمين والمعلّمات في التطوّر والتحسّن.
العام الدراسيّ الرائع هو الآمن والجاذب بمراحله كلّها، وليس في بدايته فقط
دور المعلّمين والمتعلّمين يتبع دور قائد المدرسة. وما أودّ قوله للمعلّمين والمعلّمات بداية هذا العام الدراسيّ، إنّ التغيير يبدأ من اتّخاذكم قرارًا جادًّا بتنفيذ دقيق وواضح لمجتمعات التعلّم المهنيّة، ذلك أنّ أغلب المعلّمين يسمعون من الطلبة السؤال المُتَذَمِرَ: ماذا أستفيد من دراسة قواعد العربيّة، أو جمع الكسور، أو مبادئ نيوتن؟ ماذا ستفيدني في حياتي؟
أولى خطوات مواجهة هذا السؤال تكمن في مجتمع التعلّم المهنيّ. والتركيز على الناحية الإجرائيّة التنفيذيّة، يعني أن يكون المعلّمون على دراية بما يدور في حصص زملائهم في المرحلة الدراسيّة الواحدة. فمعلّمو الصفّ السابع لديهم فكرة عن مضمون مناهج المباحث المختلفة، وكذلك معلّمو الثامن والتاسع وهكذا. وعندما يعقدون مجتمع التعلّم الفاعل، يتّفقون على تقديم أنشطة تعلّم تظهر فيها تلك المضامين. فلو أخذنا الهمزة المتطرّفة في اللغة العربيّة، وطلب معلّم العلوم توظيفها في شرح مبادئ نيوتن، فإنّ الطالب سيلمس فعليًّا أثر تعلم اللغة العربيّة في العلوم وهكذا.
المسألة الثانية التي أقترح على المعلّمين والمعلّمات أخذها بأعلى درجات الجدّيّة، ضرورة تحليل محتوى المادّة التي سيدرسونها جيّدًا؛ كي لا يقعوا في فخّ تكرار أنفسهم، وتشابه حصصهم. فعندما يحلّلون المحتوى يعرفون مضامين الوحدة الأولى التي أخذها الطالب. ووفق هذا، فإنّ تكرارها في وحدات لاحقة سيدفعهم إلى التذكير بها فقط، والتركيز على المضامين الجديدة، وهكذا فإنّ الطالب يرى أمامه معلّمًا متجدّدًا.
لا تأخذوا الخطط جاهزة من المنصّات والمواقع
الأفكار التي أتناولها في هذه التدوينة القصيرة قابلة للتعديل والتطوير والتكييف مع البيئات المدرسيّة المختلفة، وحاجات الطلبة وتباين اهتماماتهم، وحتّى مهارات المعلّمين وحماسهم في تطبيقها، ذلك أن أحد أسباب نجاح المهمّات ملاءمتها والسياق الذي تُطبّق فيه، وإجابة المهمّات عن التساؤلات التي تدور في أذهان المنفّذين لها.
عام دراسيّ متميّز ومختلف أتمنّاه لكم، فاحرصوا أن تجعلوه كذلك. وتأكّدوا أنّ البداية القويّة للعام الدراسيّ، والبقاء في حالة مزاجيّة عالية يسهّل تحقيق الأهداف التدريسيّة والسلوكيّة، ويجعل العام الدراسيّ مختلفًا. وفي الأحوال كلّها، لا تخجلوا من طلب المساعدة والعون من المتخصّصين.