تشير معظم الدراسات التربويّة والاجتماعيّة إلى ضرورة إشراك الأهل في العمليّة التعليميّة، لما في ذلك من انعكاسات إيجابيّة على التحصيل التعليميّ، وعلى تطوير المهارات الفكريّة والدافعيّة إلى التعلّم، وإلى الحدّ من المشاكل السلوكيّة والأخلاقيّة لدى أبنائهم.
وكون هذه الشراكة باتت عاملًا ضروريًّا في بناء المنظومة التربويّة والحياة الاجتماعيّة، سنسلّط الضوء على عدّة نقاط تعتبر الدافع الرئيس لقيام هذه الشراكة، ومنها:
أوّلًا: أهمّيّة إشراك الأهل في العمليّة التربويّة، لما لها من انعكاسات إيجابيّة على سلوك المتعلّمين وأدائهم في المدرسة.
ثانيًا: علاقة الأهل مع المدرسة وأجهزتها: إدارة- معلّمون- مشرفون- أخصائيّون- أهالي- تلاميذ...
ثالثًا: مشاركة الأهل بالأنشطة المدرسيّة.
رابعًا: دور الأهل في النظام التربويّ للمدرسة.
نشير قبل البدء بعرض هذه النقاط، إلى الورشة التدريبيّة التي أُعدّها مركز الدراسات اللبنانيّة، بالتعاون مع الجامعة اللبنانيّة الأمريكيّة في بيروت، تحت عنوان: "نحو تعليم أفضل: دروس مستفادة من كورونا". وقد تمحورت موضوعات الدورة حول جائحة كورونا، وما ترتّب عليها من إشكاليّات في التعليم، والوسائل والتقنيّات وكيفيّة استخدامها، والصعوبات المتنوّعة التعليميّة والإداريّة والنفسيّة، والعلاقة المتبادلة بين الأهل والمدرسة.
أثار موضوع بناء العلاقة بين المدرسة والأهل اهتمامي، لما له من أهمّيّة في عمليّة التطوير التربويّ، ولا سيّما خلال فترة جائحة كورونا، والتي رتّبت على عاتق الأهل الكثير من المسؤوليّات والتّبعات. وهذه العلاقة تقوم على علاقة تبادليّة تكامليّة، حيث يعد الأهل الركن الأساس في التربية لتعمل المدرسة على تعزيز مفهوم التربية، بحيث تتوافق مع متطلّبات الأسرة والمجتمع. كما تقوم على الشراكة والتفاعل، وتُبنى هذه الشراكة على أسس ومبادئ أهمّها التعاون والتفاهم، من أجل الارتقاء والسّمو بالمستوى التعليميّ والتربويّ للمتعلّمين، ولا يتم ذلك إلّا عن طريق معرفة جميع الأطراف من الأسرة والمدرسة وإدراكهم، لأهمّيّة وضرورة دور كلٍ منهم لإنجاح العمليّة التعليميّة والتعلّميّة والتربويّة.
أوّلًا: أهمّيّة إشراك الأهل في العمليّة التربويّة، وانعكاساتها الإيجابيّة على سلوك المتعلّمين
يقيس العديد من الأشخاص مستويات النجاح الأكاديميّ للتلاميذ بناءً على دور المعلّم، أو الدرجات الأكاديميّة أو الحالة الاجتماعيّة والاقتصاديّة، ومع ذلك فإنّ المفتاح الحقيقيّ للنجاح وأهمّها، يقوم على مدى مشاركة الأهل في التعلّم في المنزل وفي المدرسة. وتعتبر مشاركة الأهل مسؤوليّة مشتركة ومتكاملة ما بين المعلّمين والإداريّين والموظّفين، لتحقيق الأهداف التعليميّة وتشجيع نموّ المتعلّم.
ومن إيجابيّات دور الأهل في سلوك المتعلّمين:
- - زيادة الدافعيّة والحماس للتعلّم.
- - التحفيز الإيجابيّ لدى المتعلّمين.
- - التواصل اللاعنفيّ بين المتعلّمين واكتساب مهارات اجتماعيّة متنوّعة.
- - حلّ المشكلات: الأكاديميّة والسلوكيّة والنفسيّة التي تواجه المتعلّمين، وخصوصًا الذين لديهم صعوبات تعلميّة، أو من ذوي الاحتياجات الخاصّة.
- - اطّلاع الأهل على سير العملية التربويّة والمشاركة في حضور الاجتماعات الفصليّة والدوريّة وتلبية دعوات المدرسة المقدّمة من قبل الإدارة والمعلّمين والاختصاصييّن.
- - ضرورة اطّلاع الأهل على النظام الداخليّ للمدرسة، والعمل على تطوير الرؤية العامّة للمدرسة ورسالتها، لما له من أهمّيّة في جعل الأهل شريكًا فاعلًا في تحسين دور المدرسة وتطويرها.
ثانيًا: علاقة الأهل مع المدرسة وأجهزتها
أ. علاقة الأهل مع الإدارة
تعمل الإدارة على التواصل الدائم مع الأهل، من خلال توجيه دعوات، ويكون دورها كوسيط ما بين المعلّمين والموظّفين والأهل، لاطلاعهم على كلّ ما يتعلّق بشؤون أبنائهم الأكاديميّة والسلوكيّة والنفسيّة، لما في ذلك من مصلحة عامّة لتطوير أدائهم الدراسيّ وتحسين سلوكهم.
ب. علاقة الأهل مع المعلّمين
تتمثلّ العلاقة بين الأهل والمعلّم من خلال:
- - التواصل مع أولياء الأمور من خلال مجموعات التواصل الخاصّة بهم، لاطلاعهم على كلّ ما يتعلّق بشؤون أولادهم، وذلك من خلال الموظّفين الإدارييّن.
- - متابعة المشاكل التربويّة والأكاديميّة لمحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها.
- - تلبية الدعوات الموجّهة إلى الأهل من قبل المعلّمين، والتعاون معهم في كلّ ما يتعلّق بشؤون أبنائهم.
- - مشاركة المعلّمين بإعداد الأنشطة المدرسيّة وتنفيذها.
- - بناء علاقة إيجابيّة مع المعلّمين لما في ذلك من أهمّيّة في نجاح أداء المدرسة وتطوّرها.
ج. علاقة الأهل والموظّفين في المدرسة
ونشير إلى أهمّيّة وجود الطاقم الإداريّ والمؤلف من المدير والنظّار وعمّال المكننة في المدرسة، بحيث تتكامل هذه العلاقة لتكوّن منظومة متكاملة لا يمكن أن تعمل إحداها من دون الأخرى.
ثالثًا: مشاركة الأهل بالأنشطة المدرسيّة
تعتبر مشاركة الأهل بالأنشطة المدرسيّة أمرًا أساسيَّا لتفعيل العلاقة ما بين المدرسة والمجتمع، وذلك من خلال المساهمة في إعداد الأنشطة ووضع الخطط لتنفيذها، والمساهمة في تأمين التمويل اللازم والتواصل مع الجهات الدّاعمة ( بلديّات- جمعيّات – جهات داعمة...).
وتتنوّع هذه الأنشطة ما بين: النوادي- الحفلات- المناسبات الوطنيّة والخاصّة- الرياضيّة- الفنّيّة- الرحلات- الثقافيّة وغيرها...
رابعًا: دور الأهل في النظام التربويّ للمدرسة
تعمل الإدارة في المدرسة، وفي بداية العام الدراسيّ، على إطلاع الأهل على النظام التربويّ والقوانين المتعلّقة بشؤون أبنائهم. وقد تعمل المدرسة على دعوة الأهل للمشاركة باجتماع لتقديم الاقتراحات الممكن العمل بها للتعديل أو للتطوير.
مقترحات عامّة: بعد هذا العرض الموجز لضرورة العلاقة والشراكة بين الأهل والمدرسة، يمكننا أن نقدّم بعض المقترحات التي يمكن العمل بها لتحسين هذه الشراكة، لما لها من أهميّة في تطوير المدرسة وتقدّمها، ومنها:
- - تأسيس ملتقى للأهل في المدرسة يتّم تفعيله من خلال مجلس الأهل، يجتمع فيه الأهل شهريًّا للتداول في الشؤون التربويّة المرتبطة بأبنائهم، والعمل على تقديم مقترحات أو إعداد برامج قابلة للتنفيذ.
- - بناء شبكة للتواصل ما بين الأهل من جهة، ومع المدرسة من جهة أخرى (موقع إلكتروني- شبكة إلكترونيّة – مجموعات...).
- - وضع برنامج عمل يتضمّن مشاريع قابلة للتنفيذ في مدى قريب، ووضع خطط مستقبليّة.