كيف تتخيّل شكل التّعليم لو لم يكن هُناك مدارس؟ وما هو مستقبل المدرسة كمكانٍ، خصوصًا بعد تجربة التّعليم عن بُعد؟
ما توصّل إليه الإنسان من نموذج تعليميّ هو نتاج تراكميّ لقرون من البحث والتجريب، فالمدرسة هي مكان مرتبط بالوقت، ومعلّم مع متعلّم، ومناهج، فكلّ تغيير بينهم يؤثّر في تصوّرنا لشكل المدرسة، ولكن يبقى مفهوم التعليم هو المرجع، فهناك التعليم المنزليّ، والحرّ وحتى التعليم المقلوب، والتعليم عن بُعد. من هُنا، مستقبل المدرسة هو مستقبل مفهوم الزمن من حيث أهمّيّته والمعلّم من حيث وظيفته، والمتعلّم من حيث تصوّراتنا له، وأخيرًا مناهجنا ومرجعيّاتها الفلسفيّة والفكريّة والدينيّة.
ما هي أوّل نصيحة تنصح بها مُعلمًا جديدًا؟ لماذا؟
التعلّم الذاتيّ والصبر، فالتعليم مهمّة شاقّة تحتاج إلى صبر، ولا يمكن تصوّر الجهد المبذول من طرف المعلّمين في أقسام الابتدائيّ أو السنوات الأولى لتعليم المهارات الأساسيّة من قراءة وكتابة وحساب، وخاصة مع الإصلاحات الحديثة في المناهج، والتي تركّز على الكفاءة والجودة في التعلّم. والتعلّم الذاتيّ لتطوير مهاراته الشخصيّة، فما تعلّمه خلال التكوين الأوليّ بعد سنوات يصبح لا قيمة له، فالعلوم والمعارف تتجدّد بسرعة، وعن طريق التعلّم الذاتيّ يمكنه ربح الوقت والجهد ويمكنهُ، في الوقت ذاته، تقديم الأفضل للمتعلّمين.
ما هو تعريفك للدهشة؟ وكيف وصلت إلى هذا التّعريف؟
هي الشعور بالحيرة من تكرار المألوف دون تغيير، فالتغيير سُنّة كونيّة وما يدفعنا إلى التعلّم هو التغيير، فيجب أن نغرس في المتعلّمين روح التساؤل من خلال البحث عن ماذا ولو؟ وهي الأسئلة المفتوحة التي تدفعهم الى التفكير.
ما هي مصادر الإلهام في مسيرتك التعليميّة؟ لماذا؟
الدين من خلال المرجعيّة الإسلاميّة التي تركّز على قيمة التعلّم والتعليم، والوالدين من خلال التربية الأسريّة والتي نسعى أن يكون التعليم امتدادًا لها، والعلماء الذين تركوا بصمات في تاريخ البشريّة من خلال إنجازاتهم.
من هو الطّالب المُتميّز برأيك؟ لماذا؟
أعتقد أنّ تصوّراتنا حول الطالب المتميّز أو المتفوّق يجب أن تتغيّر، فكلّ طالب متميّز ومتفوّق لكن بطريقة مختلفة، وهذا ما أحسسته من خلال مسيرتي التعليميّة، وللأسف التعليم بشكلهِ الحاليّ يركّز على نوع أو نوعين من الذكاءات المتعدّدة فقط، ويوفّر لهم الوسائل المساعدة، ما يجعلهم متميّزين لكنّ باقي الذكاءات تفشل أو تتسرّب من المدرسة.
حسب معاييرك، كيف تصف المُعلّم المُلهم؟
المعلّم الملهم هو القادر على أن يقود التغيير في حياة المتعلّمين، فالتعليم يجب أن يركّز على إحداث الأثر من خلال تتبّع المتعلّمين خارج أسوار المدرسة.
ما هو الموقف الذي تندم عليه في مسيرتك التعليميّة؟
أعتقد أنّنا بحاجة إلى تجديد المناهج ووسائل التدريس ومفهومنا عن الوقت، فعندما تجد نفسك، كمُعلّم، تُكرّر ذات الممارسات التعليميّة لسنوات، مع اعتقادك أنّه يمكنك تحسين المردود بمناهج أخرى، يجعلك تشعر بالندم، فالأبحاث التربويّة والفيزيولوجيّة والنفسيّة في التعلّم في تطوّرٍ مُستمرٍّ، لكنّ مناهجنا ومدارسنا تحتاج إلى سنوات لمواكبة هذا التطوّر.
برأيك، كيف تؤثّر علاقة الإدارة بالمُعلّم على مسيرتهِ؟
هي علاقة تأثير وتأثّر فالإنسان اجتماعيّ بطبعه، ويحتاج بيئة مناسبة للتعلّم، وكلّما طغى الجانب الإداريّ على الطاقم المسير كلّما قلّ المردود التربويّ للمعلّم. وباعتقادي إنّ ما نحتاجه ضمن هذا السّياق هو خلق بيئة إنسانيّة في مدارسنا تجعل المعلّمين يتشوّقون إلى الذهاب إلى مؤسّساتهم وليس العكس. وهذا ما لاحظناه خلال مسيرتنا التعليميّة.
ما الذي تُريد أن تمحوهُ من طريقة التّدريس والتّقييم في مدارس اليوم؟
طريقة التدريس والتقييم مرتبطة بتصوّرنا للتعليم، فالعمليّة التعليميّة الآن أصبحت تركّز أكثر على التعلّم والمتعلّم، وأيضًا الجيل الذي يتعلّم الآن هو جيل رقميّ بامتياز، ويختلف عن جيلنا، فلهذا نحتاج إلى رسالة للمعلّمين أولًا في الوعي الرقميّ والمعلوماتيّ ليتمكّنوا من خلق فضاءات افتراضيّة مع متعلّميهم خارج أسوار المدرسة. أما التقييم والتقويم فيجب أن نُحرّر أنفسنا والمتعلّمين من مفهوم العلامة والرسوب والفشل، لأن لهذه الأدوات تأثير كبير على نفسيّة المتعلّمين، وعلينا الانتقال من التعليم من أجل التقييم والتوظيف إلى التعليم من أجل التعلّم والمهارات الحياتيّة.
ما هو الكِتاب الذي لهُ تأثير كبير عليك وعلى تجربتك في الحياة؟
هناك كتب عديدة وخاصّة عندما جمعت بين تخصّصات المعلوماتيّة وعلم النفس والتنمية الذاتيّة، ولكن في مجال التعليم ما يهمّني الآن هو "نظرية الذكاءات المتعدّدة" لهاورد غاردنر، والتقييم الموضوعيّ للمتعلّمين وكلّ البحوث والكتب المتعلّقة بهما.