يُعدّ بكاء الطفل في المدرسة، أحيانًا، أمرًا طبيعيًّا، ولا سيّما في مراحله الدراسيّة الأولى، وذلك بسبب خوضه تجربة جديدة تفصله عن أسرته يوميًّا مدّة غير قصيرة. لذلك، من البديهيّ أن يشعر الطفل بالخوف من ترك المنزل والاندماج في مجتمع جديد وغريب عنه. يكمن هنا دور المدرسة والأهل في تحديد المشكلة وإيجاد حلول منهجيّة لها. نذكر في هذا المقال أهمّ الأسباب التي تدفع الطفل إلى البكاء، ونقدّم بعض النصائح حول كيفيّة التعامل مع الطفل الذي يبكي في المدرسة.
استيعاب مشكلة الطفل الذي يبكي في المدرسة
بغضّ النظر عن المرحلة الدراسيّة التي يمرّ فيها طفلك، يبقى البكاء ردّة فعل ناجمة عن مشاعر وأفكار لا يستطيع طفلك كبتها. وسواءٌ أوجدتَ أسباب بكاء طفلك منطقيّة أم لا، فهي حتمًا تستوجب انتباهك ورحابة صدرك لاستيعابها. إليك أكثر هذه الأسباب شيوعًا:
القلق والانفصال عن الأهل
قد يشعر الطفل بالقلق والتوتّر عند الانفصال عن الأهل، ولا سيّما في يومه الأوّل في المدرسة. وبالتالي، قد يكون بكاء الطفل علامة على عدم الاستقرار العاطفيّ. في هذه الحالة، يُنصَح بالتحدّث مع الطفل ودّيًّا، وتشجيعه على التعرّف إلى أصدقاء جدد في المدرسة.
الخجل وعدم الثقة بالنفس
يمكن أن يشعر الطفل بالخجل وعدم الثقة بالنفس أثناء التعامل مع الأطفال الآخرين، ممّا يؤدّي إلى بكائه. وبالتالي، يجب تشجيع الطفل على التفاعل مع الآخرين وإظهار إيجابيّة تجاه نفسه.
الصعوبات الأكاديميّة
قد يكون بكاء الطفل ناجمًا عن الصعوبات الأكاديميّة، وعدم القدرة على فهم المواد الدراسيّة. في هذه الحالة، ينبغي تحديد أيّ صعوبات يواجهها الطفل وتوفير الدعم اللازم له.
التعرّض للتنمّر من زملائه وأقرانه
قد يعاني الطفل التنمّر والاضطهاد من بعض الأطفال الآخرين في المدرسة، حيث ينتهي به المطاف بالبكاء، ويعدّ ذلك من أكثر الحالات التي تستدعي تدخّلًا فوريًّا للتحقّق من وجود أيّ نوع من التنمّر، واتّخاذ الإجراءات اللازمة.
عدم الشعور بالأمان
قد لا يتعرّض الطفل بالضرورة إلى التنمّر، ولكنّه قد يبكي نتيجة غريزة في داخله، تشعره بعدم الارتياح، سواءً للبيئة عامّةً، أم للأفراد، أم لمجرّد كونه وسط مجموعة غريبة عنه تمامًا. لكن من المرجّح أن يختفي هذا الشعور بمجرّد اعتياده على المكان وتكوين صداقات.
عدم قدرته على تكوين صداقات داخل الغرف الصفّيّة
لا يمتلك جميع الأطفال القدرة ذاتها على تكوين صداقات داخل الغرفة الصفّيّة، ممّا يدفع ببعض الأطفال إلى الشعور بالوحدة والانعزال.
الشعور بانعدام الراحة الجسديّة
يمكن أن تؤثِّر بعض العوامل الجسديّة في نفسيّة الطفل، مثل الجوع أو العطش أو الإحساس بالبرد أو الحرارة. يجعل ذلك الطفل غير مرتاح، وقد ينتابه شعور بالبكاء.
نصائح حول كيفيّة التعامل مع الطفل الذي يبكي في المدرسة
إليك بعض النصائح والإرشادات التي يمكنك الاستعانة بها للتعامل مع الطفل الذي يبكي باستمرار في المدرسة:
التأكّد من سلامة الطفل
من المهمّ الحرص على سلامة الطفل صحيًّا ونفسيًّا، والتأكّد من أنّ البكاء ليس ناتجًا عن المرض أو التعب. في حال وجودهما، يجب تقديم الرعاية الطبيّة اللازمة له بسرعة.
التحدّث إلى الطفل ودّيًّا وتقديم المساعدة
يجب على المعلّم، أو المشرف المدرسيّ، التحدِّث إلى الطالب ودّيًّا عن الأسباب التي تدفعه إلى البكاء، ومحاولة تهدئته وعلاج المشكلة بالتعاون مع الإدارة المدرسيّة والزملاء.
توفير غرف صفّيّة آمنة
عندما يتعرّض الأطفال لتنمّر زملائهم، يشعرون بعدم الأمان والخوف. لذلك، يجب التأكّد من توفير غرف صفّيّة آمنة للأطفال، وخالية من مختلف أشكال التنمّر والعنف.
عدم التركيز على الطفل أثناء بكائه
في حال التأكّد من سلامة الطفل وأمانه؛ ينصح الخبراء بعدم تسليط الضوء على مشهد بكاء الطفل في الغرف الصفّيّة، ولا سيّما إذا كان سبب البكاء التذمّر والانزعاج أو لجذب انتباه المعلّم.
الابتعاد عن توبيخ الطفل
قد يؤدّي توبيخ الطفل إلى زيادة حدّة البكاء والاستمرار به لوقت أطول. لذلك، من الأفضل عدم توبيخه ومحاولة تهدئته بلطف وتهذيب.
إشراك الطفل في الأنشطة الصفّيّة
دمج الطفل داخل الغرف الصفّيّة وإشراكه في الأنشطة التي يؤدّيها زملاؤه والمعلّم من أفضل طرق تخفيف توتّره، وجعله يحبّ المدرسة، ومساعدته على التخلّص من البكاء. كما تساعد هذه الطريقة على زيادة ثقته بنفسه والتخلّص من الخجل والخوف.
طلب مساعدة الأهل
إذا استمرّ الطفل بالبكاء ولم تنجح بإيقافه؛ يجب على المشرف المدرسيّ أو المعلّم التواصل مع والدَي الطفل لطلب المساعدة، ومعرفة ما إذا كان هناك مشكلات قد حدثت مؤخّرًا في منزل الطفل، وأثّرت فيه سلبًا، أو أدّت إلى شعوره بالخوف والتوتّر.
تقديم محاضرات إرشاديّة للأهالي
بعض الأسباب التي تدفع بالأطفال إلى البكاء في المدرسة التعلّق الزائد بالوالدين، أو أحدهما، وعدم تقبّل الانفصال عنهما. من هنا، يأتي دور المدرسة التوعويّ في عقد محاضرات إرشاديّة، تساعد الأهالي على تأهيل أطفالهم للمدارس، ومساعدتهم تدريجيًّا للاعتياد على الانفصال المؤقّت عنهم أثناء التواجد في المدرسة.
* * *
يختلف الأطفال في قدرتهم على تقبّل التوجيه والإرشاد أثناء بكائهم، فلعمر الطفل وشخصيّته ومدى ارتباطه بوالديه الحصّة الأكبر من التأثير في نفسيّته. لذلك، قد يكون من المفيد البحث عن طرق مختلفة لتقديم النصائح والتوجيهات التي قد تساعد في تهدئة الطفل وتحسين حالته. قد تنجح هذه النصائح في مساعدة الأطفال، بالتعاون المشترك بين المدرسة والأهل، على الاندماج في المدرسة والتخلّص من الأسباب المؤدّية إلى البكاء. لا ننسَ التأكيد على ضرورة اللجوء إلى الاختصاصيّ التربويّ، إذا استمرّ الطفل بالبكاء ولم تنجح هذه النصائح.
اقرأ أيضًا:
الرهاب الاجتماعيّ عند الأطفال: أسبابه وعلاجه | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)
كيفيّة التعامل مع الطفل العصبيّ وكثير البكاء | منهجيات - نحو تعليم معاصر (manhajiyat.com)
المراجع
https://justreedblog.com/crying-at-school-14-simple-tips-to-stop-the-tears/
https://teacherblog.ef.com/so-a-student-cried-in-class-here-are-11-approaches-to-take/