كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟
لا يحتاج المرء إلى تَخيُّل شكل التعليم دون مدارس لكونهِ موجودًا في الواقع، ففي مجتمعنا نجدُ المتعلّمين يتعلّمون بعيدًا عن المدرسة كمكانٍ؛ المدرسة ليست إلّا فرعًا أو مرحلة من مراحل التعلّم واستثناؤها ليس شاذًّا في أذهاننا، المدرسة كمكان لا ينعزل عن محيطه، فالمتعلّم يتعلّم من أقرانه ومجتمعه أكثر ممّا يتعلّم من أستاذه، وكلّنا يدرك ضعف المعلومة حينما تصطدم بمجتمعٍ ينتقدها، إذ تُصبح مفرّغة من تأثيرها وهي معلومة لا تجدي نفعًا، لذا فالمجتمعات التي تشجّع التعلّم الذاتيّ، خاصّة المستند على وسائل التواصل، تكون في غنى عن المدرسة في أصله، فلا فرق بين متابعة أستاذك مباشرةً حضوريًّا أو عن بُعد، والتعلّم من شريط مسجّل لأستاذ أكثر حنكة منه أو دكتور أوسع منه معرفة. وثالثة الأثافي أنّنا اليوم أمام أليّات أحسن تواصلًا وأغزر معلومات وأكثر تأثيرًا مما في المدرسة.
ما هي أوّل نصيحة تنصح بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟
التعليم مهنة متعبة تستهلك الجهد العقليّ والنفسيّ والجسديّ للمعلّم، وإن كانت نصيحتي لمن استجدّ في الميدان فلن تكون إلّا أن يقتصد من مجهوده ويدبّره بأحسن طريقة ممكنة، كما أنّ الفصل الدراسيّ يعتبر مدرسة مهمّة للمعلّم، فهي تضعك في قفص المساءلة والمتابعة وفي مرمى الملاحظة والمكاشفة ما دمت أمام ذوات واعية تثير فيها حسّ النقد والتساؤل والاكتشاف يتغيّر ويتعلّم فيها المعلّم حسب درجات التأثّر والتفاعل، لذا ينصح أن يكون المعلّم مراقبًا لأفعاله وأقواله وكل حركاته وسكناته.
ما هو تعريفك للدهشة؟ وكيف وصلت إلى هذا التّعريف؟
لما خرج أرخميدس عاريا يصيح "أوريكا... أوريكا"؛ أي وجدتها وجدتها، فهذه هي الدهشة أي التي تجعلك تتعرّى من كلّ ما يشوب لذّة اللّحظة من مشاعر فرعية تعطّل جوارحك وكلّ ما تستقبله من إشارات لتعيش تلك الحالة التي تسلبك العقل والتي تسمى الدهشة.
ما هي مصادر الإلهام في مسيرتك التعليميّة؟ لماذا؟
حينما تقف أمام المتعلّمين لن تجد إلهامًا أكبر من هذا، في كلّ لحظة تستشعر وجوب العمل والتفكير وإيجاد طرق جديدة لتيسير الدرس وتذليل الصعوبات للوصول بهم إلى محطّة الفهم، تلميذي هو ملهمي والرغبة في مساعدته هي الناقوس الذي يجعل السماء تمطر أفكارًا تنغمني وتلهمني العمل والجدّ.
من هو الطّالب المُتميّز برأيك؟ لماذا؟
الطالب المتميّز هو الذي تكون في حاجة إليه أكثر ممّا هو في حاجة إليك، فهو تعلّم أوّل درس يجب أن ندرجه في مناهجنا ألا وهو الاعتماد على نفسه، ومساعدة غيره.
حسب معاييرك، كيف تصف المُعلّم المُلهم؟
المعلّم المُلهم هو الذي يشعل تفكيرك خارج حصّته، هو الذي يملأ رأسك أفكارًا تتناطح فيه وهو بعيد عنّك في الزمان والمكان، هو الذي يوسوس إليك بضرورة إتمام واجب حصّته ومراجعة درسه ومتابعته دون وجوده في اللحظة.
ما هو الموقف الذي تندم عليه في مسيرتك التعليميّة؟
حينما تكون مضطرًا لتقييم أداء متعلّم لم يصل إلى المستوى المطلوب وتجد نفسك استنفدت معه كلّ ما يمكن لمساعدته ولم تستطع، حينها تندم كون هذا المتعلّم أصبح ضحيّة لمنظومة تربويّة أو مجتمعيّة أو أسريّة فاشلة، تعده ليكون قطعة غيار في مصنع أو محل تجاريّ أو معمل لأحدهم.
برأيك، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟
الإدارة قبل أن تكون ترسانة قوانين هي معاملة وكياسة، في بعض الأحيان تحسّ أنك في سفينة أحدهم تقوم بوظيفة تتكامل مع مهام الأخرين وتحاول ما أمكن أن تجعل ربانها، المدير، راضيًا عنك ليس لخوف منه أو تزلفًا إليه، لكن لكونه يحسن المعاملة ولا تحسّ في سفينته أنك ذلك الغلام الذي يكنس الأرض، بل نائبه الذي يتسلّم الدفة بين الفينة والأخرى.
ما الذي تُريد أن تمحوهُ من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟
سؤال جميل لأن هنالك الكثير ممّا يجب محوه في المدرسة، اليوم تسرق أعمارنا كمتعلّمين فالطفل يجد نفسه صباح مساء مع كيس الكتب يدور بين المدرسة ومنزله دهرًا ويفوت عليه حلاوة الطفولة واللعب وحلاوة زيارة الطبيعة والسفر ومشاهدة الدنيا، والحال أشدّ مع الأستاذ الذي يسخّر جُلّ أيّام حياته محبوسًا في قسمه صباح مساء، أحيانًا يعيد المعلومات نفسها لعقود من الزمن بالطريقة نفسها حتى يصدأ بفعل الرتابة والملل. لذا من الواجب أن يقتصر التمدرس على ما قلّ ودلّ في وقت قصير لنترك لنا مجالًا للاستمتاع بالحياة.
كما أنّ التقييم يجب أن يزال في أغلب المواد، لا أجد تفسيرًا لتقييم تمكن المتعلّم من بعض المواد المرتبطة بجسم المتعلّم كالرياضة أو دين المتعلّم أو تاريخه فهي مواد يكتسبها من محيطه أو أنّ تمكّنه منها يكون حسب خلقته، لذا لا يجب أن تكون مؤثّرًا على المقياس المستعمل في سيرورته التعلّميّة.
ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليك وعلى تجربتك في الحياة؟
لا بدّ أن تكون في كلّ كتاب مرجة مزهرة تثري تجربتك في الحياة، وأنبهر في بعض الأحيان ممّا في الكتب من التأثير والجماليّة، لذا لا أستغرب أنّ الله تبارك وتعالى جعل كلامه في الكتب والصحف.