اكتساب المعرفة: رحلة بين التفكير والتحصيل
اكتساب المعرفة: رحلة بين التفكير والتحصيل
2024/07/14
مروان أحمد محمود حسن | عضو هيئة تحرير منهجيّات-مصر

تُعدّ المعرفة جانبًا أساسيًّا من الوجود الإنسانيّ، إذ هي الأساس الذي يبني عليه الفرد فهمه العالم، وبها يستطيع التغلّب على تعقيدات الحياة، واتّخاذ القرارات السليمة، والإسهام في تقدّم المجتمع. وهنا، يأتي السؤال، هل اكتساب المعرفة ناتج من التفكير؟ أم التحصيل؟

قبل الإجابة عزيزي القارئ تجدر الإشارة إلى أنّ التفكير والتحصيل مفهومان مختلفان عن بعضيهما. فالتفكير عمليّة عقليّة يستخدمها المتعلّم لاستيعاب المعلومات وتحليلها وتفسيرها والتوصّل إلى النتائج، ويتضمّن استخدام المنطق والتركيز والتحليل العميق للمفهومات.

أمّا التحصيل فهو مدى استيعاب الفرد تلك المعرفة والمهارات المكتسبة. ويعتمد التحصيل على قدرة الفرد الاستيعابيّة للمعلومات، ومدى تعلّمه، وقدرته على تطبيق ما اكتسبه بنجاح. كما يمكن قياسه من بالتقييمات والاختبارات والأداء العمليّ في مختلف المجالات.

يرتبط التفكير بعمليّة التحصيل والتعلّم، ويتّضح ذلك جليًّا في ما يأتي:

  • - يساعد التفكير على فهم المفهومات والمعلومات فهمًا أعمق، بالتحليل العميق والتفاعل مع المواد التعليميّة.
  • - يعزِّز التفكير تنمية مهارات المتعلّم العقليّة والتفكيريّة، إذ يسهم في تطوير القدرة على التحليل النقديّ، والتفكير الابتكاريّ، وحلّ المشكلات، واتّخاذ القرارات السليمة.
  • - يعدّ التفكير جزءًا من التعلّم النشط؛ إذ يشجِّع المتعلّم على المشاركة والتفاعل واستكشاف المفهومات وتطبيقها؛ بدلًا من قبولها قبولًا سطحيًّا.
  • - يعدّ التفكير أداة قويّة لحلّ المشكلات، إذ يمكن للتحليل العميق والتفكير النقديّ مساعدة المتعلّم في فهم جذور أيّة مشكلة، وتقديم حلول مبتكرة وفعّالة.
  • - يساعد التفكير على تقييم المتعلّم فِكَره ومعتقداته الخاصّة، إذ يمكن للتحليل أن يساعد على التفاعل مع وجهات النظر المتباينة، وتقييمها تقييمًا منطقيًّا ومنصفًا.
  • - يعدّ التفكير ركيزة رئيسة للإبداع والابتكار، ويمكن للمتعلّم أن يطوّر به أفكارًا جديدة.

 

والآن، يمكننا طرح هذا السؤال: ما الأساليب التي يمكنك، متعلّمًا أم معلّمًا، أن تستخدمها لتطوير تفكيرك؟

  • - احرص على تدوين يوميّاتك. احتفظ بمفكّرة تمكنك كتابة أفكارك وتجاربك وملاحظاتك وأسئلتك فيها. تساعد هذه الممارسة على التعمّق في أفكارك، وتشجِّع على التفكير الذاتيّ.
  • - تمهّل واستغرق الوقت الكافي لإبطاء عمليّة تفكيرك؛ تجنّب التسرّع في الاستنتاجات، أو قبول التفسيرات السطحيّة، وتعامل مع المعلومات تعاملًا قائمًا على التحليل والنقد، وفكِّر في وجهات نظر مختلفة قبل تكوين آرائك الخاصّة.
  • - استخدم تقنيّة الاستجواب السقراطيّ لاستكشاف الأفكار والمفهومات استكشافًا أعمق. اطرح أسئلة استقصائيّة تتحدّى الافتراضات، وتوضِّح الفهم، وتشجِّع على التفكير النقديّ. ومن أشهر هذه الأسئلة "ما الدليل الذي يدعم هذا الادّعاء؟" أو "ما الحجج المضادّة المحتملة؟".
  • - ارسم خريطة ذهنيّة مرئيّة لأفكارك، باستخدام تقنيّات رسم الخرائط الذهنيّة. ابدأ بمفهوم مركزيّ، ثمّ تفرّع إلى موضوعات فرعيّة ذات صلة؛ ممّا يساعدك على تنظيم أفكارك، وبناء روابط في ما بينها، واستكشاف جوانب مختلفة من الموضوع.
  • - عرِّض نفسك لمجموعات متنوّعة من وجهات النظر والآراء المختلفة، وانغمس في المناقشات مع أشخاص لديهم آراء مغايرة، وخلفيّات متباينة. الأمر الذي يساعدك على توسيع فهمك، وتطوير منظور أشمل.
  • - اقرأ على نطاق واسع وعميق في أنواع مختلفة من الموضوعات. اختر مقالًا، أو كتابًا، أو أوراقًا بحثيّة تحفِّز تفكيرك، لتستكشف موضوعات معقّدة. دوِّن الملاحظات، وسلّط الضوء على النقاط الرئيسة، وتفاعل مع المادّة المقروءة لتعميق فهمك.

 

خلاصة القول، المعرفة مزيج بين كليهما؛ أي تعدّ نتاجًا للتفكير والتحصيل؛ إذ تُكوَّن المعرفة بعمليّة التفكير والتحليل والاستنتاج، ثمّ تُحصَّل بالدراسة والتعلّم، وتُكتَسب من مصادر مختلفة، مثل الكتب، والمقالات، والدورات التعليميّة. وبالتالي، يمكن القول إنّ الرحلة تبدأ من التفكير الذي يسهم في تكوين المعرفة، وتنتهي بالتحصيل الذي يسهم في اكتسابها.