برأيك، ما هو دور سياسات المدرسة وإدارتها في خلق الجوّ الملائم لتكامل العمليّة التعليميّة؟
إذا كانت السياسة التواصليّة بين إدارة المدرسة، مع مختلف الأطراف المتداخلة في العمليّة التربويّة جيّدة، وإذا كان مدير المدرسة يحسن استعمال التكنولوجيّات الحديثة واستغلالها في إيصال المعلومات، والتي يمكن أن تساعد المدرسة من خارجها، ويتمتّع بتكوين عالي الجودة في الإدارة والقيادة، وإذا وفّرت المدرسة أنشطة موازية للدروس، كالرحلات الاستكشافيّة والترفيهيّة والنوادي الثقافيّة والعلميّة والرياضيّة، وإذا حدّدت المدرسة أهدافها لإنجاز مشروع المدرسة على المدى القريب (سنة دراسيّة)، والمدى المتوسّط (ثلاث سنوات)، بتشجيع الطلّاب وتحفيزهم، وتخصيص جوائز هامّة للمنخرطين في تحقيق أهداف الإدارة، فإنّ هذا التكامل لا يولّد إلّا نجاحًا باهرًا للمدرسة وللطلّاب تكون إدارة المدرسة وراءه.
بالعودة إلى التعليم الوجاهيّ، ما الممارسات والتقنيّات التي استعملتها في التعليم عن بُعد وأبقيت عليها الآن؟
أدّت وسائل التواصل الاجتماعيّ دورًا كبيرًا في تسهيل تمرير المعلومات إلى الطلّاب وأوليائهم منذ سنوات. وما تزال عنصرًا هامّا للتعلّم عبر مشاهدة الفيديوهات التعليميّة، ونشر الوثائق والواجبات المنزليّة، نظرًا لإدمان العديد من الطلّاب على استعمال الهواتف الذكيّة والإنترنت. من جهتي، وجدت في مجموعة الفيسبوك الخاصّة بطلّابي وسيلة تواصل بيني وبينهم، مع أنّ العديد منهم توجّه إلى استعمال الإنستغرام أكثر.
كيف تخاطِب الاهتمامات المتعدّدة للمتعلّمين، لا سيّما الشغوفون منهم بالفنّ والموسيقى والرياضة؟
أدرّس مادّة الإعلاميّة، وأحاول اكتشاف المواهب عبر الواجب المنزليّ في درس مونتاج فيديو للسنة الثامنة أساسيّ، بطلب تسجيل فيديو، يقدّم فيه الطالب نفسه وهواياته، ويثري ما قدّمه بمقاطع من مشاركاته في مختلف النشاطات والتظاهرات. ثم أعرض الفيديو على بعض زملاء الاختصاص الذين يمكن لهم أن يساعدوا الطالب في تنمية مهاراته، أو توجيهه إلى أنشطة خارج المدرسة، مثل دور الثقافة أو الجمعيّات الرياضيّة.
هل متابعة مستجدات علوم التربية شرط وحيد للمعلّم الناجح؟ لماذا؟
لا يمكن ربط أيّ نجاح بعنصر وحيد، إذ تتوفّر له عدّة أسباب. يمكن أن يستمدّ المعلّم نجاحه من تكوينه الأكاديميّ، ونشاطه الدائم، وتجاربه المختلفة في مختلف المجالات، شريطة التوظيف الجيّد لكلّ المستجدّات في العمليّة التربويّة، عبر القبول بالرأي المخالف، والبحث المتواصل، لتقديم أكثر ما يمكن من وسائل وطرق وأمثلة لشرح الوضعيّات التي يمكن أن تكون معقّدة، أو تحمل في طيّاتها اختلافات في وجهات النظر.
ما التغيّرات التي لحظتها عند الطلبة بعد تجربة التعليم عن بعد؟ وكيف تستثمر هذا التغيّر في تجديد مقاربتك التعليميّة؟
أجبرت فترة الحجر الصحّيّ الشّامل الجميع على استعمال التكنولوجيّات الحديثة في التواصل. وكان لقطاع التربية فرصة لتطوير طرق التعلّم عن بعد؛ فانخرطنا جميعًا في الحضور، أو تأمين حصص تدريس، أو تكوين عن بُعد، والتي أبرزت أن أكثر سبب يعطّل هذه الحصص هو التحدّث في الوقت نفسه. هذا العامل يمكن اكتشافه ومعالجته أثناء دروس معالجة الصوت ومونتاج الفيديو. فكانت الدروس الحضوريّة أكثر هدوءًا وانصاتًا لكلّ متحدّث، وأعطت قيمة أعلى للمعلومة الهامّة التي يمكن أن تُمرّر في جزء من الثانية.
من هو الطالب الشغوف بالتعلّم؟ وكيف توظّف هذا الشغف في مادّتك أو الحصّة الدراسيّة؟
الطالب الشغوف هو الذي يبحث عن تنمية معارفه ومهاراته لوحده، ويتوسّع في ذلك أحيانًا داخل القسم مع معلّمه الذي يمكن أن يكتشف الجانب الإبداعيّ المخفيّ له، ويساعده على اختيار السبيل الأنسب نحو النجاح. لمست الإبداع في بعض طلّابي، ولا سيّما في الجانبين الفنّيّ والرياضيّ. لكن في مجال اختصاصي، فقد استقطبتهم إلى نادي الروبوتيك الذي حرّرنا من المنهاج الكلاسيكيّ، وترك لنا حرّيّة اختيار المشاريع التي تتماشى مع شغفهم في المعرفة.
ما رأيك في ارتداء الطلّاب الزيّ الموحّد؟
من بين النقاط الإيجابيّة للزيّ الموحّد ظهور جميع الطلّاب في مظهر متساوٍ في ما بينهم، فتغيب الفروقات الاجتماعيّة وتغرس فيهم روح الانتماء إلى المؤسّسة نفسها.
ما مُمارساتك اليوميّة التي توظّفها لتحقيق الرفاه المدرسيّ؟
يمكن أن تكون لطبيعة المادّة المُدرّسة الأثر الإيجابيّ في تحقيق الرفاه المدرسيّ، فمادّة الإعلاميّة لا يمكن لها إلّا أن تُستغلّ في التعامل المباشر مع التكنولوجيّات الحديثة، وشبكة الإنترنت، وشبكات التواصل الاجتماعيّ، وذلك للصعود في سُلّم المعرفة في أجواء أقلّ توتّرًا في بعض الموادّ الأخرى.
ما مجالات التطوير المهنيّ التي تطمح أن تشارك بها؟ لماذا؟
بعد تجربة فاقت العقدين من الزمن في التدريس، وجدت أنّني في حاجة إلى تعلّم المسرح، لما فيه من قدرة على تمثيل مختلف الأدوار بأساليب مختلفة، لتمرّر للجمهور مجموعة من الأحاسيس يمكن لها أن تسهّل فهم مختلف القضايا والمعارف المطروحة.
كما أبحث دائمًا عن تجارب للمقارنة في دول أخرى، سواء كانت بيداغوجيّة أو إداريّة، بغية الاستفادة منها داخل القسم والمدرسة والمجتمع.
بماذا تنصح شخصًا يريد أن يصبح معلّمًا؟
في كل مرّة أحضر فيها حفلًا لتكريم أحد زملائنا المحالين إلى التقاعد، وأسمع شهادته حول مهنة التدريس، ويسرد مسيرة خمس وثلاثين سنة في أقلّ من عشر دقائق، يزداد حبّي لمهنتي. أنصح طلبة علوم التربية أن يواكبوا مثل هذه الفعاليّات، لأنّها تقدِّم دروسًا لا تُقدَّم في مدارج الجامعات.
كما لا يمكن أن يمارس مهنة المعلّم من لم يحسن الإنصات، ولم يتحلّ ببرودة الأعصاب، ولا يملك جانبًا من الروح الفكاهيّة، ويكتفي بعدد ساعات العمل داخل القسم، ولا يبحث عن كلّ ما هو جديد في التربية والتعليم.